غزة تشتعل بالنيران وتشيع الشهداء
استهدفت صواريخ المقاومة الفلسطينية أمس "تل أبيب"، بعدما بلغ مداها، لأول مرّة، حيفا والخضيرة شمالاً، ما شلّ الكيان الإسرائيلي الذي واصل عدوانه ضدّ قطاع غزة، وشنّ مزيدا من الغارات التي أسفرت عن سقوط اكثر من 50 شهيداً فلسطينياً وإصابة 300 جريح، وسط صمت عربي ودولي مطبق.
ونددت القيادة الفلسطينية "بعدوان الاحتلال الغاشم ضد الشعب الفلسطيني"، والذي "ينذر بعواقب وخيمة وبمزيد من التصعيد"، وفق قاضي قضاة فلسطين وزير الأوقاف الفلسطيني السابق محمود الهباش.
وقال، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "هذه الحرب المجنوبة التي تشنها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين لا تبشر بخير، وتنذر بما هو أسوأ، ما سيقود إلى مزيد من التصعيد والتوتر".
وأضاف "يجب أن لا تمر هذه المجزرة بدون عقاب، حيث تتوعد سلطات الاحتلال وتهدد بتصعيد الحرب ضد الفلسطينيين على مرأى العالم أجمع".
وأوضح أن "الجانب الفلسطيني تحرك على أكثر من صعيد"، لافتاً إلى "قيام الرئيس محمود عباس بإجراء العديد من الاتصالات مع الأردن ومصر، والجامعة العربية، وعديد من الدول العربية الإسلامية والأوروبية والأميركية، من أجل وقف العدوان وتجنيب الشعب الفلسطيني المزيد من ويلات الحرب".
ولفت إلى أنه "بدون تحرك عربي فإن الأمور ستتجه للأسوأ"، داعياً إلى "تحرك عربي إسلامي لاتخاذ خطوات فعلية واستخدام علاقاتهم وإمكانياتهم من أجل وقف عدوان الاحتلال".
إلى ذلك؛ قصفت صواريخ "الفجر" طويلة المدى مدينة تل الربيع "تل أبيب"، لأول مرّة منذ العدوان الإسرائيلي ضد غزة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، كما تعرضت مدن الوسط، مثل هرتسيليا وريشون ليتسيون، حتى مدينة القدس بالقرب من بيت شميش، إلى وابل من صواريخ المقاومة بعيدة المدى.
ووسّعت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، قصفها لعدة مدن وسط وشمال وجنوب الكيان المحتل، وأعلنت، في بيان أمس، "قصفها أسدود والقدس، بالإضافة إلى مدينة حيفا بصاروخ جديد أطلقت عليه اسم R160 تيمنا باسم الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي.
وسقطت صواريخ المقاومة، لأول مرّة، على مدينة نتانيا، التي تبعد قرابة 95 كم عن قطاع غزة، كما استهدفت مناطق في القدس وأشكول، وأطلقت قذائف صاروخية وصلت الخضيرة شمال "تل الربيع"، ومدن بئر السبع وعسقلان والبلدات المحيطة بقطاع غزة.
واعتبرت المواقع الإسرائيلية، الإلكترونية أمس، هذا "القصف الأعنف منذ بداية العملية العسكرية، خاصة أنه وصل مدينة القدس و"تل أبيب".
ودوّت صفارات الإنذار في العديد من مدن الداخل الإسرائيلي، وفتحت الملاجئ أمام المصابين بالهلع والخوف من صواريخ المقاومة، فيما أقرّت سلطات الاحتلال اعتراض "القبّة الحديدية" لصاروخين؛ الأول في سماء "تل أبيب" قرب مطار بن غوريون والثاني إلى الجنوب منها.
وما يزال طيران الاحتلال يحلق بكثافة في سماء غزة، ويشن الغارات، التي استهدفت منازل مواطنين عزل، كما استهدفت منزل قيادي في "حماس" شمالي القطاع، فيما اعترضت منظومة "القبة الحديدية" بعض صواريخ المقاومة طويلة المدى، ولكنها فشلت في أخرى.
وقرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، فجر أمس، "اتخاذ المزيد من الخطوات العسكرية ضد حركة "حماس"، والتنظيمات الأخرى، بينها العودة لسياسة الاغتيالات، مؤكداً أن "العملية العسكرية ضد القطاع سوف تستمر".
فيما دعا نائب وزير جيش الاحتلال داني دانون إلى "وقف تزويد قطاع غزة بالوقود اللازم لإنتاج الكهرباء"، معتبراً أنه "من غير المنطقي تزويد غزة بالوقود ونحن في حالة حرب مع "حماس"، وما زالت شاحنات الوقود تعبر إلى غزة".
وأعلنت بلدية الاحتلال في القدس "قرارها فتح الملاجئ العامة في أرجاء مدينة القدس"، تماثلاً مع إجراء بلدية ديمونة في النقب، جنوبي فلسطين المحتلة".
وأجبرت صواريخ المقاومة التي أطلقت من غزة، الإسرائيليين على اللجوء إلى الملاجئ أو استخدام الملاجئ في الأبنية التي يقيمون بها بعدما تعدّت الصواريخ مداها المعتاد ووصلت إلى قلب الكيان المحتل، في تل الربيع "تل أبيب" والخضيرة وعسقلان واسدود والقدس.
من جانبه، دعا الرئيس عباس "أبناء الشعب الفلسطيني للتماسك والصبر والوحدة، وقال "النصر قريب بإذن الله".
وأكد، في كلمة متلفزة وجهها للشعب الفلسطيني ليلة أول أمس، "سنتوجه إلى كل المنظمات والمؤسسات الدولية من أجل إيقاف هذا العدوان، والحكومة ستوفر أقصى ما تستطيع من احتياجاتٍ إنسانية وغيرها لأبناء الشعب الفلسطيني، وبالذات في القدس وقطاع غزة".
وأضاف "آن الأوان لأن يتحمل المجتمع الدولي، وخاصة الرباعية الدولية، ومجلس الأمن الدولي مسؤولياته في تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، فهذه المجازر ضدنا لم تتوقف طيلة سنوات الاحتلال".
وفي اتصال هاتفي أجراه الرئيس عباس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ وعد الأخير "باستمرار بذل الجهود المصرية لوقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة وبأسرع وقت".
وأكد الرئيس السيسي، "حرص مصر على سلامة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتجنيب القطاع هذا الهجوم الخطير ووقف التصعيد من أجل العمل على التوصل لوقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن، وأن جهود مصر لم تتوقف منذ بدء العدوان".
بدوره، ثمن الرئيس عباس "دور مصر التاريخي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني"، مؤكداً ضرورة "التزام الأطراف بإتفاق 2012 الذي يجب أن يكون الخطوة الأولى لوقف العدوان والعمل على هذا الأساس".
فيما طالب المجلس الوطني الفلسطيني "دول العالم والمؤسسات الدولية بالتدخل الفوري والعاجل لوقف المجزرة البشعة التي تقوم بها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة المحتلة".
ودعا المجلس، في تصريح أمس على لسان رئيسه سليم الزعنون، إلى "الخروج من دائرة الصمت أمام الحرب الشاملة التي أعلنتها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني".
وطالب "بعقد جلسة عاجلة وطارئة للاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي لتدارس سبل الرد على العدوان الإسرائيلي المتواصل". وأكد بأن "الشعب الفلسطيني يمتلك كامل الحق في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المشروعة دولياً للدفاع عن نفسه والتخلص من الاحتلال ولن يعدم الوسيلة في حماية نفسه".
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي أن "القيادة الفلسطينية ستعقد اجتماعات عاجلة وطارئة خلال الساعات المقبلة لبحث التصعيد الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة".
وأضاف، في تصريح أمس، أن "الأمور تتصاعد عسكرياً، فيما يرفض الاحتلال كل الضغوطات والدعوات لوقف عدوانه بشكل فوري"، محمّلاً "المجتمع الدولي والولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن تردي الأوضاع في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر".