دراسة تدعو لاستحداث محكمة متخصصة للنظر في إعادة تنظيم الشركات المتعثرة
تعالت بشكل ملحوظ أصوات اقتصاديين يطالبون بتعديل أحكام الإفلاس (الإعسار المالي) الواردة في قانون التجارة لسنة 1966 والاستعانة بأنظمة الإفلاس الجديدة التي أثبتت نجاعتها في دول مختلفة.
وتطالب هذه الاصوات بإيجاد وسائل فاعلة لإنقاذ الشركات المتعسرة لتعود مشروعاً تجارياً قابلاً للاستمرار، وتوفير الضمانة اللازمة لحماية حقوق الدائنين والمساهمين والعاملين ما يؤدي لتحفيز الاستثمار واستقرار البيئة الاقتصادية والاجتماعية.
وبحسب استطلاع رأي نفذه خبراء لصالح مشروع "المبادرة الشرق أوسطية لإصلاح قانون الإفلاس" فان 100 % من العينة المستطلعة أكدت ان إجراءات الصلح الواقي من الإفلاس الحالية غير فعالة ولا تصلح لإنقاذ وضع التاجر المتعثر.
كما بين الاستطلاع ان 93 % من افراد العينة يرون ضرورة تدخل المشرع من أجل إتاحة الفرصة لإنقاذ وإعادة تنظيم المؤسسات التجارية والشركات المتعثرة لتمكينها من تفادي الإفلاس والتصفية، فيما يرى 30 % منهم أن على المحاكم لعب دور في انقاذ وإعادة تنظيم الشركات والمؤسسات التجارية، بموافقة أغلبية مزدوجة من الديون والدائنين.
وأكدت دراسة اعدت لصالح المشروع الذي ينفذه المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة بدعم من مكتب مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (MEPI) ان مشروع قانون الافلاس الحالي لم يفرق ما بين الديون المؤمنة برهون والديون غير المؤمنة برهون، وهو ما يتناقض مع القواعد التشريعية العامة.
ودعت الدراسة عند التصديق على خطة اعادة التنظيم، الى إخراج الأموال المرهونة من نطاق عملية إعادة التنظيم أو اشتراط موافقة ما لا يقل عن 50 % من أصحاب الديون المؤمنة برهون لإدخال تلك الأموال المرهونة ضمن خطة إعادة التنظيم، ومع ضرورة احتساب 50 % من كل نوع من أنواع الرهون على حدة، أي أن يتم التمييز ما بين الرهون العقارية ورهن الأسهم والحصص والرهون الأخرى.
واوصت الدراسة باستحداث محكمة متخصصة للنظر في طلبات إعادة التنظيم، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق عقد الاختصاص في نظر هذه الطلبات لمحكمة بداية عمان تحديداً، إذ سيؤدي ذلك إلى وجود هيئة قضائية متخصصة للنظر بجميع طلبات إعادة التنظيم وإجراءاتها على مستوى المملكة مما سيضمن صدور قرارات واجتهادات موحدة تساعد على إنجاح واستقرار هذا النظام القانوني المستحدث وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي توخاها المشرع من وضعه.
وترى الدراسة أنه من غير الصحيح إلزام المحكمة بالسير في اجراءات اشهار الافلاس من تلقاء نفسها في كل الحالات التي تنتهي فيها خطة إعادة التنظيم، وإنما أن يقتصر ذلك فقط على تقديم طلب من دائنين يمثلون (50 %) من الديون إلى المحكمة لدعوة الدائنين للتصويت على إنهاء خطة إعادة التنظيم؛ فالأصل أن اشهار الإفلاس وضع لمصلحة الدائنين وهم المخولون باستعمال هذه الوسيلة القانونية وفقاً لمصالحهم.
وقال مراقب عام الشركات برهان عكروش إن "مشروع قانون إعادة تنظيم وإفلاس وتصفية الشركات (الاعسار المالي) يهدف إلى وضع إطار قانوني للشركات المتعثرة بما يسمح للتاجر "الفرد والشركات" بإعادة تنظيم هيكلة الشركات بشكل يؤدي إلى الحفاظ على استمرارية نشاطها".
واوضح عكروش ان القانون يخص الشركات والتجار الذين يعانون من اضطرابات مالية تؤدي إلى عدم قدرة الشركة على سداد الالتزامات المترتبة عليها للدائنين.
وبين عكروش ان مشروع القانون يساعد الشركات التي تواجه صعوبات مالية على الاستمرار وتأدية التزاماتها تجاه المساهمين، بدلا من تحويل الشركات المساهمة العامة للتصفية الإجبارية بمجرد بلوغ خسائرها 75 % بموجب قانون الشركات الأردني.
وأكد عكروش ان القانون يحمي الشركة لفترة محددة حتى لا يتعرض لها الدائنون بالحجز اضافة الى ان مشروع القانون يوفر حوافز مناسبة للدائنين والمقترض للقبول بإعادة هيكلة الشركات القابلة لاستعادة مكانتها المالية والتجارية والحيلولة دون تصفيتها قبل فوات الاوان ومن شأن ذلك ان يحافظ على القيمة الاقتصادية للشركة وعلى وظائف العاملين فيها على حد سواء.
وقال عكروش ان" مشروع قانون الاعسار المالي ما يزال موجودا في مجلس النواب تمهيدا لاقرار بعد مرورة في مراحله الدستورية " متطلعا أن يتم إقرار المشروع في أقرب وقت ممكن".
وقال وزير الصناعة والتجارة والتموين الاسبق سامي قموه ان "مشروع قانون إعادة تنظيم وإفلاس وتصفية الشركات (الاعسار المالي) يعتبر من القوانين الاصلاحية التي تتبنها الدول المتقدة لمعالجة التي المالية التي تواجه الشركات".
وأكد قموه أهمية وجود قانون الاعسار المالي في قطاع الاعمال لحماية الشركات، خصوصا التي تمر باختلالات مالية ويمكنها إعادة البناء والنهوض من جديد ويجنبها المأزق الذي يؤدي الى التصفية الاجبارية لهذه الشركة.وبين أن إقرار القانون يتطلب تعديل وإلغاء بعض النصوص القانونية في قانون الشركات خصوصا التي تتعلق بتحويل الشركة التي يتجاوز خسارتها اكثر من 75 % الى التصفية الاجبارية. وأكد قموه أهمية الإسراع في إصدار قانون الإعسار المالي بهدف معالجة المشاكل التي تواجه الشركات وتضمن استمراريتها في ممارسة النشاط التجاري.
بدوره؛ بين مدير عام جمعية البنوك الأردنية عدلي قندح أن هنالك حاجة ماسة لتشريع يعمل على تنظيم أعمال التاجر وأحكام الافلاس والتصفية بالاضافة الى أن يعالج هذه القضايا بشمولية دون الرجوع الى أحكام القوانين الاخرى.
واشار الى ان نص المادة 3 /ب استثنت البنوك وشركات التأمين من الخضوع لاحكام القانون، نظرا لوجود تشريعات أخرى تحكم عملية اعادة تأهيل او تصفية الشركات المستثناة في حالة الافلاس، مؤكدا انه لا يجوز المساواة ما بين الديون غير المؤمنة برهون والديون المؤمنة برهون عند التصديق على خطة اعادة التنظيم أو خطة التسوية القضائية، لان ذلك يتناقض مع الضمان الذي يوفره الرهن التأميني والذي يتضمن انشاء حق عيني تبعي للدائن المرتهن على الماتل المرهون يمكنه من اقتضاء دينه من هذا المال بالتقدم على غير من الدائنين.
وبين ان مشروع القانون بشكله الحالي لا يحقق ولا يصل الى المعايير اللازمة، فنص المادة 108 منه تشير الى أن ديون الدائن المرتهن تسدد من قبل المصفي بعد أن يتم تسديد نفقات التصفية والتفقات والاتعاب والرسوم القضائية المترتبة على اجراءات التصفية واجور العاملين والمبالغ المستحقة للخزينة العامة والبلديات وبدل الايجار المستحق لمالك أي عقار مؤجر للتاجر
وقال استاذ قانون الشركات في جامعة البترا ومراقب عام الشركات الاسبق محمود عبابنة ان "مشروع قانون الاعسار المالي يفترض وجوده منذ سنوات حيث ان فكرة القانون بدأت العام 2005، وتمت صياغة مسودة مشروع قانون خاص للاعسار المالي وأجريت تعديلات كثيرة على مشروع القانون إلى أن وصل حاليا إلى ديوان التشريع وثم مجلس النواب".
وأكد عبابنة أن مشروع القانون يهدف الى خدمة الاقتصاد الأردني ويعطي مرونة للشركات للتغلب على المخاطر المالية التي تؤدي الى إفلاس الشركة بشكل مباشر.
وأوضح عبابنة أن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى خطوات عملية من أجل إصدار قانون إعادة تنظيم وإفلاس وتصفية الشركات، أو ما يعرف بـ"الإعسار المالي"، الذي يعتبر جزءا من استكمال منظومة التشريعات التي تسهم في التطور والنمو الاقتصادي، وبين ان مشروع قانون الاعسار المالي الجديد في حال اقراره يتطلب تعديل بعض القوانين خصوصا بنود الافلاس التجاري المتواجدة حاليا في قانون الشركات.