نغمة "تنحي الأسد" تتفاعل مجددا ... والأردن "متحمس جداً" !!
ملامح الحماس ظاهرة للعيان على النخبة الرسمية في الأردن جراء عودة ما يعتبره البعض دورا محوريا للمملكة في النطاق العملياتي والسياسي لحملة التحالف الدولي الجديد ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
عمليا يبدو أن وجود «حراك مالي وإقتصادي» ناتج عن الخطط العسكرية المحتملة للتحالف يرفع من «معنويات» بعض القطاعات الأردنية في الوقت الذي يمكن فيه إعتبار عبور ومرور العشرات من مسؤولي الظل الأمريكيين والغربيين من محطة عمان بمثابة «خبر مفرح» للأردن الطامح دوما لدور مركزي في مسار الأحداث.
عبر عن ذلك بوضوح وزير الخارجية ناصر جودة وهو يدلي ببيان موسع مساء السبت في مجلس الأمن «يغازل» فيه بوضوح الحكومة العراقية الجديدة ويتعهد بدعمها وإسنادها في محاربة الإرهاب.
قبل موجة الحماس الأخيرة كان المسؤولون الأردنيون يتجنبون إطلاق تصريحات مباشرة ضد تنظيمات «داعش» ويتناقلون تأكيدات النسخة المحلية من السلفيين الجهاديين بأن الأردن بعيد تماما عن أهداف تنظيم الدولة الإسلامية وهو ما جدد تأكيده عدة مرات المحامي المتخصص بالشؤون الجهادية موسى العبداللات.
اليوم تغيرت معطيات الصورة قليلا فالمسؤولون الأردنيون بدأوا يميلون إلى اللغة المباشرة التي يعلنون فيها أن بلادهم «عضو فاعل» في التحالف الدولي الجديد وأن المملكة إستهدفها الإرهاب العراقي سابقا وأن الحرب الجديدة هي حرب أردنية بإمتياز.
يمكن إستنتاج ذلك من اللغة التي تحدث بها الوزير جوده في المنبر الأممي ويمكن قراءتها في مضمون المحاضرة التي ألقاها نائب رئيس الأعيان معروف البخيت وهو يعلن بإسم الأردنيين «هذه حربنا».
مثل هذا الحماس المتفاعل حساس وخطير ويؤدي لمنزلقات برأي البرلماني المخضرم خليل عطية الذي يحذر من العمل مع «التحالف».
لكن في منطقة أعمق من مستويات القرار يمكن إشتمام رائحة الترحيب الشديد بعودة الأردن لدور أساسي وفاعل في سياق معركة مع الإرهاب تعتبر الأجهزة الأردنية من الخبراء جدا فيها أصلا خصوصا وان السنوات العشرين الماضية حافلة بسجلات الإشتباك مع القوى المتطرفة سواء إرتدت لباس تنظيم القاعدة أو غيره.
الوزير جودة تحمس بقسوة عندما أعلن أن بلاده ليست ضد «داعش» فقط ولكن تراقب من يتعاطف معها ويساندها في إشارة واضحة للعمل المكثف على خطوط «الحواضن الإجتماعية» وهوأمر يقول الناطق الرسمي بإسم الحكومة الدكتور محمد مومني أن حكومته معنية به.
في مساحة العمل على الحاضنة الإجتماعية شكلت لجنة وزارية مختصة وضعت تقريرا إستراتيجيا حدد أدوار هياكل ومؤسسات الدولة ضمن برنامج واجبات لمواجهة التطرف في المجتمع الأردني في الوقت الذي دخلت فيه الماكينة الأردنية وبعمق في تفصيلات العمل والتخطيط الأمني وأحيانا العسكري.
التقرير المشار إليه تضمن مجموعة توصيات إجرائية وبيروقراطية من النوع الكلاسيكي لكنه لم يتضمن أي إشارة لضرورة التعاون مع الأخوان المسلمين بإعتبارهم أبرز تنظيم سياسي إسلامي في البلاد يمكن التعاون معه ضد القوى المتشددة.
«لا يمكن إغماض العين عن ما يجري حولنا»، قال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، و»لا يمكن إلا الإنحناء لعاصفة الأمريكيين التي بدأت ترسم ملامح الحملة الجديدة التحالفية في المنطقة»، يقول وزير سابق للخارجية يرفض ذكر إسمه.
قياسيا بالوضع الإقتصادي للدولة الأردنية لا تنطوي المشاركة في التحالف الجديد إلا على مكاسب لكن القيمة الأهم سياسية بإمتياز خصوصا بعد عودة التفكير الأمريكي الإستراتيجي خلف الكواليس بعنوان «عمل عسكري ميداني» في سوريا تحديدا مع شعار «تنحي بشار الأسد».
عمان أكثر عاصمة عربية إستمعت مؤخرا للنغمة التي تؤكد أمريكيا بأن الرئيس بشار الأسد «لا يمكنه الإستفادة» من حملة التحالف وبأي شكل مما يعني ضمنيا نشاطا لوجستيا وأمنيا على الحدود الأردنية ـ السورية وهو النشاط الذي يكرس الدور الإقليمي الأردني مجددا.