دراسة : تفعيل شركة الاستعلام الائتماني يمنح التأكد من ملاءة المقترض
يعتبر قانون المعلومات الائتمانية من القوانين الناظمة للمعاملات المالية ما بين الافراد والمؤسسات الممولة التي تسهم في الحيلولة دون تعثر ديون البنوك والشركات العاملة في مجال بيع البضائع والخدمات بالآجل، حيث يتيح القانون لمانحي الائتمان فرصة التأكد من ملاءة المقترض او المشتري وقدرته على السداد في المواعيد المحددة.
و تتعدى تاثيرات هذا القانون الجوانب المالية للبنوك والشركات حيث تفرض اثاره المباشرة وغير المباشرة نفسها بقوة على حجم القضايا المرفوعة أمام المحاكم او المطروحة لدى دوائر التنفيذ والرهونات المحجوز عليها كما يمثل القانون قاعدة من قواعد بناء الثقة لجلب المستثمرين وتعزيز ثقتهم بالنظام القانوني لاي بلد.
في الأردن؛ مر القانون بمراحل عديدة خلال خمس عشرة سنة الماضية الى ان وصل الى صيغته المؤقتة الحالية التي تعتبر نقلة نوعية في التطورات المالية المهمة في الأردن بعد أن سمح بتأسيس شركة الاستعلام الائتماني المنتظر صدور ترخيصها النهائي مع نهاية العام الحالي.
وأكدت دراسة قانونية حديثة اهمية تفعيل هذه الشركة لحماية الجهات الممولة عند تقديم القروض والتسهيلات المصرفية أو عند البيع بالتقسيط أو بآجال سداد طويلة.
واوضحت الدراسة، التي تم إعدادها هذا العام من قبل خبراء وطنيين لصالح المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة الذي ينفذ مشروع "المبادرة الشرق أوسطية لإصلاح قانون الإفلاس" بدعم من مكتب مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (MEPI)، انه وبالرغم من اقرار القانون الجديد الا انه لم يتم تنفيذه فور صدوره وفق الإجراءات المعتادة، حيث تأخر صدور نظام العمل حتى نهاية العام 2011 تقريبا كما ان تأخر حتى حينه ترخيص الشركة التي انشئت العام الماضي ولم تباشراعمالها وانشطتها حتى حينه الامر الذي حال دون الوقوف على التطبيقات العملية للقانون واختبار فاعليته وآثاره.
وبينت الدراسة لدى تناولها للتشريعات ذات العلاقة بالائتمان ومن ضمنها قانون المعلومات الائتمانية أن القانون يتيح لمقدم الائتمان المستفيد من أحكامه بأن يحصل على البيانات المتعلقة بالحالة الائتمانية للعميل وهويته وسجله التجاري إن وجد وسجله الائتماني خلال مدة زمنية محددة بما في ذلك التسهيلات الائتمانية الممنوحة له والبيوع بالآجل المبرمة معه وتاريخ الاستحقاق لكل منها والأحكام والشروط والضمانات المتعلقة بها وآلية تسديدها ومدى التزامه بذلك.
وقالت رئيس مجلس إدارة شركة المعلومات الائتمانية-تحت التأسيس- ناديا السعيد ان اصدار قانون المعلومات الائتمانية يعتبر خطوة مهمة جداً لزيادة إمكانية الحصول على التمويل و تحسين فرص عدد من القطاعات التي تعاني اليوم من صعوبة في الحصول على التمويل
وخاصة بالنسبة لقطاع الشركات الصغيرة
والمتوسطة ولقطاع الأفراد.
وأكدت السعيد ان وجود القانون لها انعكاسات ايجابية لدفع عجلة الاقتصاد ودعم عملية التنمية الاقتصادية خاصة في بلد مثل الأردن الذي تشكل الشركات المتوسطة والصغيرة الجزء الأكبر من اقتصاده، اضافة الى توفر خدمات الاستعلام الائتماني في تسهيل متطلبات الحصول على الائتمان من قبل البنوك وشركات التمويل.
وقالت السعيد ان "القانون يساعد شركات الخدمات مثل الاتصالات والماء والكهرباء وغيرها والتجار بمنح تسهيلات بالدفع وسقوف ائتمان اكبر للأفراد".
واوضحت السعيد أن المعرفة المسبقة بالسجل الائتماني للتاجر تسهل من عملية دراسة الائتمان وتساعد بفهم أفضل في تقييم مستوى مخاطر التمويل بما يساهم في تقليل متطلبات الحصول على التمويل وبالتالي كلفته.
وبينت السعيد ان بناء قواعد المعلومات الائتمانية لدى شركات الاستعلام الائتماني يؤدي لاحقا بعد استقرار هذه البيانات الى فهم اكبر وادق لاحتياجات فئات السوق المختلفة والى فهم أفضل لعادات واحتياجات المستهلكين وبما يساعد البنوك ومؤسسات التمويل على تقديم خدمات تلبي احتياجات المستهلكين بشكل أفضل بما يساعد بتسويق الائتمان.
واوضحت ان مجلس إدارة شركة الاستعلام الائتماني التي تأسست بدعم من كافة البنوك في الأردن تحت مظلة جمعية البنوك وبالتعاون مع بعض القطاعات الاخرى قام بطرح عطاء ضمن أفضل المعايير الدولية وبدعم من مؤسسة التمويل الدولية لاستدراج عروض لاستقطاب شريك استراتيجي من أفضل الشركات العالمية في مجال تقديم خدمات الاستعلام الائتماني، وقالت السعيد ان "الشركة قطعت شوطا كبيرا في عملية التقييم والتفاوض للتوصل الى أفضل الشروط بما يلائم طبيعة ومتطلبات السوق الأردني ونأمل بأن يتم إصدار رخصة نهائية لشركة استعلام ائتماني في الأردن في الربع الأخير من هذا العام".
من جهته؛ بين مدير عام جمعية البنوك عدلي قندح ان صدور قانون المعلومات الائتمانية من التطورات المالية المهمة في الأردن لأنه يشكل الاطار القانوني الذي يسمح بتأسيس شركات الاستعلام الائتماني. وأشار إلى أن الحكومة الأردنية بإصدارها لقانون المعلومات الائتمانية أدخلت أفضل الممارسات العالمية في إدارة الائتمان في المملكة بأسلوب يضمن حقوق مقدمي الائتمان والمنافسة العادلة ويحمي النشاطات الاقتصادية بشكل عام.
وقال قندح إن "تطبيق القانون يساهم في الحيلولة دون تعثر ديون البنوك وتعثر ديون الشركات العاملة في مجال بيع البضائع والخدمات بالآجل وتمكين مانحي الائتمان من التأكد من ملاءة المقترض او المشتري وقدرته على السداد في المواعيد المحددة، إضافة إلى أنه يساعد في تطبيق المنظومة المصرفية التي تسمى بـ "إعرف عميلك" Know Your Customer".
وأشار قندح الى ان القانون يتيح تجميع وتحليل المعلومات الائتمانية طبقا لقواعد قانونية من قبل شركة متخصصة ومجازة قانوناً من قبل البنك المركزي الأردني لمساعدة البنوك والمؤسسات المانحة للائتمان على تقدير أدق لمخاطر الائتمان حيث سيصبح الاعتماد في منح الائتمان على جدارة طالب الائتمان وكفاية الضمانات وهو ما يوفر للجديرين منهم فرصة أكبر في الحصول على الائتمان اللازم لتمويل انشطتهم خصوصاً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المهن الحرة والتجار.
وأضاف قندح أن السوق المصرفي بحاجة ماسة لوجود مؤسسة أو شركة متخصصة لتزويد وتبادل معلومات عن عملاء البنوك المقترضين من حيث الملاءة المالية والقدرة على السداد إضافة إلى توفير معلومات عن مشكلات العملاء مع البنوك وهذا يحول دون حدوث مشكلات بين البنوك والأفراد والمؤسسات في عمليات تقديم القروض ومشكلات التعثر المالي للعملاء، كما أنه يصب في مساعدة البنوك على التسعير العادل للعملاء بناء على مستوى مخاطرهم.
وبين قندح أن المعرفة المسبقة بأوضاع التاجر المالية بالنسبة لجهات منح الائتمان تسهل التسويق وتساعد في تقليل مخاطر الائتمان وكلفته، مؤكدا ان نظريات إدارة المخاطر تقوم على فكرة مفادها أن ما حدث في الماضي يكون من المحتمل أن يتكرر في المستقبل، ووفقاً لهذا النظرية فإن حالات إفلاس أو تعثر العملاء في الماضي أو أية مشاكل أخرى واجهتهم في سداد التزاماتهم من المحتمل أن تتكرر في المستقبل.
واشار قندح الى انه وبناءً على التاريخ الائتماني للعملاء، أو ما يسمى بالسجل الائتماني، يمكن التمييز بين العملاء من حيث أهليتهم وقدرتهم على سداد الائتمان الممنوح لهم، كما يمكن أن يتم تصنيف هؤلاء العملاء من خلال ما يسمى بالتصنيف الائتماني "Credit Rating" والذي يعكس مستوى مخاطرة العملاء.
وأما بالنسبة للبنوك، بين قندح إن العملاء الذين يتمتعون بسجل ائتماني جيد وملتزم سوف يكون من السهل عليهم الحصول على التمويل الذي يحتاجونه من البنوك، أما في حال كان هناك بعض المؤشرات السلبية في سجل الائتمان فإن هذا قد يدفع البنوك لتخفيض قيمة التمويل الذي قد يتم منحه لهذا العميل أو حتى رفض تقديم التمويل ككل.
واشار الى ان توفر الاستعلام الائتماني هو ضمان سلامة الائتمان وتخفيض الديون المتعثرة الى نسبة قريبة من الصفر في حالة الالتزام بمتطلبات وقواعد الائتمان التي يضعها البنك المركزي وتتبناها البنوك ويتطلبها قانون المعلومات الائتمانية.
واشار الى أن معرفة التصنيف الائتماني للعملاء يفيد في تقييم مستوى مخاطرهم وبالتالي إمكانية ربط مستوى المخاطرة بكلف الائتمان (الفائدة التي يحصل عليها البنك) وذلك كما تبين المعادلة التالية: سعر الفائدة الاسمي = سعر الفائدة الحقيقي + معدل التضخم + علاوة المخاطرةوبالنسبة للجزء الأخير من المعادلة (علاوة المخاطرة) بين إنه عبارة عن التعويض الذي يحصل عليه البنك نتيجة للمخاطر، وكلما ارتفعت مخاطرة العميل كلما طالب البنك بتعويض أكبر وبالتالي ارتفاع سعر الفائدة الاسمي.
وأضاف " سعر الفائدة سيرتفع أو ينخفض وفقاً لمدى جودة السجل الائتماني للعميل، بحيث أن العميل الذي له سجل ائتماني جيد (وبالتالي تصنيف ائتماني مرتفع)، يكون أقل مخاطرة ويحصل على القروض بفائدة أقل". واكد المحامي المتخصص بالمعاملات المالية رضوان سيف ان وجود القانون يعتبر في غاية من الاهمية حيث يسهم في ايجاد قاعدة بيانات تسهل الممولة للقروض اوالتسهيلات المصرفية أو عند البيع بالتقسيط أو بآجال طويلة للتسديد التحري عن السيرة المالية للتاجر بكل يسر وسهولة.
وبين رضوان ان القانون يوفر ايضا الحصول على المعلومة التي تهم شركات الائتمان من حيث معاملات التاجر مع المؤسسات المالية والقضايا المنظور في المحاكم في حال وجودها اضافة الى معرفة الموجودات لدى التاجر.
وقال رضوان ان "المعرفة المسبقة بالاوضاع المالية للتاجر تسهل على الشركات الممولة لدى تقديم القروض والتسهيلات المصرفية أو عند البيع بالتقسيط أو بآجال طويلة للتسديد سرعة اتخاذ القرار كون توفر المعلومات يقلل مخاطر التعثر في السداد وتعتبر بمثابة ضمان حقيقي للجهات الممولة".
واوضح رضوان ان الوضع الحالي بالنسبة للشركات الممولة يوجد تقييد في الحصول على المعلومات التي يعطيها الشخص حول وضعه المالي ومعاملاته مع المؤسسات التي تختص بالمعاملات المالية سواء بنوك او شركات.
وأكد رضوان ان تفعيل قانون المعلومات الائتمانية بالشكل الصحيح من شأنه ان يحد من عمليات التأجيل التي يلجأ اليها بعض الاشخاص من اجل الحصول على موافقة من قبل الجهات الممولة والتي من بينها احضار حركات مالية في الحساب الشخصي غير حقيقية.
وتوقع رضوان ان يقدم القانون شيئا جيدا ويوفر قاعدة معلومات حقيقية عن التاجر خصوصا عند تقديم القروض والتسهيلات المصرفية أو عند البيع بالتقسيط أو بآجال طويلة للتسديد مؤكدا ان نجاح نظام معلومات الائتمان يكمن في جودة البيانات بحيث تكون موثوقة وتعكس الوضعية الحقيقية للمقترضين وتضمن حقوق الجهات الممولة. وقال الخبير القانوني والاقتصادي المحامي غسان معمر " يعتبر وجود القانون مقدمة لتأسيس نظام متكامل يوفر قاعدة بيانات الا ان نجاح هذا المشروع مرهون بوجود آليات حقيقية تضمن تنفيذ القانون".
واشار غسان الى وجود الكثير من القوانين التي تم صياغتها من اجل مواضيع معينة الا انه لم يقدر لها ان تنفذ مبينا ان المشكلة التي تواجه الأردن في التنفيذ وليس في التشريع.
وبين غسان ان المعلومات الائتمانية حول أي جهة يفترض ان تكون تتمتع بحصانة واستقلالية حتى لا تصبح لخدمة سياسات او مصالح شخصية لبعض المسؤولين.
وقال غسان "اذا لم يقدر للمؤسسة التي تدير المعلومات الائتمانية الحصانة فأن المعلومات الائتمانية ستصبح اداة ابتزاز في قطاع التجار والشركات بحيث يصبح الافصاح اوعدمه وسيلة للتأثير على توفير تلك المعلومة او حجبها".
وأكد غسان أهيمة ان يتم مراقبة الشركة التي تدير المعلومات الائتمانية من قبل جهة قضائية مستقلة مشيرا الى ضرورة ان تكون المؤسسة على اطلاع ليس القطاع الخاص وحدة بل مؤسسات القطاع العام التي تتعامل في السوق بنشاط ذات طابع خاص ومثال تلك المؤسسات كثير خصوصا مع اقتراب اقرار مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
المحامي عاصم الرواشدة الذي شارك في إعداد الدراسة من خلال مكتب بكر وعودة للمحاماة خلص إلى أن " العديد من الدول لا تفرض عقوبة جزائية على إصدار شيك بدون رصيد وإنما يؤدي هذا الفعل إلى تثبيت نقطة سوداء في السجل الائتماني للشخص لدى الجهة المختصة بقيد وتداول المعلومات الائتمانية وإن وجود مثل هذه النقطة يؤثر على سير الأعمال التجارية أو المهنية للشخص الذي يصدر شيكاً بدون رصيد ويصعب إمكانية حصوله على ائتمان في المستقبل".
وبين ان هذا التطبيق اثبت فعالية لدى الدول التي اتبعته ومن المأمول أن يؤدي تطبيق قانون المعلومات الائتمانية في الأردن إلى الحد بشكل غير مباشر من ظاهرة الشيكات المرتجعة إذا أتيح للبنوك وشركات التأجير التمويلي والتجار التحقق من السجل الائتماني لزبائنهم قبل منحهم ائتماناً معيناً أو بيعاً بالآجل وإن هذا القانون سيساهم في التقليل من حالات التعثر المالي وما يتبعها من حالات إعسار وتصفية". يذكر ان قيمة الشيكات المرتجعة المتداولة في السوق الاردنية ارتفعت بنسبة 18.6 % خلال النصف الاول من 2014 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وحسب الارقام الصادرة عن البنك المركزي الاردني، سجلت قيمة الشيكات المرتجعة خلال النصف الاول من العام الجاري بنحو845 مليون دينار، مقارنة بـ 712 مليون دينار خلال 2013.
وتبلغ قيمة الشيكات المعادة منها لعدم كفاية الرصيد 495 مليون دينار، فيما سجلت قيمة الشيكات المعادة لاسباب اخرى 349 مليون دينار.