الاشتباكات تقترب من بغداد ومقتل العشرات
بلغ الهجوم الذي يشنه مسلحون في العراق منذ اسبوع مدينة بعقوبة على بعد 60 كلم فقط من بغداد التي خسرت الثلاثاء السيطرة على معبر حدودي ثان مع سوريا واتهمت الرياض بتقديم دعم مادي لهؤلاء المسلحين.
وقال قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الامير محمد رضا الزيدي لوكالة فرانس برس امس ان «مجموعة من المسلحين نفذوا هجوما بالاسلحة الرشاشة في بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) والقوات الامنية صدت الهجوم». واكد ضابط برتبة مقدم في الجيش ان المسلحين «تمكنوا من السيطرة على احياء الكاطون والمفرق والمعلمين في غرب ووسط بعقوبة لعدة ساعات، قبل ان تتمكن القوات العراقية من استعادة السيطرة على هذه الاحياء». وقتل 44 شخصا بالرصاص داخل مقر للشرطة في وسط بعقوبة خلال الهجوم، حسبما افادت مصادر امنية وطبية.
وهذا اول هجوم تتعرض له بعقوبة مركز محافظة ديالى منذ بدء الهجوم الكاسح للمسلحين في انحاء من العراق قبل اسبوع والذي تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة في الشمال، بينها الموصل (350 كلم شمال العراق) وتكريت (160 كلم شمال بغداد).
وجاء الهجوم على بعقوبة وهي اقرب نقطة جغرافية الى بغداد يبلغها المسلحون منذ بدء هجومهم، في وقت لا يزال قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) يشهد في بعض اجزائه اشتباكات بين قوات حكومية والمسلحين الذين ينتمون الى تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» وتنظيمات اخرى وعناصر من حزب البعث المنحل.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين قبلان لفرانس برس «هناك 50 شهيدا من المدنيين الذين سقطوا جراء الاشتباكات المتواصلة منذ يومين والرمي العشوائي والقصف وهناك ايضا عشرات القتلى من المسلحين والقوات الامنية».
واضاف ان «المسلحين يسيطرون على معظم اجزاء القضاء (380 كلم شمال بغداد) لكن لا تزال هناك بعض جيوب المقاومة من قبل القوات الامنية والاهالي»، وبينها «اجزاء من المطار».
ويقع تلعفر وهو اكبر اقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 الف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة، علما ان غالبية هؤلاء قد غادروا القضاء منذ اندلاع المعارك فيه.
وبعدما خسر العراق سيطرته على معبر ربيعة الحدودي الرسمي مع سوريا والواقع في نينوى لصالح قوات البشمركة الكردية، سيطرت مجموعة من المسلحين على معبر القائم (340 كلم غرب بغداد) الواقع في محافظة الانبار غرب البلاد بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيطه.
واوضحت مصادر امنية وعسكرية ان مسلحين قالت انهم قريبون من «الجيش السوري الحر» و»جبهة النصرة» هم الذين سيطروا على المعبر، علما ان عناصر «الجيش السوري الحر» يسيطرون منذ اشهر على الجهة السورية المقابلة من المعبر في مدينة البوكمال.
ولقي عشرات من العراقيين مصرعهم امس خلال معركة للسيطرة على عاصمة اقليمية وتسبب القتال في اغلاق مصفاة النفط الرئيسية ما أدى إلى حرمان مناطق من البلاد من الوقود والكهرباء في الوقت الذي تهدد فيه انتفاضة لمقاتلين من السنة بقاء العراق كدولة موحدة. وقالت القوات الحكومية إنها صدت محاولات من جانب مقاتلين للاستيلاء على بعقوبة عاصمة محافظة ديالى إلى الشمال من بغداد خلال قتال عنيف أثناء الليل. وقال بعض السكان ومسؤولون إن من بين القتلى عشرات المسجونين في السجن المحلي رغم أن الروايات تضاربت حول الظروف التي قتلوا فيها.
من جانبه، صرح حسين الشهرستاني نائب وزير الدفاع لشؤون الطاقة بأن عدد المتطوعين لحمل السلاح ضد تنظيم الدولة الاسلامية في الشام والعراق «داعش» تجاوز المليونين. وقال الشهرستاني في تصريح صحفي امس ان الدولة العراقية ليست مهيأة لاستقبال أعداد اضافية حيث لا يزال توافد الألاف لتسجيل أسمائهم خاصة بعد دعوة المرجع السيستاني للتطوع لمقاتلة داعش والدفاع عن المراقد الشيعية. وأضاف أن «المعركة لا أحد يعرف متى ستنتهي لكننا سننتصر وعلينا عدم الانتباه للدعايات المضادة والتقنين في استخدام المحروقات و الكهرباء و المواد الغذائية كما أن القوات العراقية في أحسن أحوالها وهي قادرة على الانتصار».
وتعزز الحكومة العراقية قواتها من القوات النظامية و المتطوعين للدفاع عن تلعفر وتكتظ مدينة سامراء بالمتطوعين وقوات الجيش للدفاع عنها وخاصة عن المرقدين الامام المهدي والحسن العسكري في مدينة سامراء.
الى ذلك، حملت الحكومة العراقية السعودية امس مسؤولية الدعم المادي الذي تحصل عليه «الجماعات الارهابية» وجرائهما التي رات انها تصل الى حد «الابادة الجماعية» في العراق، معتبرة ان موقفها من الاحداث الاخيرة «نوع من المهادنة للارهاب».
وقال مجلس الوزراء العراقي في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه انه لاحظ «موقفا وحيدا مستغربا يصدر من مجلس الوزراء السعودي واننا ندين بشدة هذا الموقف الذي نعتبره ليس فقط تدخلا في الشأن الداخلي وانما يدل على نوع من المهادنة للارهاب».
وكانت السعودية اتهمت الاثنين وفي اول تعليق رسمي على الاحداث الامنية الاخيرة في العراق، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بدفع بلده نحو الهاوية بسبب اعتماده سياسة «اقصاء» العرب السنة، مطالبة ب»الاسراع» في تشكيل حكومة وفاق وطني.
وحملت الحكومة العراقية في بيانها امس السعودية «مسؤولية ما تحصل عليه هذه الجماعات من دعم مادي ومعنوي وما ينتج عن ذلك من جرائم تصل الى حد الابادة الجماعية وسفك دماء العراقيين وتدمير مؤسسات الدولة والآثار والمواقع التاريخية والمقدسات الاسلامية».
ورات الحكومة العراقية ان «على الحكومة السعودية ان تتحمل مسؤولية ما يحصل من جرائم خطيرة من قبل هذه الجماعات الارهابية، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في هذا المجال، وستتابع الحكومة العراقية ذلك بما يتوافق مع قواعد القانون الدولي». كما دعت بغداد الحكومة السعودية الى «ضرورة التركيز على وضعها الداخلي ومراعاة عدم التهميش والاقصاء في بلدها فهي احرى بهذه النصيحة من العراق الذي تدور فيه عملية ديموقراطية وانتخابات حرة شهد العالم بنزاهتها».
وفي تطور اخر، امر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي باعفاء ضباط رفيعي المستوى في القوات الحكومية من مناصبهم وباحالة بعضهم على محاكم عسكرية ومجالس تحقيق، بحسب ما جاء في بيان رسمي بثته امس قناة «العراقية» الحكومية. ومن بين الذين امر المالكي باعفائهم قائد عمليات محافظة نينوى ورئيس اركانه وقائد فرقة المشاة الثالثة، متهما اياهم بالهرب من «ساحة المعركة» بين القوات الحكومية ومسلحين. وجاءت قرارات المالكي بعد اسبوع من سقوط محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) الى جانب مناطق اخرى من شمال البلاد بينها مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) عاصمة محافظة صلاح الدين في ايدي مسلحين ينتمون الى تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» الجهادي وتنظيمات اخرى.