المقاومة الفلسطينية: المفاوضات لن تحقق للعدو ما فشل به العدوان
أكدت المقاومة الفلسطينية أمس ان مفاوضاتها غير المباشرة مع ممثلي الاحتلال الإسرائيلي في القاهرة لن تفضي الا إلى تحقيق مطالبها، مشددة على أن ما فشلت به إسرائيل في العدوان لن تأخذه في المفاوضات.
وشدد القياديان في حركتي حماس والجهاد الاسلامي اسماعيل هنية وخالد البطش ان المفاوضين الفلسطينيين لن يقدموا اي تنازلات للاحتلال الذي واجه مقاومة فلسطينية مختلفة نوعيا خلال عدوانه الذي استمر شهرا على قطاع غزة، مؤكدين ان نزع سلاح المقاومة مجرد ضرب من الاوهام التي تداعب مخيلة الاحتلال، الامر الذي شددت عليه قيادات في حركة فتح في رام الله.
إلى ذلك، أعلن مسؤول إسرائيلي كبير امس ان إسرائيل توافق على تمديد وقف إطلاق النار الساري منذ الثلاثاء لثلاثة ايام في قطاع غزة، من دون شروط ودون مهلة زمنية.
وقال المسؤول طالبا عدم كشف هويته "إسرائيل لا ترى اي مشكلة في تمديد وقف اطلاق النار بلا شروط" مضيفا ان التمديد يمكن ان يكون مفتوحا.
في حين نفت حماس قبولها تمديد الهدنة إلى 72 ساعة بدون تحقيق مطالبها وعلى رأسها رفع الحصار عن غزة والافراج عن معتقلين.
في وقت لاحق امس، غرد القيادي في حركة حماس موسى ابو مرزوق على تويتر بأنه "لا يوجد اتفاق على مد هدنة غزة".
والتزم الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي منذ الساعة 08,00 الثلاثاء بوقف لاطلاق النار مدته 72 ساعة لاتاحة الوقت لوفديهما المفاوضين بوساطة مصرية في القاهرة، للاتفاق على هدنة دائمة.
وذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية أن رئيس المخابرات المصرية اجتمع مع وفد فلسطيني في القاهرة بعد يوم من اجتماعه مع مبعوثين إسرائيليين. ويضم الوفد الفلسطيني الذي يقوده مسؤول من حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس مبعوثين من حركتي حماس والجهاد الاسلامي.
وقال مسؤول مصري ان المحادثات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمضي قدما موضحا أن الجانبين لا يجتمعان وجها لوجه.
وأضاف أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن نتائج الا أن هناك تفاؤلا.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري للصحفيين ان بلاده تعمل بجد للتوصل لاتفاق وتبحث عن "حلول لحماية الشعب الفلسطيني ومصالحه".
لكن مسؤولا كبيرا في الجناح العسكري لحماس قال ان الحركة قد تنسحب من محادثات القاهرة اذا لم يتحقق تقدم تجاه تحقيق مطالبها الرئيسية برفع الحصار عن غزة والافراج عن معتقلين فلسطينيين.
وقال القائد الكبير للجناح العسكري للحركة متحدثا لرويترز بشرط عدم نشر اسمه "ما لم تلب شروط المقاومة فسينسحب الفريق التفاوضي من القاهرة وسيرجع الامر حينئذ للمقاومة في الميدان".
وفي القاهرة، توقع زياد النخالة نائب الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي نتائج ايجابية لمفاوضات القاهرة غير المباشرة مع ممثلي الاحتلال الإسرائيلي، لافتا إلى ان مرد تفاؤله هو موقف مصر "الذي نتوقع منها دعما كبيرا لمواقفنا ومطالبنا".
ورفض نائب أمين عام الجهاد الاسلامي "أي مزاودات على الموقف المصري واتهامه بدعم إسرائيل فهي مجرد أقاويل اعلامية لا قيمة لها ونحن نعرف جيدا قيمة مصر ومواقفها تجاه الشعب الفلسطيني فمصر وفلسطين تاريخ من النضال والتضحيات والشراكة".
وناشد النخالة مصر بفتح صفحة جديدة مع حركة حماس لوجود قواسم مشتركة بين مصر وكل الفصائل الفلسطينية وحماس جزء من الشعب الفلسطيني.
واكد ان المطالب الفلسطينية بشأن اتفاق دائم لوقف إطلاق نار باتت في أيدي الجانب المصري الذي بدوره يتابع المفاوضات مع إسرائيل، مشيرا إلى أن إنشاء مطار وميناء في قطاع غزة مدرج في قائمة المطالب الفلسطينية.
وقال النخالة إن الحرب الجارية بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية اثبتت للإسرائيليين والعالم ان شعب فلسطين ابدع في المقاومة وأنه لن يتنازل عن حقوقه.
واعتبر أن إسرائيل خسرت الكثير خلال هذه الحرب وأن الجيش الإسرائيلي فقد هيبته أمام التطور الكبير في اداء المقاومة الفلسطينية وقال إن إسرائيل الان تبحث عن مخرج سريع للمأزق الذي أوقعتها فيه المقاومة.
ونقل مسؤولون مصريون في القاهرة المطالب الإسرائيلية إلى المفاوضين الفلسطينيين امس الاربعاء في اطار المحادثات التي تهدف إلى احلال هدنة دائمة في غزة بعد انتهاء التهدئة لمدة 72 ساعة المطبقة منذ اول من امس الثلاثاء.
وتتعارض مطالب الجانبين تماما اذ ان إسرائيل تطالب بان تسلم فصائل المقاومة اسلحتها.
واكدت حماس الثلاثاء رفضها مجرد الاستماع لطرح "نزع سلاح المقاومة" في قطاع غزة، الامر الذي تطالب به إسرائيل كشرط لتهدئة دائمة في القطاع بعد هجوم جوي وبري عليه استمر نحو شهر.
ولم تسجل اي مواجهات في قطاع غزة امس في اليوم الثاني من التهدئة التي تم التوصل اليها بفضل وساطتين مصرية واميركية.
وانسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكامل من قطاع غزة الثلاثاء بعد شهر من بدء العدوان الذي اودى بحياة 1875 فلسطينيا بينهم 430 طفلا وفتى و243 امرأة، حسب وزارة الصحة الفلسطينية. وفي الجانب الإسرائيلي قتل 64 جنديا وثلاثة مدنيين.
وقال مفاوضون فلسطينيون لوكالة فرانس برس طالبين عدم كشف هوياتهم ان "الوفد الإسرائيلي حضر امس إلى القاهرة والتقى المسؤولين المصريين (...) وعاد إلى تل ابيب للاجتماع مع الحكومة الإسرائيلية ونقل ما دار في الاجتماع المصري الإسرائيلي".
ويضم الوفد الفلسطيني حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة وتشكل الهدف الرئيسي لإسرائيل.
وكان عزت الرشق القيادي البارز في حماس اكد "نحن كوفد لا نقبل ان نستمع إلى اي طرح في هذا الخصوص (...) ومن يظن انه انتصر في المعركة حتى يطلب هذا الطلب هو مخطئ، فالشعب الفلسطيني ومقاومته وصموده هم المنتصرون".
واضاف الرشق ان "موافقة إسرائيل على التهدئة وما تلاها من انسحاب لجيش الاحتلال من غزة جاءت لانهم وصلوا إلى طريق مسدود (...) رغم الالم والصمود والتضحيات والصبر نؤكد ان شعبنا ملتف حول المقاومة".
واعتبر ان "كل ما انجزته إسرائيل هو جرائم حرب ضد المدنيين وعدونا لم ولن يحقق اهدافه من هذه المعركة".
ويطالب الفلسطينيون ايضا برفع الحصار المستمر منذ ثماني سنوات ويؤدي إلى خنق القطاع الصغير، واطلاق كل الاسرى ومطار عملاني في غزة.
ووصل امس إلى القاهرة توني بلير ممثل اللجنة الرباعية (الامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي) يرافقه منسق الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط روبرت سيري.
وتبدو مواقف الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين الذين يخوضون مفاوضات في القاهرة للتوصل إلى وقف اطلاق نار دائم في قطاع غزة، على طرفي نقيض بخاصة حول الحصار الذي يخنق القطاع الفلسطيني.
وتطالب المقاومة الفلسطينية برفع الحصار البري والبحري الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ 2006، بعد اسر الجندي جلعاد شاليط.
وتطالب بتوسيع مناطق الصيد البحري قبالة غزة وفتح مرفأ ومطار في غزة.
ويطالب الفلسطينيون باعادة فتح معبر رفح مع مصر، علما بانه المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل.
وقطاع غزة لا يتصل بالعالم الخارجي سوى من خلال ثلاثة معابر هي : رفح مع مصر في الجنوب، بيت حانون في الشمال وكرم ابو سالم في الجنوب مع إسرائيل، لتنقل الافراد والبضائع على التوالي.
وتبقي مصر معبر رفح مغلقا بشكل شبه دائم منذ عزل الرئيس محمد مرسي العضو في جماعة الاخوان المسلمين التي تنبثق منها حركة حماس. وعلاقات مصر مع حماس تدهورت بشكل كبير منذ عزل مرسي. وقامت مصر، بتدمير العديد من الانفاق الذي حفرها الفلسطينيون تحت الحدود حتى اثناء المواجهات الاخيرة.
ويطالب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بان يكون قطاع غزة منزوع السلاح، بعبارة اخرى تجريد حماس من السلاح، كشرط لاي ضوء اخضر إسرائيلي لاعادة البناء في الجيب الفلسطيني. وقد رفضت حماس من جهتها بشكل قاطع هذا المطلب.
ويطالب نتنياهو ايضا بفرض تفتيش صارم للغاية على كل من وما يدخل إلى القطاع. كما يطالب كيان الاحتلال بالحصول على مراقبة دولية حول استخدام المواد المفترض استخدامها لاعادة بناء القطاع المدمر، كي لا يتم استعمالها لاعادة بناء الانفاق التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتطالب المقاومة بالافراج عن ستين اسيرا فلسطينيا تم اطلاق سراحهم في 2011 في اطار عملية تبادل مع الجندي شاليط ثم سجنوا من جديد بعد خطف ومقتل ثلاثة شبان إسرائيليين في الضفة الغربية. ورفضت إسرائيل بشكل قاطع هذا المطلب.
في الأثناء؛ بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس مناقشة المشروع الأردني المهم الذي تقدم به الأردن لرفع الحصار عن قطاع غزة ومعالجة الكارثة الإنسانية التي تسبب بها عدوان الاحتلال طيلة الفترة الماضية.
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي "أهمية القرار الأردني لرفع الحصار عن غزة، وضرورة نفاذه".
وقال، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "المهم الآن الالتزام الإسرائيلي بوقف إطلاق النار والاستجابة للمطالب الفلسطينية المحقة برفع الحصار وفتح المعابر والممر الآمن، وتنفيذ المسائل المتعلقة بإتاحة الصيد 12 ميلاً بحرياً".
وأضاف أن "تطبيق تلك الشروط يمهد لبحث مشروع إعادة إعمار غزة"، في ظل الاستعداد لعقد مؤتمر دولي للمانحين مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل في أوسلو وسط تقديرات بالحاجة إلى 3 – 4 مليار دولار لهذا الخصوص.
وأوضح بأن "كافة الاحتمالات مفتوحة عند انتهاء مهلة وقف إطلاق النار غداً، إزاء فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه المرسومة سلفاً من عدوانه ضد قطاع غزة بذريعة "قتل المستوطنين"، بدون استبعاد "استمرار التهدئة".
ولفت إلى أن "الاشتراط الإسرائيلي بربط إعادة اعمار غزة بنزع سلاح المقاومة أمر مرفوض كلياً ولا يمكن بحثه، وإنما يتم فقط عند إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين".
وحذر من "مساعي الاحتلال لتكرار تجربة الضفة الغربية باعتبارها منزوعة السلاح وبالتالي يمكن له استباحة أراضيها والاعتداء على مواطنيها وارتكاب المجازر فيها".
وشدد على أن "المقاومة مستمرة في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى حين إنهاء الاحتلال وتحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة".
وأكد "الذهاب الفلسطيني إلى لاهاي وتوقيع ميثاق روما الذي يسمح بمساءلة مرتكبي جرائم الحرب من الإسرائيليين ومحاكمتهم".
ولفت إلى "قرار القيادة الفلسطينية بعدم العودة إلى الماضي في العلاقات مع سلطات الاحتلال"، مشيراً إلى أن "الخطة الفلسطينية تتضمن عدم استئناف المفاوضات ووقف التنسيق الأمني ومتابعة الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة بحماية دولية للشعب الفلسطيني".-