الصدر لداعش : سأزلزل الارض تحت اقدامكم
حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خصومه السياسيين من توظيف الهجوم الواسع الذي يشنه مسلحون متطرفون للاطاحة به، مكررا تمسكه بأحقيته في تشكيل الحكومة المقبلة رغم الضغوط والانتقادات الداخلية والخارجية التي يواجهها.
من جهته هدد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المسلحين المتطرفين بان "يزلزل الارض" تحت اقدامهم، معلنا رفضه المساعدة العسكرية الاميركية في الوقت الذي بدأ فيه مستشارون عسكريون اميركيون مهمة في العراق تهدف الى مساعدة القوات الحكومية في وقف زحف المسلحين.
وقال المالكي في خطابه الاسبوعي "ليست خافية الاهداف الخطيرة التي تقف خلف الدعوة لتشكيل حكومة انقاذ وطني كما يسمونها فهي محاولة من المتمردين على الدستور للقضاء على التجربة الديموقراطية الفتية ومصادرة اراء الناخبين".
واضاف "ما يردده المتمردون على الدستور برفض الحديث عن العراق ما قبل نينوى وانه يختلف عن عراق ما بعد نينوى تقسيم خاطئ لا يعبر عن ادنى مسؤولية وطنية وهو محاولة لاستغلال ما تتعرض له البلاد من هجمة ارهابية لتحقيق مكاسب سياسة فئوية ضيقة".
وتابع ان "الدعوة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني تمثل انقلابا على الدستور والعملية السياسية".
ويشن مسلحو تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" "داعش " وتنظيمات سنية متطرفة اخرى هجوما منذ اكثر من اسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه بينها مدن رئيسية بينها الموصل (350 كلم شمال بغداد) في محافظة نينوى وتكريت (160 كلم شمال بغداد) في صلاح الدين.
واكد تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" اقوى التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تقاتل في العراق وسوريا، عن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.
وعلى ضوء هذا الهجوم الكاسح وخسارة الحكومة السيطرة على مناطق واسعة، يتعرض المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 ويتولى ايضا منصب القائد العام للقوات المسلحة، انتقادات داخلية وخارجية خصوصا من قبل مسؤولين اميركيين حيال استراتيجيته الامنية، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم.
ويطالب خصومه السياسيون "التحالف الوطني"، اكبر تحالف للاحزاب الشيعية، بترشيح سياسي اخر لرئاسة الوزراء، بينما يدعو قادة عشائر سنة معارضين له لم يشاركوا في الانتخابات الاخيرة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني بعيدا عن نتائج هذه الانتخابات.
غير ان المالكي يصر على احقيته في تشكيل الحكومة المقبلة على اعتبار ان الكتلة التي يقودها فازت باكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الاخرى في انتخابات نيسان/ابريل الماضي، علما ان لائحته في 2010 لم تحصل على اكبر عدد من الاصوات الا انه تولى رئاسة الحكومة لاربع سنوات.
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري دعا قادة البلاد خلال زيارته الى العراق يومي الاثنين والثلاثاء الى الوحدة والى الاسراع في تشكيل حكومة جديدة جامعة، معتبرا ان مسالة تشكيل الحكومة تشكل "التحدي" الاكبر في الوقت الحالي لمواجهة زحف المسلحين.
وفي واشنطن، اكدت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف ان المالكي "تعهد بوضوح بإنهاء العملية الانتخابية وجمع البرلمان الجديد والتقدم في العملية الدستورية باتجاه تشكيل حكومة"، واعتبرت ان تصريحاته الاخيرة "تتفق مع الالتزامات التي تعهد بها لدى وزير الخارجية والتي نأمل بقوة ان تتم".
ميدانيا، حصل الهجوم الواسع للمسلحين على زخم اضافي مع اعلان المرصد السوري لحقوق الانسان ان فصيل جبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة) في البوكمال، اكبر مدينة سورية على الحدود مع العراق، بايع "الدولة الاسلامية في العراق والشام".
وتسمح هذه الخطوة لتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" بان يكون موجودا على جانبي الحدود بما انه يسيطر اصلا على بلدة القائم (340 كلم شمال غرب بغداد) الحدودية في محافظة الانبار في غرب العراق والمقابلة لمدينة البوكمال السورية.
وهاجم المسلحون المتطرفون الاربعاء والثلاثاء قاعدة عسكرية في قضاء بلد الواقع على بعد 70 كلم شمال بغداد، الا ان القوات العراقية تمكنت من صد هجمات هؤلاء، بحسب ما افادت الاربعاء مصادرة امنية ومحلية وكالة فرانس برس.
وفجر عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" حسينيتين شيعيتين في قريتين تركمانيتين في شمال العراق، بحسب ما افاد مسؤول تركماني محلي في المنطقة فرانس برس.
ومساء الاربعاء، قتل 15 شخصا واصيب 46 بجروح في تفجيرات بحزام ناسف وقذائف هاون استهدفت منطقة المحمودية الواقعة على بعد 30 كلم جنوب مدينة بغداد، بينما قتل خمسة اشخاص واصيب 15 بجروح في انفجار سيارة مفخخة في حي كردي في شمال مدينة كركوك، وفقا لمصادر امنية وطبية.
في هذا الوقت، اكد المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا بدء اول دفعة من المستشارين العسكريين الاميركيين اجتماعاتها مع "مختلف القيادات" العراقية، قائلا "نامل ان يكون هناك تدخل حقيقي" يوفر "مساعدة حقيقية للعراق".
وكانت وزارة الدفاع الاميركية اعلنت الثلاثاء ان اول دفعة من المستشارين العسكريين الاميركيين البالغ عددهم الاجمالي 300 مستشار انتشرت في بغداد لمساعدة القوات العراقية في قتاله ضد المتطرفين الاسلاميين.
وشدد الكولونيل البحري جون كيربي على الدور "الاستشاري" لهؤلاء العسكريين الذين تتمثل مهمتهم الاساسية في تقييم حالة القوات العراقية وليس مهاجمة المقاتلين الاسلاميين، موضحا "لن نهرول لنجدة" القوات العراقية.
في موازاة ذلك، افادت صحيفة نيويورك تايمز الاربعاء ان ايران نشرت سرا طائرات مراقبة بدون طيار في العراق حيث ترسل ايضا معدات عسكرية جوا لمساعدة بغداد في معركتها ضد المتمردين السنة.
وفي خطاب تلفزيوني من النجف، قال مقتدى الصدر "بالامس خرجنا لطلب الوحدة والصلاح وسنخرج ان اقتضت المصلحة كما عهدونا اول مرة وان عادوا عدنا وسنزلزل الارض تحت اقدام الجهل والتشدد كما زلزلناها تحت اقدام المحتل".
واضاف الصدر ان على السلطات العراقية "توفير دعم دولي من الدول غير المحتلة لجيش العراق" في اشارة خصوصا الى الولايات المتحدة، معتبرا ايضا ان على "الاطراف الخارجية لا سيما قوى المحتل والدول الاقليمية رفع يدها من التدخل بالعراق وشؤونه وما يدور فيه".
وكان مقتدى الصدر الذي خاض عدة معارك مع القوات الاميركية قبيل انسحابها نهاية 2011 اقترح تشكيل وحدات امنية بالتنسيق مع الحكومة العراقية تحت مسمى "سرايا السلام"، تعمل على حماية المقدسات الاسلامية والمسيحية من "القوى الظلامية".
ونظم الاف المقاتلين الموالين للصدر وبينهم مقاتلون في "جيش المهدي" السبت الماضي استعراضات مسلحة في عدة مناطق من العراق بينها بغداد، مؤكدين استعدادهم لمقاتلة الجهاديين السنة.
وفي موازاة تحذيره للمسلحين، دعا الصدر في خطابه الاربعاء الى "الاسراع بتشكيل الحكومة الوطنية بوجوه جديدة ومن كافة الاطياف وبعيدة عن المحاصصة الطائفية"، وطالب الحكومة بان تتعهد "بامضاء المطالب السلمية المشروعة لسنة العراق المعتدلين الذين عانوا التهميش والاقصاء".
ووجد الصدر انتقادا غير مباشر الى المالكي، السياسي الشيعي الذي يحكم العراق منذ 2006 ويسعى لولاية ثالثة رغم انه يواجه اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم، حيث قال ان شيعة العراق صاروا "تحت افكاك الظالم الذي يريد المصالح الشخصية لا المذهبية ولا الاسلامية الوطنية".