أردنيون يبكون جرح القطاع: كلنا غزة
انهمرت دموع الطفلة مرام هلسة (7 أعوام)، لحظة رؤيتها أحداث نقل الأطفال الشهداء والجرحى، الغارقة بالدماء، في غزة عبر إحدى المحطات الفضائية، وبدأت أسئلتها تحاصر والدتها: "ليش هاي الحرب، ليش بجرحوا وبقتلوا الأطفال، شو عملوا، لماذا لا نذهب لغزة ونساعدهم؟".
أم مرام لم تستطع إيقاف دموعها، لهول وبشاعة مشاهد الجرائم المرتكبة من قبل العدو الإسرائيلي، ولم تستطع إجابة تساؤل ابنتها البريء: "ليش يا ماما ما بنقدر نروح على فلسطين، بنركب سيارة وبنروح".
تقول والدة مرام، "بدأت بشرح الأحداث وقضيتنا أمام ابنتي بأسلوب بسيط يمكنها فهمه، وبينت لها أن الله معنا وهو أقوى من سلاح الاحتلال، وبإذنه سننتصر مهما طال الزمن".
انغماس شعبي أردني في التفاعل مع أحدث عدوان إسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والمتواصل منذ اكثر من اسبوع، مخلفا مئات الشهداء والجرحى ودمارا واسعا. شبان في مناطق عدة خرجوا معبرين عن سخطهم واستنكارهم للعدوان على غزة، فيما يتساءل أطفال مشدوهون عن أسباب هذه الحرب الدموية بحق اطفال ونساء غزة، فيما يتسمر الآلاف يوميا أمام الفضائيات ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة لمتابعة الأخبار العاجلة، داعين الله نصرة أهل غزة والشعب الفلسطيني، ووقف هذا العدوان.
الطفل أنور البوريني (11 عاما) بدا متأثرا ومتابعا لأحداث غزة، وقال وهو يجهش بالبكاء: "كل ساعة تقصف غزة ويذهب عشرات الشهداء، ومئات الجرحى، شو ذنب الأطفال اللي بموتوا، بتمنى أكون هناك معهم، يا رب ما تخلي اسرائيلي وتوخذهم".
ويعبر الطفل محمد العبادي (13 عاما) عن فخره بجده قائلا، "جدي استشهد بفلسطين، ودايما أبوي بقول النا عن جدي وعن بطولاته، وأنا على اللي بسمعه كل يوم عن الدمار، والقتل لأهلنا في غزة، وخاصة عن الأطفال اللي استشهدوا من القصف، وعن الطفل محمد أبو خضير، نفسي أروح على فلسطين وأقاتل مع إخواني هناك وأنال الشهادة مثل جدي رحمة الله عليه، الدم الأردني اختلط مع الدم الفلسطيني في ساحات المعارك".
"السبعيني" أبو العبد قال: "لسنا مستغربين من هذه الهجمة على غزة بل وعلى فلسطين بأكملها، أليس الصهاينة واليهود هم من ارتكبوا المجازر بحق الشعب الفلسطيني العام 1948، ومن ارتكبوا مجازر دير ياسين وقبية وغيرها، أهذه هي الحرب الأولى على غزة، هذه هي الحرب الثالثة على غزة خلال ثماني سنوات فقط، ماذا استطاعوا أن يفعلوا ؟".
وتساءل: "هل نالوا من عزيمة أهل غزة؟ هل ركعوهم؟ أليست غزة المدينة التي تمنى القادة الصهاينة غرقها في البحر؟"، ويتابع: "لا تخافوا على غزة فهي صامدة وفيها قوم جبارين وستخرج كالعادة منتصرة".
وشاركته الرأي الحاجة أم علي، بقولها: "لا تخافوا على غزة، بس يا حسرتي على هالأولاد الصغار اللي قاعدين بدفعوا الثمن، ودمهم هو الكرامة التي تخلى عنها كثير من العرب، مذكرة من لا دم لديهم، بأن الدم الفلسطيني ليس رخيصا".
الطالبة الجامعية نور عطاالله قالت: "ولدت بعد الانتفاضة الأولى بست سنوات وعندما حصلت الانتفاضة الثانية كان عمري سبعة أعوام، ورأيت ما يحصل عبر شاشات الفضائيات من تدمير وقصف للمدنيين العزل، ورأيت الهمجية الصهيونية، وهي تنكل وتقتل أبناء الشعب الفلسطيني".
وزادت: "كنت واعية عندما هاجم الصهاينة غزة مرتين وهذه هي الثالثة، المؤسف أن كل ما أسمعه من ردود الأفعال العربية استنكار وإدانة وشجب، أما أميركا فلا يتردد أوباما أبدا بإدانة صواريخ غزة وتأييده لإسرائيل وحقها بالدفاع عن نفسها"، وتتساءل عطاالله بحرقة: "لماذا لم تتم إدانة من أحرقوا الطفل محمد أبو خضير حيا، لماذا لا تتم إدانة ومحاسبة من يقصف عائلات بأكملها".
فيما قال الطالب الجامعي عاهد العطار: "كفانا استهانة بالدم الفلسطيني، وبرأيي يجب على كل الشعب الفلسطيني أن ينتفض ويهب لانتفاضة ثالثة، بل وعلى الشعوب العربية بأكملها أن تنتفض لأن حكوماتها صامتة، وعلى العالم الإسلامي أيضا".
الموظف عيسى الجمل (34 عاما) قال: "ما يحصل ليس بجديد على الصهاينة، فهم قتلة الأنبياء والأطفال والنساء والشيوخ، والأدهى من ذلك تخرج صحافية إسرائيلية وتقول لأول مرة تقصف اسرائيل والعالم منشغل بكأس العالم، وكأنها تستجدي العالم لأن يتابعوا مأساة الإسرائيليين". وزاد "أليس من السخرية أن يتنادى صهاينة لإنقاذهم من صواريخ غزة، ولا نجد مطالبات عربية تنادي بإنقاذ غزة وأطفالها ونساءها من الطيران الإسرائيلي". ويعلق الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي على هذا الشعور الجمعي، المتفاعل مع المأساة الفلسطينية في قطاع غزة، بقوله، "الروح الجماعية التي تسود المجتمعات العربية كلها موحدة، وتعبر عن سخطها واستنكارها لما يجري من عدوان على شعب أعزل في غزة".
والروح الاجتماعية، كما يصفها الخزاعي، تظهر خلال الأزمات والشدائد، وتحرك المجتمع لمساندة الضحية التي تتعرض للقتل والدماء والتشريد، واتلاف الممتلكات العامة والخاصة، والتسبب بالألم، والحالة التي يعيشها المجتمع العربي تتوحد على رفض العدوان.
ويشير إلى أن التعبير عن الغضب، الذي تقوم به الشعوب العربية من خلال المظاهرات والمسيرات والكتابات فيه رسالة واضحة، "أننا شعوب متحضرة لا تمارس الغطرسة والقتل والتشريد وترفض الاعتداء على الآخرين وتدمير بيوتهم، بعكس من يمارسون التعذيب والتدمير والاعتداء والقتل".