حتى الأموات في غزة يبحثون عن مأوى في ظل العدوان الإسرائيلي
يبحث الأموات في قطاع غزة عن مأوى لهم تحت الأرض كما يفعل الأحياء فوقها في ظل العدوان الاسرائيلي الأعنف على القطاع والذي حصد مئات الشهداء.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الثامن من تموز (يوليو) الحالي استشهد اكثر من 1740 فلسطينيا. الا ان المقابر في هذا القطاع الأعلى كثافة سكانية في العالم لم تكن جاهزة لاستيعابهم.
ومع توالي سقوط عشرات الشهداء يوميا يضطر اهالي هؤلاء الضحايا لنبش القبور القديمة بحثا عن قبر فارغ يدفنون ضحاياهم فيه.
ووصل العشرات من عائلة رجب في سيارة نقل تحمل جثة ابنهم الذي سقط في غارة اسرائيلية على سوق الشجاعية الاربعاء الى مقبرة المعمداني في مدينة غزة. ومع تحليق الطائرات الاسرائيلية في قطاع غزة وقف هؤلاء المواطنون نحو ساعة يفتشون عن قبر لابنهم.
ويقول احدهم ويدعى محمد "في غزة لسنا قادرين على ان نعيش بكرامة ولا قادرين على ان نموت بكرامة. لا مكان لنا فوق الارض ولا تحتها".
ويقول عبد كشكو احد المتطوعين في العمل في هذه المقبرة "لا يوجد قبر لهذا الشاب، سينتظرون طويلا قبل ان يجدوا قبرا فارغا له".
ويوضح "هذه مقبرة قديمة وغير مستعملة لكن ظرف الحرب هو الذي فرض الدفن بها، كل شهيد له قريب مدفون هنا من زمان يتم دفنه في نفس قبر قريبه هذا".
وفي الجانب الآخر للمقبرة يقوم شبان بنبش عدة قبور تباعا بحثا عن قبر فارغ لدفن ابنهم. ويقول أحدهم ويدعى والي المملوك "حفرنا اكثر من قبر لكننا وجدنا أطفالا فيها وما زلنا نبحث".
ويتابع "أتينا لدفن أخي، لا نستطيع ان ندفنه في المقبرة الشرقية لانها خطرة".
وتعتبر المقبرة الشرقية الوحيدة في مدينة غزة التي تتسع لمقابر جديدة الا انها تقع على الحدود الشرقية لمدينة غزة والتي تشهد تقدما للدبابات الاسرائيلية وقصف مدفعي يحظر على المواطنين الوصول لها.
بدوره يقول رمزي النواجحة مسؤول دائرة الاعلام في وزارة الأوقاف في غزة ان وزارته قامت "بفتح المقابر القديمة التي كان يمنع الدفن فيها لامتلائها". واضاف ان "اهالي الشهيد يقومون بدفنه في اي قبر قديم دفن فيه سابقا احد افراد عائلته".
ويوضح "لا يوجد مواد بناء لانشاء قبور جديدة ولا يوجد ايضا مساحات في المقابر".
وتحاصر اسرائيل قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه منتصف تموز (يوليو) 2007 وتحظر دخول مواد البناء الى القطاع باستثناء كميات محدودة لمشاريع اجنبية خاصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
ورغم انه يعتذر عن تقديم احصائية دقيقة لعدد المقابر في قطاع غزة او عدد المقابر التي تم استئناف الدفن فيها لصعوبة التواصل بين موظفي الوزارة، الا انه يؤكد انه تم فتح مقبرتين على الأقل في كل محافظة من محافظات قطاع غزة لاستخدام مقابرها القديمة لدفن "الشهداء".
واضطرت عائلة السلك للتوجه الى حي الشعف شرق مدينة غزة، الذي أخلى أغلب سكانه منازلهم بعد تعرضه لقصف اسرائيلي طوال ايام الهجوم، لدفن اربعة من ابنائها سقطوا ايضا في قصف سوق الشجاعية.
ووصل عدد من افراد العائلة بسيارة نقل وهم يحملون جثث أبنائهم. وقد دفنوا اثنتين منها لطفلين في قبر واحد، قبل ان يغادروا على عجلة مع سماع دوي انفجارات جديدة في المنطقة".
ويقول الشاب محمود السلك "لا نعرف اين ندفن الشهداء، حتى المقابر غير موجودة في غزة".