استطلاع أميركي: 62 % من الأردنيين يخشون الحركات الإسلامية المتطرفة
تزامنا مع التطورات المتسارعة على الساحة الإقليمية، بسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش” على مدن عراقية، وتقدمه نحو مناطق اخرى، ومع اعلان التنظيم المتطرف إقامة "دولة الخلافة”، كشف استطلاع للرأي لمعهد "بيو” الأميركي، عن تصاعد الخوف من "تطرف إسلامي في الدول التي تقطنها أغلبية إسلامية من الشرق الأوسط الى جنوب آسيا”.
وفيما أشار الاستطلاع الى ان "الحركات الإسلامية مثل القاعدة وحزب الله وبوكو حرام او حماس، تفقد من شعبيتها”، لفت الى ان حوالي 62 % من الأردنيين "أعربوا عن قلقهم من التطرف الإسلامي”، مشيرا إلى
ان خوف الأردنيين من التطرف ارتفع بنسبة 13 %، عن العام 2012.
ورأى الاستطلاع الذي نشر الثلاثاء الماضي، ان هذا الخوف "تطور منذ عام بفعل الحرب المستمرة في سورية، والتي تشارك
فيها حركات إسلامية، وكذلك الهجمات الدموية التي تشنها حركة بوكو حرام النيجيرية”.
وأوضح المعهد عبر صفحته الإلكترونية ان الاستطلاع أجري في شهري نيسان (ابريل) وايار (مايو) الماضيين، اي قبل التطورات الأخيرة في العراق.
وعن تبريره لارتفاع نسبة الخوف من التطرف في الدول العربية وغيرها، اعتبر الباحث في شؤون الجماعات المتشددة حسن أبو هنية، ان هذه الاستطلاعات تعبر عن الأهواء خلال فترة زمنية ومكانية محددة، ولكتها لا تعبر عن معتقدات راسخة.
واوضح في حديثه امس، ما يقصده بـ”الأهواء والميول الآنية”، بقوله "مثل هذه الآراء تخضع للجو العام خلال فترة من الوقت، وبما أن منطقتنا التي يفضل ناسها بطبيعتهم ديمومة الاستقرار، تشهد فوضى منذ اعوام، فإنهم يرفضون هذه الحركات المتطرفة”.
واعتبر أبو هنية ان تصاعد وتيرة العنف في المنطقة، وإلقاء اللوم على الحركات الراديكالية في تهديد استقرارها، ادى الى مثل هذه النتائج.
وبين المعهد الاميركي ان عينة الاستطلاع هي "شريحة تتكون من اكثر من 14200 شخص في 14 بلدا إسلاميا”، وهو ما تساءل حوله أبو هنية.
ولفت الى انه "في وقت من الأوقات وعندما كانت المنطقة العربية تنعم نوعا ما بالاستقرار، فقد أيد 90 % منهم القاعدة، ذاك لأن خطرها كان بعيدا عنهم”.
وبين أنه "في الأردن وبعد تفجيرات الفنادق في العام 2005، انقلب هذا التأييد للقاعدة الى عداء لها، لأن الخطر أصبح قريبا منهم”.
ووجد الاستطلاع ان تأييد الهجمات الانتحارية في الشرق الأوسط "أعلى في الأراضي الفلسطينية”، إذ إن 46 % من المسلمين في فلسطين، يقولون إنه "في الأغلب او في بعض الأحيان، تكون الهجمات مبررة للدفاع عن الإسلام”.
وتشكل هذه النسبة لدى الفلسطينيين انخفاضا يقدر بـ16 % عن العام الماضي، بحيث كان الفلسطينيون المؤيدون لهذه العمليات يبلغون 62 % في 2013، كما ان "دعم الهجمات الانتحارية مرتفع بشكل خاص بين المسلمين في غزة (62 %) مقابل المسلمين في الضفة الغربية (36 %)، وفقا للاستطلاع.
وشهد الأردن "سلسلة هجمات إرهابية مدمرة في ثلاثة فنادق بعمان العام 2005، فانخفض التأييد لنهج الهجمات الانتحارية بين المسلمين، وكانت نسبة المؤيدين57 % قبل تلك الهجمات، في حين وصلت الى 15 % اليوم”.
اما في في لبنان فيقول 29 % من المسلمين ان "استهداف المدنيين له ما يبرره”، وهذا يشمل 37 % من المسلمين الشيعة، و21 % فقط من المسلمين السنة.
أما في مصر، فيقول الاستطلاع ان حوالي ربع مسلميها يقولون ان "التفجير الانتحاري في الغالب او في بعض الأحيان مبرر، في حين ان 18 % يتفقون مع هذا الرأي في تركيا، و16 % في فلسطين المحتلة (اسرائيل)، و15 % في الأردن، اما بين المسلمين التوانسة فتبلغ نسبة المؤيدين 5 % فقط”.
وتحت "عنوان النظرة لحماس سلبية حتى في الأراضي الفلسطينية”، قال الاستطلاع ان 6 من كل 10 اشخاص في كل من مصر والأردن "يزدرون حماس”، وان اكثر من نصف الأراضي الفلسطينية (53 %) لديهم نظرة سلبية من حماس، وان
حوالي الثلث (35 %) أعربوا عن آراء إيجابية تجاه حماس.
وقال الاستطلاع ان نسبة الآراء السلبية هي الأعلى في قطاع غزة لتصل الى 63 %، ما يسجل ارتفاعا من 54 % في العام
الماضي، اما في الضفة الغربية، فإن 47 % لديهم آراء سلبية تجاه حماس.
وبخصوص حزب الله اللبناني قال الاستطلاع ان 59 % في لبنان "لديهم نظرة سلبية للحزب” ووصفه بـ "المنظمة شبه العسكرية”.
وقال ان هذا يشمل”88 % من المسلمين السنة و69 % من المسيحيين” وان "86 % من المسلمين الشيعة اللبنانيين لديهم رأي إيجابي في الحزب”، وان "أكثر من النصف في الأراضي الفلسطينية (55 %) يحملون وجهات نظر سلبية جهة حزب الله، وان هذه الآراء أكثر انتشارا في القطاع الذي تسيطر عليه حماس، وبنسبة (69 %) مقارنة بالضفة الغربية
(46 %).
اما الأردن، فخلص الاستطلاع الى ان
81 % من الأردنيين يحملون وجهات نظر سلبية عن حزب الله، وتقترب بذلك من تركيا (85 %) ومصر (83 %).
وتعليقا على نتائج الاستطلاع، اعتبر الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة، ان التشدد "منبوذ”، وان هناك "تخوفا من حكم أناس متشددين بنوا مفهومهم للدين على تأويلات خاطئة”.
وعلى الرغم من تأكيد شحادة في حديثه اول من امس إنه "لا يتوافق مع ما ذهب اليه المعهد لأن اميركا لها أجندات، وتخدم مثل هذه الدراسات مصالحها في المنطقة”، الا ان "هذه التخوفات موجودة، وان لم تصحح هذه الحركات المتطرفة مسارها فسيلفظها الآخر”.
ويبرر الباحث شحادة، سبب ازدياد التخوف من هذه الحركات، بقوله "أصبحوا يعتبرون أنفسهم يمتلكون الحقيقة والصواب، وكل الآخرين على خطأ، ما ولد تعاملا خاطئا مع الآخر”، أكان وطنيا او اسلاميا او غير مسلم.
وقال شحادة انه لا يتعجب من نتائج هذا الاستطلاع، والتخوفات من "حكم المتشددين” لأن المجتمعات الإسلامية في هذه الدول عاشت علمانية صلبة، وهي بالتالي "ترفض المتشددين بسبب سلوكهم وسعيهم بين يوم وليلة الى تطبيق الشريعة، بدون ان يقوموا بما عليهم من مسؤوليات”.
واوضح هذه النقطة بقوله "مثلا داعش تريد تطبيق الشريعة في مدن وقرى وتريد اقامة دولة، ونراها تريد تطبيق الحد، بينما تتجاهل ان عليها مسؤوليات تجاه الشعب، على افتراض انها ارادت اقامة دولة، فالمواطن يطلب توفير خدمات كالتعليم والصحة وغيره وليس فقط تطبيق الحد عليه”.
واخيرا، وبعيدا عن الدول العربية، فقد اعربت اغلبية كبيرة في بنغلاديش (69 %) وباكستان (66 %) وماليزيا (63 %) عن قلقها مما أسماه المعهد بـ”التطرف الإسلامي”، وفي اندونيسيا التي تعتبر من اكبر الدول الإسلامية، أعرب 40 % عن قلقهم من ذلك، وفي نيجيريا عارض 79 % بوكو حرام وفي الباكستان أعلن 59 % كراهيتهم لطالبان وفقا للاستطلاع.