الرفاعي: انحاز للاصلاح الشامل.. والاولوية لقانوني اللامركزية والاحزاب
اكد رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي انحيازه للاصلاح الشامل، الذي ييعد الإصلاح السّياسي جزء منه ، وليس معزولاً ولا يمكن عزله، عن السياقات الموازية، الأخرى، في مجالات الإصلاح الإداريّ، والاقتصاديّ والاجتماعي والثقافي.
واضاف الرفاعي في معرض رده على مقال للكاتب الزميل محمد ابو رمان في يومية الغد ، والذي انتقد فيها تركيز الرئيس الرفاعي في محاضراته على اهمية الاصلاح الاقتصادي واولوية المشاريع التنموية والاقتصادية، ان ' الإصلاح الحقيقي يعني عمليّة، أفقيّة، تضمن تأمين البيئة الأمثل، وتتطلب وجود طبقة وسطى متمكنة، واعتماداً على الذات، وتنمية جدّيّة للمحافظات، وحلولاً ناجعة لمشكلة البطالة، من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودعماً وتنظيماً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهكذا'.
واكد الرفاعي ' لم أقلّل، أبداً من أهمّيّة الإصلاح السياسي. بل لقد تحدثت عنه، بوصفه: 'ضرورة ملحّة لبناء جبهة داخليّة متماسكة'. وقلت إنه: 'ضرورة حتميّة لتطوُّر الأردن ومواصلة بناء الدولة العصريّة الحديثة؛ دولة الحاضر والمستقبل'. كما تحدّثت عن حتميّة الوصول إلى المرحلة التي ينشدها جلالة الملك، وهي 'تداول تأليف الوزارات على أُسس برلمانيّة حزبيّة برامجيّة، ويضغط بقوّة لتحقيقها على أرض الواقع السياسيّ'.
وتساءل ' وهل يُفهم مما سبق، كما ذهب الكاتب المحترم، بأني أعتبر الإصلاح السياسي ثانويّاً(!)، في حين أن كلّ ما جاء في المحاضرة، إنما يؤكد وجهة نظري المعلنة والثابتة، بأن الإصلاح الاقتصادي هو رافعة مهمّة للإصلاح السياسي، تخدم أهدافه، وتضمن استقلالية قرارنا الوطني'.
واضاف ' وعندما أتحدّث عن الإصلاح الاقتصادي؛ فهو حديث سياسي، بالأساس، ومن وجهة نظر سياسيّة، اقتصادية ،اجتماعيّة، وليس حديثاً فنيّاً، ولا هو من وجهة نظر محاسبيّة'.
وذكر الرفاعي الزميل ابورمان ' إن الإصلاح الاقتصادي، الذي أتحدّث عنه، وكان جزءاً من برنامج الحكومة التي تشرّفت بحمل مسؤوليّات رئاستها، قد عرّفتُه، في محاضرتي الأخيرة، وفقاً لهذا الفهم، على أنه: 'عمليّة شاملة، تنموية، تدفع باتجاه تكريس مبدأَ الاعتماد على الذّات، وتحقيق مفهوم الاستقلال الاقتصادي، والذي هو متطلب رئيس لاستقلال الإرادة السياسيّة، والقرار الوطنيّ، والاستقرار الاجتماعي ولتحقيق العدالة التنمويّة، وتعزيز دور الدّولة الاجتماعي من خلال تأمين الدّعم، بآليّاتٍ كريمةٍ، لائقةٍ، لمستحقّيه، بدلاً من استنزافه، في قطاعاتٍ أخرى، غير محتاجة، أو غير أردنيّة.. وهو أيضاً، بالالتفات للمحافظات، والتركيز على خصائصها التنمويّة، وتحفيز الاستثمار فيها، ودعم الطبقة الوسطى وحمايتها.. وهو أيضاً، بالانتباه إلى واقع جامعاتنا وتخصّصاتها، واتجاهات البحث العلميّ، وربط مخرجات العمليّة التعليميّة بمتطلبات سوق العمل واحتياجات التنمية.. وهو، أيضاً، بمراجعة الواقع الإداريّ، ودور الهيئات المستقلة، ومستوى إنجازها وما حقّقته. وعليه، فإنّ الحديث عن الإصلاح الاقتصاديّ، إنما يعني حديثاً متداخلاً، يشمل: الإصلاح الإداريّ، والإصلاح الثقافيّ والتعليميّ، ويترتب عليه إصلاح اجتماعيّ'. وبالمحصلة، فإن هذا الإصلاح الشامل، هو ما يكفل، برأيي، نجاح وتحقق الإصلاح السياسي، والوصول إلى الأهداف الوطنيّة.. وعندما أتحدّث عن الإصلاح الاقتصادي؛ فهو حديث سياسي، بالأساس، ومن وجهة نظر سياسيّة، اقتصادية ،اجتماعيّة، وليس حديثاً فنيّاً، ولا هو من وجهة نظر محاسبيّة'.
'جراسا' تنشر رد الرئيس الرفاعي على مقال الزميل ابورمان بعنوان: 'ألم نجرّب ذلك'، والمنشور في صحيفة الغد ، بتاريخ 15 نيسان 2014، نظرا لما يثار مؤخرا حول اولوية الاصلاح ان كان سياسيا او اقتصاديا او شاملا، والذي اجاد الرئيس الرفاعي بحسم الجدل حوله.
وتاليا رد الرئيس الرفاعي :
أوّلاً؛ إنّ النقاش لمحاور المحاضرة، والتفاعل الفكري في السياسات، اختلافاً أو اتفاقاً، مع الآراء والاجتهادات الواردة فيها، هو من أهم وأبرز أهداف المحاضرة، أي محاضرة. وعندما يقدّم السياسي أفكاره للرأي العام، في محاضرة أو ندوة أو لقاء؛ إنما يقصدُ عرضها للنقاش العام، وعلى قاعدة من احترام الرأي الآخر، والحرص، مبدئيّاً، على التواصل معه، عبر آليّة الحوار، والتي تصلحُ دائماً لإدارة أيّ اختلاف محترم ومشروع بين الرؤى والاجتهادات.
ثانياً؛ ومن الواضح، أن التباين في الساحة السياسيّة والفكريّة المحليّة، اليوم، هو بين اتجاهين رئيسيين؛ الأوّل يرى أن الإصلاح السياسي، هو قانون انتخاب بمواصفات معيّنة، (مع ملاحظة عدم وجود توافق بين القوى السياسيّة المؤثّرة والفاعلة عليها)، وتأجيل أيّ مسارات أخرى، لما بعد انتخاب مجلس جديد، وفقاً للقانون الجديد (غير المتفق عليه حتى الآن)؛ فيما يرى الاتجاه الثاني، أن الإصلاح السّياسي هو جزء من سياق الإصلاح الشامل، وليس معزولاً ولا يمكن عزله، عن السياقات الموازية، الأخرى، في مجالات الإصلاح الإداريّ، والاقتصاديّ والاجتماعي والثقافي. وبالتالي، فإن الإصلاح الحقيقي يعني عمليّة، أفقيّة، تضمن تأمين البيئة الأمثل، وتتطلب وجود طبقة وسطى متمكنة، واعتماداً على الذات، وتنمية جدّيّة للمحافظات، وحلولاً ناجعة لمشكلة البطالة، من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودعماً وتنظيماً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهكذا.
وعليه، وإذا كان التباين، اليوم، هو بين هذين النهجين في التفكير، ووجدتُ نفسي أمام ضرورة الانحياز إلى واحدٍ منهما؛ فبلا أيّ شك، ودون أيّ تردّد، سأكون مع المنهج القائم على أساس التوازن في المسارات، ومع العمليّة الإصلاحيّة الشاملة، التي تكفل الديمومة، وتقوم على التوافق، وليس الوصفات السهلة والجاهزة! مع ملاحظة أني أحترم حقّ الأخ الكاتب وغيره، باختيار أي نهج آخر.
ثالثاً، ولضرورات التوضيح، أؤكد أنني، في محاضرتي كما في جميع لقاءاتي، لم أقلّل، أبداً من أهمّيّة الإصلاح السياسي. بل لقد تحدثت عنه، بوصفه: 'ضرورة ملحّة لبناء جبهة داخليّة متماسكة'. وقلت إنه: 'ضرورة حتميّة لتطوُّر الأردن ومواصلة بناء الدولة العصريّة الحديثة؛ دولة الحاضر والمستقبل'. كما تحدّثت عن حتميّة الوصول إلى المرحلة التي ينشدها جلالة الملك، وهي 'تداول تأليف الوزارات على أُسس برلمانيّة حزبيّة برامجيّة، ويضغط بقوّة لتحقيقها على أرض الواقع السياسيّ'.. وهذه الاقتباسات، هي من النصّ المنشور والمتوفّر للمحاضرة، فهل فيها تقليل من شأن الإصلاح السياسي، وهل يُفهم منها، كما ذهب الكاتب المحترم، بأني أعتبر الإصلاح السياسي ثانويّاً(!)، في حين أن كلّ ما جاء في المحاضرة، إنما يؤكد وجهة نظري المعلنة والثابتة، بأن الإصلاح الاقتصادي هو رافعة مهمّة للإصلاح السياسي، تخدم أهدافه، وتضمن استقلالية قرارنا الوطني.
على كلّ حال، إنه اختلافٌ بين منهجين في التفكير. وأكرّر، وأؤكد، أنني لا أرى اختزال الإصلاح السياسيّ في قانون انتخاب (غير متوافق عليه حتى الآن)، بل أرى أن الأولويّة هي لقانون اللامركزيّة، لضرورات ديموقراطيّة سياسيّة تنمويّة، تكفل توسيع قاعدة الشراكة وتعزيز دور الشباب، ثمّ هي لقانون أحزاب عصريّ، برامجي، يعزّز دور الأحزاب في أيّة انتخابات قادمة، ثم، هو، تالياً، لقانون انتخاب، يتم التوافق عليه، ويأخذ بالاعتبار، ضرورة التمثيل على أسس متوازية؛ سكانيّاً وجغرافيّاً، وأيضاً: تنمويّاً.
رابعاً، وفي معرض التوضيح أيضاً، فلا بُدّ من القول، إن الإصلاح الاقتصادي، وكما حرصت على تعريفه، في محاضرتي، مختلف تماماً عمّا ذهب إليه الكاتب المحترم في مقالته ، ويعتقد أننا جرّبناه.
والصحيح، إن الإصلاح الاقتصادي، الذي أتحدّث عنه، وكان جزءاً من برنامج الحكومة التي تشرّفت بحمل مسؤوليّات رئاستها، قد عرّفتُه، في محاضرتي الأخيرة، وفقاً لهذا الفهم، على أنه: 'عمليّة شاملة، تنموية، تدفع باتجاه تكريس مبدأَ الاعتماد على الذّات، وتحقيق مفهوم الاستقلال الاقتصادي، والذي هو متطلب رئيس لاستقلال الإرادة السياسيّة، والقرار الوطنيّ، والاستقرار الاجتماعي ولتحقيق العدالة التنمويّة، وتعزيز دور الدّولة الاجتماعي من خلال تأمين الدّعم، بآليّاتٍ كريمةٍ، لائقةٍ، لمستحقّيه، بدلاً من استنزافه، في قطاعاتٍ أخرى، غير محتاجة، أو غير أردنيّة.. وهو أيضاً، بالالتفات للمحافظات، والتركيز على خصائصها التنمويّة، وتحفيز الاستثمار فيها، ودعم الطبقة الوسطى وحمايتها.. وهو أيضاً، بالانتباه إلى واقع جامعاتنا وتخصّصاتها، واتجاهات البحث العلميّ، وربط مخرجات العمليّة التعليميّة بمتطلبات سوق العمل واحتياجات التنمية.. وهو، أيضاً، بمراجعة الواقع الإداريّ، ودور الهيئات المستقلة، ومستوى إنجازها وما حقّقته. وعليه، فإنّ الحديث عن الإصلاح الاقتصاديّ، إنما يعني حديثاً متداخلاً، يشمل: الإصلاح الإداريّ، والإصلاح الثقافيّ والتعليميّ، ويترتب عليه إصلاح اجتماعيّ'. وبالمحصلة، فإن هذا الإصلاح الشامل، هو ما يكفل، برأيي، نجاح وتحقق الإصلاح السياسي، والوصول إلى الأهداف الوطنيّة.. وعندما أتحدّث عن الإصلاح الاقتصادي؛ فهو حديث سياسي، بالأساس، ومن وجهة نظر سياسيّة، اقتصادية ،اجتماعيّة، وليس حديثاً فنيّاً، ولا هو من وجهة نظر محاسبيّة.
خامساً، لقد توسّعت متعمّداً، بالاقتباسات من نصّ المحاضرة، المتوفّر والموثق؛ لأؤكد أن ما ذهبتُ إليه، مختلف، جوهريّاً، عما قرأه الكاتب المحترم في محاضرتي.
وفي الختام، أكرّر الشكر لصحيفتكم الغرّاء، وأؤكد احترامي لكلّ رأي مختلف، ما دمنا متفقين على حبّ الأردن الغالي، والولاء لقيادته الهاشمية الفذّة، والحرص على مواصلة مسيرة الإصلاح والتنمية.