صواريخ المقاومة "الكرتونية" استردت كرامة العرب لا الفلسطينيين
منذ ان انحرفت بوصلة البعض من النخب السياسية والمثقفة في العالم العربي ، واغرقوا في استسهال الخنوع وتذوقوا طعم الذل والاستسلام حتى بات ديدينهم ، واصبح شغلهم الشاغل غسل ادمغة الاجيال العربية وتلويث مفاهيمها وقيمها .
جيل الهزائم والانكسارات هذا، حمل شعار 'العين لا تواجه المخرز' منذ هزيمته الاولى، واخذ يبث قناعته المسمومة في جيل لا يرتضي سوى الكرامة والعزة طريقا ومنهجا، وظل يجادلنا في جدوى المقاومة وفاعليتها في مواجهة الجيش الذي لا يهزم ، كما يراه المهزومون فقط، وشكك في ردع سلاح المقاومة وصواريخها حتى اطلق عليها لقب 'فوتيش المقاومة' و'الصواريخ العبثية'.
ولم يتعظ هؤلاء المنكسرون ، حين انتفض الجيش العربي الاردني عقب هزيمة مصر والعرب في حرب الست ساعات عام 1967، فسطر جيشنا العربي ومعه المقاومة الباسلة بعد الهزيمة بعام واحد فقط ملحملة اسطورية كتبت بسطور من الكرامة والعزة في كتب التاريخ.
وفي عام 2006 راهن العالم ومعهم حفنة من العرب المتصهينة، على قدرة المقاومة في جنوب لبنان على التصدي لجيش الاحتلال الصهيوني المنتشي بتاريخ من الانتصارات على الجيوش العربية، الا أن ارادة الحر المتسلح بعزيمة النصر وبهمة الرجال الرجال ، زلزلت الارض تحت الكيان الصهيوني وحفرت بسطور من ذهب في تاريخ العدو هزيمة غير مسبوقة شهد لها العالم ، واسقطت قيادات صهيونية عن عروشها.
والانتصار بالانتصار يذكر، فرغم الحصار المستمر منذ اكثر من 6 اعوام على شريط ساحلي لا تتجاوز مساحته 155 كيلوا مترا، ويضم اكبر تجمع سكاني في العالم بالمقارنة مع مساحته، ويدعى قطاع غزة، حصار لم يقتصر على العدو الصهيوني بل مدت دول عربية تدعي تاريخيا وصايتها على الامة العربية ، مدت يدها لساند العدو في خنق الاشقاء وحصارهم ، فيما تكفلت الماكينات الاعلامية بالتمهيد للعدوان على القطاع عبر حملة من التحريض والتخوين ووإلصاق التهم بفصيل مقاوم ، اما الماكنة المالية العربية فحدث ولا حرج .
ورغم تكالب اخوة يوسف على اخيهم، الا ان يوسف كان وفيا لقيمه ومبادئه وعروبته ودينه، فلم يرض الهوان والذل لامة تقودها بطون تعرشت حتى تكرشت.
المقاومة الفلسطينية، ولا نقول حماس او الجهاد او الشعبية او غيرها، انها المقاومة الباسلة من استعادت للعرب كرامتهم وعزتهم بصواريخهم الكرتونية العبثية كما تصفها بعض الاقلام المسمومة، صواريخ لم تهبها الدول العظمى الامرة والناهية، ولم تكلف مليارات الدولارت على حساب تقدم وتنمية الشعوب ، بل هي محلية الصنع بما توفر من مال ومواد اولية لم يقف الحصار الصهيوني العربي عائقا امام ارادة المقاومة في امتلاك ترسانة الردع .
اليوم وبعد 19 يوما من بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، يعترف العدو الصهيوني بمقتل 40 من جنوده المدربين والمدججين باحدث الاسلحة والتقنيات، ويعترف كذلك بأن صواريخ المقاومة قادرة على الوصول الى اي بقعة محتلة على امتداد فلسطين التاريخية، وضرب اي هدف تحدده المقاومة، انتصار وثقت له شركات الطيران العالمية التي علقت رحلاتها الى مطار بن غوريون في تل ابيب المحتلة، لاول مرة منذ عام 1991، ليذوق العدو بفضل الصواريخ العبثية طعم الحصار.
قد يقول البعض ، صحيح ان المقاومة ألحقت بالعدو خسائر غير مسبوقة ، وهو ما فشلت الجيوش العربية على امتداد الصراع العربي الصهيوني في تحقيقه، الا أنه في المقابل هناك ما يزيد عن الف شهيد ارتقوا الى ربهم، واكثر من 5700 مصاب خلال العدوان، ولكن دعونا نسأل ، منذ متى كانت الشهادة خسارة لامة اقصى امانيها نيل الشهادة ؟، ومن جانب اخر، كم فلسطيني يموت يوميا في قطاع غزة جراء الحصار والعدوان الذي لم يتوقف يوما منذ احتلال فلسطين قبل اكثر من 60 عاما؟.
ونلفت الى ان الخسارة والربح في الحروب لا تقاس بعدد القتلى والجرحى وحجم الدمار، بل تقاس بالقدرة على تحقيق الاهداف من الحرب، فهل حقق الكيان الصهيوني اهدافه المعلنة وغير المعلنة من العدوان بعد 19 يوما ؟.
نظرة سريعة على مبادرة وزير الخارجية الامريكي جون كيري للتهدئة في غزة، تكفي للتأكيد على نجاعة وجدوى المقاومة، فحين تقترح الدولة الداعمة والراعية للعدو الصهيوني نزع سلاح المقامة 'الكرتوني' مقابل 50 مليار دولار، وتصر على وقف اطلاق الصواريخ تجاه الكيان الغاصب، حينها على كل من يتحدث عن عبثية الصواريخ ان يصمت ، ويعيد حساباته، فأي صواريخ عبثية بدائية الصنع تقدر بـ 50 مليار دولار؟؟.
المقاومة عبر التاريخ لا تنتصر عسكريا، بل يكفيها نصرها السياسي والاخلاقي، واليوم انتصرت المقاومة الفلسطينية في غزة، وفرضت منطقها على العالم اجمع، بعد ان قلبت موازين القوى، ونزعت عن عورات الزعماء العرب المتصهينين منهم ورقة التوت الاخيرة، واعادت للجيل الصاعد مفاهيمه وقيمه التي كادت ماكينات الاعلام العربي المتصهينة ان تلوثها بمفاهيم الهزيمة والذل والاستسلام.
غاية القول، لاصحاب نظرية الصواريخ العبثية والكرتونية والفوتيش آن لكم ان تصمتوا ، فبالصواريخ الفوتيشية وحدها عادت كرامتنا .
طوبى للمقاومة وطوبى لجمهورها وطوبى لصواريخها العبثة الكرتونية.