مغردون من غزة: الحقيقة عارية من تحت القصف والدمار
يغردون لـ"الحقيقة" من تحت الركام في الملاجئ وبين أشلاء الجثث في المشافي والمجازر المرتكبة بحقهم. إنهم أهل قطاع غزة الشباب الذين يسارعون إلى نقل الحقائق عبر موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك"، لكي يعرف العالم حجم المذبحة والإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة.
عبر أجهزتهم الإلكترونية ينقلون صور الدمار وصور الفرحة المؤقتة في عيون أطفال نجوا من الموت بأعجوبة، يترحمون على أصدقائهم الشهداء، ويرسلون تحياتهم قبل النوم خوفا ألا يستفيقوا في ظل القصف الذي يمتد ويصل ليلهم بنهارهم.
في غزة أكثر من 40 ألف مغرد، يعملون علی نقل الحقيقة للعالم من تحت القصف الإسرائيلي. لم يتوقفوا رغم ساعات انقطاع الكهرباء المتواصلة وضعف تبادل بيانات الإنترنت.
طارق الفرا أحد المغردين النشطاء، وتجاوز عدد متابعي صفحته على "تويتر" 29 ألفا، يصف صمود شباب غزة ونقلهم للحدث بأنه "وسيلة مباحة لشعب يقاوم تحت قصف غاشم من العدو الصهيوني".
يبين الفرا حال المغردين الشباب في غزة، وكيف يقاومون، عبر صفحاتهم، من خلال نقل الصورة والحقيقة إلى العالم أجمع.
ويقول إنهم مجموعة شبان تنبهوا إلى جدوى وسائل التواصل الاجتماعي في نقل الحقائق، لافتا إلى أن هذه الوسائل لم تكن متوفرة خلال الحروب السابقة التي مر بها القطاع في العام 2008 والعام 2012.
ويضيف "اليوم، وفي ظل الاحتلال الغاشم، نحاول إيصال الحقيقة بطريقة إخبارية عبر "تويتر"، لأنه الموقع الأكثر سرعة في نقل الأحداث".
المغردون من غزة يجتمعون إذا سمح لهم الوقت، لنقل الخبر، كل وفق منطقته، والتأكد من حقيقة الخبر قبل نشره بالاستعانة بمصادر أخرى، أو مع جهات معنية من مستشفيات ووزارة الصحة، خصوصا في معرفة أسماء الشهداء، وحتى التنبيه لنوع الصواريخ التي تم القصف بها.
حاليا، 80 % من الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي بدأت تتأثر بانقطاع شركات الاتصال (مزود الإنترنت)، وخلل في موقع "تويتر" إلا أن التغريد مستمر.
ويعرب الفرا عن أمله بالتغيير والتأثير من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت بنظره "محركا كبيرا لدول العالم قبل دول المنطقة العربية"، مؤكدا أن المغردين في غزة "يحصدون اهتماما دوليا وعربيا قد يعمل على التغيير، خصوصا أن وسائل الإعلام العربي باتت تستفيد من الشباب المغردين من تحت الحدث ونقلهم الخبر بالصوت والصورة".
ويبين أنه لم يتم حتى اليوم حصر أعداد المغردين الذين قضوا شهداء في المجازر الإسرائيلية، لافتا إلى أنه فقد أصدقاء صحفيين ومغردين وأقارب ساهموا بنقل الحقيقة للعالم.
ويشيد الفرا بجميع وسائل الإعلام العربية والعالمية من صحف ووكالات أنباء حاولت الوصول إلى المغردين والتواصل معهم لنقل الصورة الأشمل لما يحدث تحت القصف.
صفحات "تويتر" للتغريد والتواصل مع أهل غزة تحمل هاشتاغ # غزة ـ تحت ـ القصف، ووجد هؤلاء الشباب من يؤازرهم من شتى دول العالم، وأصبح لدى بعض الناشطين مئات الآلاف، وبعضهم المليون متابع.
كثيرة هي تغريدات الشباب في غزة، وهي لا تنحصر جميعها بلغة "الصمود" حتى آخر ثوان متبقية لهم بهواتفهم المحمولة أو الحواسيب، فيغرد شاب قائلا "باقي لي 20 دقيقة ويفصل هاتفي من الشحن، وليس هناك وسيلة أخرى للتواصل أو شحن الهاتف جراء الانقطاع، استودعكم السلامة، ادعوا لأهلكم في غزة".
وهنا بعض التغريدات لشباب من غزة:
(عاصم النبيه - غزة 21 يوليو) أثناء كتابتي لهذه التغريدة سقطت أكثر من 6 قذائف مدفعية على حي #الشجاعية شرق #غزة!.
(عمر) "عشت مليون اجتياح حضرت مليون محرقة عشت 3 حروب شفت الموت مليون مرة بس هادي الليلة غير. كل إلي فات في كفة والليلة هادي في كفة.
(محمد Mohammed jouda) من المستشفى الكويتي أحدثكم الوضع كارثي # مجزرة ـ رفح.
في حين غرد (فادي Fadi N. Elshafei) يتم دفن الشهداء، دون الإعلان عن الأسماء. الجثث في ثلاجات الخضراوات، الليلة الأكثر دموية منذ خلقت، دمار، بؤس، أصدقاء وجيران لا نعرف أين ذهبوا.
فيما غردت (سلمى عمار ) في يومٍ وليلة، ودعت رفح 110 من الشهداء في أبشع مجزرة تمّت في هذه الحرب.