"داعش" على أبواب الرمادي
تقاتل القوات العراقية مسلحين من تنظيم "الدولة الإسلامية" يحاولون اقتحام مدينة الرمادي في هجوم يعيد الزخم الى حملتهم المتواصلة منذ شهر وينذر باحتمال تضييق الخناق على بغداد في حال سقوط هذه المدينة المركزية التي لا تبعد سوى 100 كلم عن العاصمة.
وفي موازاة هذا التطور الميداني يستمر غياب التفاهمات السياسية حول الرئاسات الثلاث عشية جلسة البرلمان الثانية، فيما تستعر الخلافات بين السلطات الكردية وبغداد التي اتهمت إقليم كردستان بالاستيلاء على حقلي نفط.
وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة محافظة الأنبار الغربية "تدور اشتباكات ضارية بين القوات العراقية ومسلحين من "الدولة الإسلامية" يحاولون اقتحام الرمادي من جهة الغرب".
وأضاف أن "الاشتباكات وقعت في منطقة الخمسة كيلو وقرب مقرات حكومية بينها مبنى مجلس المحافظة الجديد ومناطق أخرى بينها التأميم والحرية حيث فجروا مركزا للشرطة وسيطروا على مركز ثان".
وتابع المصدر إن 11 شرطيا قتلوا وأصيب 24 آخرون في هذه الاشتباكات، وهي حصيلة أكدها الطبيب أحمد العاني من مستشفى الرمادي.
في موازاة ذلك، أعلن ضابط برتبة رائد في الجيش العراقي "فقدان أثر 31 عسكريا بينهم عدد من الضباط الذين كانوا متواجدين في احدى المناطق القريبة من موقع الاشتباكات".
ويسيطر مسلحون ينتمون الى تنظيم "الدولة الإسلامية" على مناطق تقع في وسط وجنوب الرمادي مركز محافظة الأنبار منذ بداية العام الحالي، الى جانب مدينة الفلوجة المجاورة.
ويسيطر أيضا مسلحو هذا التنظيم الذي أعلن عن "قيام الخلافة الإسلامية" وبايع زعيمهم أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، على عدة مدن أخرى في الأنبار، وعلى مناطق واسعة من محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى إثر هجوم كاسح شنوه قبل اكثر من شهر.
وتسعى القوات العراقية التي يبلغ عديد أفرادها نحو مليون جندي وشرطي منذ نحو ثلاثة أسابيع استعادة السيطرة على هذه المناطق وخصوصا الموصل مركز نينوى، وتكريت مركز صلاح الدين، بدون أن تنجح في ذلك.
وفي حال تمكن المسلحون من السيطرة بشكل كامل على الرمادي، فإنهم يكونون بذلك قد فكوا عزلة مدينة الفلوجة المجاورة، ووسعوا سيطرتهم بشكل كبير على مناطق قريبة من غرب بغداد حيث يقع مطار العاصمة الدولي.
في هذا الوقت، ارتفعت حدة الخلاف بين بغداد وإقليم كردستان العراق من جديد حيث اتهمت وزارة النفط العراقية القوات الكردية التابعة بالاستيلاء والسيطرة أمس على حقلي باي حسن وكركوك النفطيين الأساسيين في محافظة كركوك، حسبما جاء في بيان رسمي.
وحذرت الوزارة في إقليم كردستان "من خطورة هذا التصرف غير المسؤول الذي يعد تجاوزا على الدستور والثروة الوطنية وتجاهلا للسلطة الاتحادية وتهديدا للوحدة الوطنية".
غير أن المتحدث باسم وزارة البشمركة هلكرد ملا علي قال في تصريح صحفي إن "قوات البشمركة لم تدخل الى حقل باي حسن وهذه الأخبار غير صحيحة" مؤكدا أن "قوات البشمركة لم تقترب من الحقول النفطية في كركوك".
ويدور منذ يوم الأربعاء سجال حاد بين رئيس الوزراء نوري المالكي والسلطات الكردية في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي بعدما اتهم المالكي الأكراد بإيواء تنظيمات متطرفة بينها "الدولة الإسلامية" و"القاعدة".
وعلق الوزراء الأكراد في حكومة المالكي مشاركتهم في جلسات الحكومة على خلفية هذه التصريحات، فيما لم يتضح ما إذا كانوا قرروا تجميد عضويتهم بشكل كامل، حيث إن وزير الخارجية هوشيار زيباري لم يكن حاضرا في استقبال نظيره المصري سامح شكري الذي التقى المالكي في العاصمة.
وقبيل الجلسة الثانية للبرلمان، طالب المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني البرلمان بعدم تجاوز المهل الدستورية أكثر بعدما فشل في جلسته الأولى في انتخاب رئيس له.
وقال الشيخ عبدالمهدي الكربلائي ممثل المرجع السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء إن "التحديات والمخاطر الحالية والمستقبلية التي تحدق بالعراق وتنذر بواقع مقسم ومتناحر تتطلب وقفة شجاعة وجريئة ووطنية وصادقة من الكتل السياسية".
وأضاف أن هذه الوقفة يجب أن تتجاوز "المصالح الضيقة والفئوية والطائفية، وذلك يقتضي من مجلس النواب المحترم عدم تجاوز التوقيتات الدستورية بأكثر مما حصل والإسراع بانتخاب الرئاسات الثلاث وتشكيل حكومة جديدة تحظى بتوافق وقبول وطني واسع".
ويظلل تمسك المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي بعدما كان فتح أزمة الحكم على مزيد من التعقيدات الأسبوع الماضي حين أعلن أنه لن يتنازل "أبدا" عن ترشحه لولاية ثالثة على رأس الحكومة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم وتهميش السنة.
ويطالب خصومه السياسيون كتلة "التحالف الوطني" أكبر تحالف للأحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر المالكي على أحقيته في تشكيل الحكومة مستندا الى فوز لائحته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الأخرى (92 من بين 328).-(ا ف ب)