الربيع قادم من جديد ...زكي بني ارشيد
أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة كان من وجهة نظر الكثيرين مفاجأة من الوزن الثقيل وخارج حدود التوقعات وشكلت العملية بمضمونها وشكلها وتوقيتها ومكانها ونجاحها صدمة قاسية هزت أركان الكيان الصهيوني من القواعد والأساسات.
فبعد أن أعلن المنسق الأميركي "كيث دايتون" انه نجح بحماية "الأمن الإسرائيلي" من خلال إنتاج الفلسطيني الجديد الملتزم بحراسة "أمن الكيان" وبموجب الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية المتفق عليه بجميع الإتفاقيات والصفقات والتعهد برعاية المصالح الأمنية "الإسرائيلية" وملاحقة قوى المقاومة وتدمير بنيتها تحت عنوان "التتسيق والتعاون الأمني" جاءت عملية الأسر في قلب الضفة الغربية حيث السيطرة الصهيونية المحكمة وخبرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية المتراكمة وحالة الإنهاك والاستنزاف التي تعرضت لها حركة حماس بفعل أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية.
تلك العملية يراها البعض أنها كانت مستحيلة ويراها قليلون انها تأخرت وبعيداً عن تلك القراءات فإن العملية كشفت عن معان كبيرة ومضامين جديدة وتوجهات تقود المنطقة نحو انعطافات مفاجئة وطرحت اسئلة ليس لها إجابات إلا في قادم الأيام حيث سيتبدي لمن كان جاهلاً وياتينا بالأخبار من لم نزود.
العملية متميزة لانها اضافت رصيدا نضاليا مبدعاً للشعب الفلسطيني وزرعت لدى الاسرى على وجه الخصوص تفاؤلاً كبيراً بإنهاء معاناتهم ومعاناة أسرهم وجاءت لمعالجة جرح غائر للشعب الفلسطيني واحرار العالم ولكن العملية التي من الواضح انها تمت بدرجة عالية جداً من الإتقان لأنها كسرت ارادة الغطرسة الصهيونية وشكلت سابقة لم تحصل في تاريخ الضفة الغربية ووضعت بيد المقاومة وزنا يعادل ثلاثة اضعاف ورقة الاسير الصهيوني "جلعاد شاليط" وشكل ذاك اللون من الإبداع النضالي نهاية لمأساة المئات من الاسرى بما فيهم من "تزينت أيديهم بدماء الصهاينة المعتدين".
اعتباراً من لحظة البدء بالتخطيط للعملية التاريخية ومروراً بالتنفيذ المتقن والأمل بنجاح العملية واتمامها ما يعني تفوقا في معركة الأمن اللازم لقهر إرادة الجيش الذي لا يقهر وزرع الحسرة في نفوس النفاق الدولي الذي سارع الى ادانة العملية واستنكارها ووصفها بالإرهاب والقسوة.
لحظة فارقة استفزت العصب الإسرائيلي الملتهب فانطلق بسرعة الصوت لترميم الهيبة وبقايا الردع فتصرف نتنياهو مثل الفيل الاحمق في متجر الخزف. فعمد الى المزيد من الإعتقال لرموز الشعب الفلسطيني وقياداته المقاومة وطلب الاستعانة من الأصدقاء جميعاً (ابو مازن والسيسي وغيرهم..) التصعيد لن يغير من المعادلة التي ترتسم ملامحها في جميع زوايا المنطقة من مصر الى سوريا والعراق الذي فجر المفاجأة الكبيرة واستكمالا بفلسطين صاحبة المفاجآت والثورات والانتفاضات وربما كان التصعيد ضرورياً لانضاج الذهنية النضالية وانتاج الانتفاضة الثالثة التي هرمنا بانتظارها.
جميع الطرق تؤدي الى القمة وقمتنا هي الحرية والانعتاق والتحرر من رهن الاحتلال وفساد الإستبداد.
حقائق التاريخ ونواميس الكون تقول للمتآمرين والمقامرين والمتخاذلين: اعملوا ماشئتم وتآمروا كما يحلوا لكم وانفقوا من خزائن النفط حتى ينضب فنحن معكم على موعد من القدر وسوف يكون انفاقكم عليكم حسرة وسوف تغلبون ولا عدوان الا على الظالمين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون والعاقبة للمتقين .
ويومئذ يفرح المؤمنون وهو منا قريب وما هو على الله بعزيز.
تحية كبيرة لأبطال الخليل لا يسعها ميزان ولا يكتبها ديوان.