المصري : الأردن عبر خلال 3 سنوات من الربيع العربي دون أحداث دراماتيكية
قال رئيس مجلس الاعيان السابق طاهر المصري إن الأردن استطاع أن يمرر ثلاث سنوات من عاصفة الربيع العربي بدون إحداث دراماتيكية دامية، وقام جلالة الملك والحكومة الأردنية بإجراء إصلاحات واكبت الكثير من المطالب الشعبية وجنبت الأردن الوقوع بالصراعات الدامية والمدمرة التي شهدتها بلدان محيطة بنا.
جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها المصري في جامعة فيلادلفيا بعنوان "المواطنة والوحدة الوطنية" حضرها مستشار الجامعة ورئيسها وعدد من أعضاء مجلس الأمناء والعمداء وأعضاء الهيئة التدريسية وجمهور من الطلبة.
وأضاف المصري أن المواطنة مفهوم يعزز تطور البلد، ويعظم الشعور بالمسؤولية، والمحافظة على مكونات الدولة إلى تطويرها على المستويات الزراعية والصناعية والتجارية والنهوض بالدولة الحديثة وصولاً إلى سيادة دولة القانون. إن ألف باء المواطنة هو أن يتمتع المواطن بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المنصوص عليها بالدستور دون تمييز، لكي يساهم ويشارك بفعالية في التنمية الشاملة في بلدة بحرص وانتماء، دون تميز على أساس الجنس واللون والعرق أو الجغرافيا.
وأشار إلى أنه من الواضح أن موضوع المواطنة لازال موضوع جدل ونقاش، ولا زالت أمور كثيرة معلقة وغير مبتوت بها، لا من قبل الحكومة ولا من قبل الدولة ولا من قبل المجتمع، وهذا يشكل عبء على تطور الدولة الأردنية الحديثة وانطلاقتها. وعبء على المواطن واستقراره، وتأثير الجدل السلبي الحاصل بهذا الخصوص، نتيجة عدم الحسم الإيجابي. وهذه القضية المفتوحة، لا شك أنها تؤثر سلباً على جوانب كثيرة من الحياة الاجتماعية السياسية والاقتصادية. كما أن تراجع مفهوم الدولة لصالح ولاءات أصغر وأضيق وغياب فكر العمل المؤسسي لإعادة انتاج الدولة المدنية، ومعنى ذلك الحقيقي وعنوانه الرئيسي هوحماية المؤسسية وعدم تغول السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية واحدة على الأخرى. بما يضمن ويفيد فصل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية والتنسيق الدستوري فيما بينها. وفي الدولة الحديثة يتم التمييز ما بين الدولة والسلطة: الدولة التي يحميها الدستور، والسلطة التي تنفذ بسلطة الدستور والتي يحاكمها الدستور وقوانينيه. لا زال هذا الأمر يتفاعل بشكل يؤسفني القول أنه تراجعي وسلبي.
وبيّن أيضاً أن الهوية الوطنية والمواطنة بمفهومها الواسع والعميق في حق العمل والتنقل والإقامة والمشاركة السياسية، والتماسك الداخلي بمعناه العام في إطار التنوع الاجتماعي الثقافي الاقتصادي والسياسي، والاستقطابات التي تحدث بمجتمعنا. ومجموعة من الحقوق هذه لا تنفصم أبداً عن المسؤوليات الموازية. ان التنوع الاجتماعي في أي بلد يثري مكوناته، ويضمن الانتماء للوطن، ويعزز الولاء السياسي للدولة ونظامها السياسي ومكوناتها. إذ تعبتر الوحدة الوطنية هي القبة التي ينضم تحت لواءها أنصار الوفاق، وأولئك الذين ينظرون إلى الدولة الوطن ملاذ آمن، يستحق أن نتصالح لأجله، ولأجل أبنائنا والأجيال القادمة والمكان الذي نريد ان نصل فيه بدولتنا من تطور ونمو وإبداع، خاصة اننا نعيش ضمن ظروف محيطة بنا غاية في الخطورة.
وشدد المصري على أن الوحدة الوطنية تعتبر مكون أساسي لأمن كينونة الدولة وأمن المواطن والمجتمع، ولا شك انها تتضمن الاتفاق على عناصر رئيسية بتكاتف المجتمع أمام الاخطار التي قد يتعرض لها. وإن للدولة وللنظام السياسي في تحقيق الوحدة الوطنية، من خلال تحقيق قنوات اتصال بين مختلف فئات المجتمع بعدالة، وتجنب الإقصاء لأي فئة كاملاً، وطرح وباستمرار صيغ حوار وخطط وطنية في مناقشة والاتفاق على القضايا الرئيسية التي ئؤرق بال المواطن والدولة. ويتم ذلك من خلال الجلوس على طاولة مستديرة للحوار. وهذا يؤدي إلى ضمان أن تقوم الدولة والنظام السياسي بالتواصل الدائم والمستمر مع مختلف الفعاليات الشعبية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة، على قاعدة سيادة دولة القانون والحكم العادل، يعزز هذا التوجه.
وكان الأستاذ الدكتور محمد أمين عواد، رئيس الجامعة قد ألقى كلمة في الحفل شكر فيها دولة الأستاذ طاهر المصري وقال: "إن موضوع المواطنة والوحدة الوطنية يأخذ أهميته من كونه موضوعا يؤثر في المجتمع ويتأثر به، فالمواطنة فطرة طبيعية مودعة في الإنسان ومن الأمور البديهيه أن يحرص المواطن الصالح على أمن وطنه واستقراره ولا يلحق الأذى به. وكذلك من الأمور الثابتة في سياسة كل دولة أن تعمل على تعزيز وحدتها الوطنية وصيانتها من العبث والعابثين وأن تعتبرها من الثوابت المقدسة وخطا أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي ذريعة. لما في ذلك من خطر على أمن الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي"
وأضاف قائلاً: "إن ضيفنا الكريم دولة السيد طاهر المصري معروف عنه حرصه على حماية وطنه ومجتمعه بما يحمل من خصال متميزة من الاتزان والتفكير المتأني والموضوعية في الطرح، وهو الذي اسهم في بناء الدولة وعركته السياسة على مدى زمن طويل من عمر الدولة الأردنية، حيث عمل وزيرا ثم رئيسا للوزراء ورئيسا لمجلس الأعيان، وكلها مواقع هامة في الدولة وإدارتها، وقد عهدنا في كل المواقع حرصه وقدرته واتزانه، وحظي باحترام الجميع وإجماعهم في بلدنا العزيز تحت ظل صاحب الجلاله الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه".
وفي ختام المحاضرة قدم رئيس الجامعة درع الجامعة لدولة الأستاذ طاهر المصري تقديراً لدوره الوطني في كافة المناصب التي تقلدها.