"داعش" يقترب من بغداد ويبرم هدنة إنسانية في عرسال اللبنانية
راوحت المعارك التي يشنها مقاتلو التيار السلفي الجهادي بين كر وفر على امتداد الجبهات التي فتحها بدءا من بغداد وشمال العراق وشمال شرق سورية، وانتهاء بعرسال اللبنانية التي شهدت اصطفافا واسعا مع الجيش في مواجهة الهجوم السلفي.
وقال عضو هيئة العلماء المسلمين في لبنان الشيخ سالم الرافعي، إنه تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار بين الجيش اللبناني والمجموعات المسلحة في بلدة عرسال قرب الحدود مع سورية، وقد أطلق المسلحون وفق هذا الاتفاق ثلاثة من أفراد قوى الأمن كانوا يحتجزونهم.
وأضاف الرافعي في حديث لمراسل "الجزيرة" في لبنان، أنه سيبدأ إدخال معونات إنسانية وطبية إلى البلدة وإجلاء الجرحى منها، وأن هذا الاتفاق ستتبعه خطوات أُخرى لإنهاء القتال، ويسيطر الهدوء النسبي منذ صباح أمس على البلدة لكن تخلل ذلك مناوشات متفرقة بين الطرفين.
وكان وفد الهيئة الذي دخل عرسال أمس تعرض لإطلاق نار من قبل مجهولين، ما أدى إلى إصابة خمسة من أعضائه بينهم الشيخ سالم الرافعي والمحامي والناشط الحقوقي نبيل الحلبي، ونقل المصابون إلى مستوصف داخل البلدة.
وتنص الهدنة على انسحاب المقاتلين من المناطق المحيطة بالمواقع العسكرية في عرسال وجوارها، والسماحِ بإجلاء المدنيين والجرحى من المدنيين السوريين واللبنانيين وإدخال مساعدات طبية إلى البلدة.
وقد ارتفع عدد قتلى الاشتباكات بين الجيش والمسلحين السوريين منذ يوم السبت الماضي إلى 38، بينما ذكر مسؤول أمني لبناني أن الجيش عثر أثناء تقدمه في عرسال على جثث خمسين مسلحا.
يشار إلى أن التوتر في عرسال بدأ عقب توقيف الجيش عماد جمعة قائد إحدى كتائب جبهة النصرة وقد أعلن بيعته لتنظيم الدولة الإسلامية قبل أسابيع، ورد المسلحون بمهاجمة مواقع للجيش في البلدة ومحيطها.
أما على الجبهة العراقية، فقال مسؤولو أمن واستخبارات، إن مسلحي تنظيم الدولة يقتربون من بغداد، في حين تعهد رئيس كردستان العراق مسعود البارزاني بمحاربة التنظيم، بينما قُتل سبعة أشخاص وأصيب عشرة بمنطقة الفلوجة لاستهداف المنطقة بالبراميل المتفجرة والمدفعية.
وأورد تقرير لوكالة رويترز أن مسلحي تنظيم الدولة يستخدمون الأنفاق السرية التي بناها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ويقتربون من العاصمة العراقية بدعم من رجال القبائل العراقيين المسلحين بكثافة.
وأشار التقرير إلى التقدم المفاجئ الذي أحرزه تنظيم الدولة في شمال البلاد بوصوله إلى سد الموصل واستيلائه على حقل نفطي خامس، وثلاث بلدات إضافية عقب طرده قوات البشمركة الكردية منها.
وقال التقرير إنه في الوقت الذي أُوقف فيه تقدم تنظيم الدولة من الشمال بالقرب من بلدة سامراء (مائة كلم من بغداد) يقوم مقاتلو التنظيم بتعزيز قوتهم بهدوء بالضواحي الجنوبية لبغداد.
وأشار التقرير إلى أنه ولمدة سبعة أسابيع استمر تنظيم الدولة في نقل مسلحين وأسلحة ومؤن من الفلوجة التي يسيطرون عليها عبر أنفاق صحراوية سرية إلى بلدة جرف الصخر (60 كلم جنوب بغداد).
وقالت مصادر طبية عراقية إن سبعة مدنيين من عائلة واحدة قتلوا بينهم امرأة وطفلان، وأصيب عشرة آخرون جراء إلقاء الطائرات المروحية التابعة لطيران الجيش العراقي البراميل المتفجرة على الأحياء السكنية بالفلوجة والكرمة غربي بغداد.
وأوضحت المصادر أن المروحيات هاجمت منطقة الكراغول شرقي الكرمة بالبراميل المتفجرة وقتلت سبعة من المدنيين، جميعهم من عائلة واحدة بينهم امرأة وطفلان، ودمرت منزلهم بالكامل وألحقت أضرار بالمنازل المجاورة.
وفي قصف مدفعي من قبل الجيش العراقي استهدف الأحياء السكنية على منطقة العبادي جنوبي الكرمة أصيب ثلاثة من المدنيين.
وفي الفلوجة أصيب سبعة مدنيين جراء إلقاء المروحيات البراميل المتفجرة على الأحياء السكنية، حيث تركز القصف على أحياء الجغيفي والمعلمين الثاني والضباط، ما أدى إلى هدم أجزاء من المنازل وإلحاق أضرار بمنازل مجاورة.
من جهة أخرى، تعهد مسعود بارزاني بمحاربة "الإرهابيين"، في إشارة إلى تنظيم الدولة، وذلك في رسالة مطولة للشعب الكردي، معلنا أن القيادة الكردية قررت التخلي عن مواقع الدفاع والانتقال إلى مرحلة جديدة وهي محاربة تنظيم الدولة.
وتوعد البارزاني بمحاسبة من سماهم "المقصرين في واجب الدفاع" عن المناطق التي انسحبت منها قوات البشمركة الكردية أمام مقاتلي تنظيم الدولة.
وانتقد البارزاني موقف حكومة بغداد من الأحداث الجارية، وقال إن قوات البشمركة تقاتل "الإرهابيين" وتدافع عن كردستان العراق بإمكانياتها المتواضعة، وإن الإقليم لم يتلقَّ أي مساعدة من الحكومة العراقية أو القوى الدولية، "بل وقفتا مانعا أمام جهودنا للحصول على الأسلحة بإمكانياتنا الذاتية للدفاع عن أنفسنا".
وقال شهود عيان إن قوات البشمركة استعادت سيطرتها على ناحية ربيعة ومعبر ربيعة على الحدود العراقية السورية أمس، وكانت البشمركة فقدت السيطرة على المنطقة أول من أمس بعد هجوم مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
مشاركة الطيران
وأضاف شهود العيان أن الطائرات العراقية تقصف منطقة ربيعة، بينما تواصل قوات البشمركة زحفها لاستعادة المناطق التي فقدتها.
وفي سورية، قتل خمسة عناصر على الاقل من تنظيم "الدولة الإسلامية" في قصف للطيران السوري أمس في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، والتي باتت في غالبيتها تحت سيطرة التنظيم الجهادي، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان
إلى ذلك، ارتفعت حصيلة القصف الجوي الذي شنته طائرات حربية الأحد على مدينتي دوما وكفربطنا قرب دمشق، إلى 64 شخصا بينهم 11 طفلا.
وقال المرصد "لقي خمسة مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية مصرعهم أحدهم من جنسية مغاربية (تونسي)، إثر قصف الطيران الحربي منزلا في قرية الزر قرب بلدة البصيرة في ريف دير الزور الشرقي".
كما قصف الطيران قرية الجرذي في الريف الشرقي للمحافظة الحدودية مع العراق، والواقعة تحت سيطرة "الدولة الإسلامية"، بحسب المرصد.
وسيطر التنظيم بشكل شبه كامل في تموز (يوليو) على محافظة دير الزور الغنية بالنفط، وربط بينها وبين المناطق التي يسيطر عليها في غرب العراق، وذلك بعد إعلانه قيام "الخلافة الإسلامية" نهاية حزيران (يونيو) في مناطق سيطرته في سورية والعراق.
وكثف الطيران السوري قصف معاقل التنظيم الجهادي منذ إعلانه إقامة "الخلافة". كما يخوض التنظيم معارك في ريف دير الزور مع عشيرة الشعيطات السنية التي "انتفضت" ضده إثر نقضه اتفاقا سابقا يقضي بعدم مساسه بأفرادها.
وأودت معارك الطرفين بحياة 13 مسلحا عشائريا الاثنين، بحسب المرصد.
كذلك يخوض التنظيم منذ كانون الثاني (يناير) معارك عنيفة مع تشكيلات من مقاتلي المعارضة، اضافة الى جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، ادت الى مقتل نحو ستة آلاف شخص، بحسب المرصد.
وأمس، قال المرصد إن التنظيم الجهادي "عثر على أربعة مخازن أسلحة لمقاتلي جبهة النصرة ومقاتلي حركة اسلامية كانت مخبأة في مدينة دير الزور" التي طرد منها مقاتلو المعارضة منتصف تموز (يوليو).
وأشار إلى أن "سيارة مفخخة انفجرت بعد منتصف ليل أمس في مبنى الأمن السياسي سابقا والذي يتخذه تنظيم الدولة الإسلامية مقراً له" داخل مدينة دير الزور.
وأشار المرصد إلى أن التفجير أدى إلى سقوط قتلى من "الدولة الإسلامية" لم يحدد عددهم، إضافة إلى تدمير كبير في
المبنى.