مطالبات للحكومة بإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات
فيما ترى جهات رسمية ان المادة 308، والتي تعفي المغتصب من عقوبته في حال زواجه من الضحية، تشكل "مخرجا توافقيا من العار ينسجم مع خصوصية المجتمع"، تسعى أسر ضحايا إلى رفع عريضة إلى الحكومة للمطالبة بإلغاء المادة التي "تسببت بظلم كبير لبناتهن".
ففي ورشة عمل نظمتها مجموعة القانون لحقوق الإنسان (ميزان) بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان وحملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة أول من أمس، جرى استعراض شهادة لضحية اغتصاب، تحدثت عن معاناتها بعد زواجها من الجاني.
تقول الفتاة في شهادتها المكتوبة "تعرضت للاغتصاب في سن 15 عاما، وتحت ضغط أسري ومجتمعي تم تزويجي من الجاني، لم تتقبلني أسرته كزوجة لابنهم، تعرضت لأسوأ أنواع المعاملة، وفي المقابل ظل زوجي يهددني بأنه سيعمل على زجي بالسجن انتقاما مني".
وتتابع، "حاول استغلالي بأعمال غير أخلاقية وتشغيلي بالدعارة بقصد تحقيق فائدة اقتصادية، لكنه، لم يتمكن من تحقيق أهدافه، فحصلت على الطلاق بعد أقل من عامين".
وتؤكد المديرة التنفيذية لمجموعة (ميزان) المحامية ايفا ابو حلاوة "أن (ميزان) تلقت خلال الفترة الاخيرة مطالبات من أسر عدة" تطالب بإلغاء هذه المادة بسبب "الضرر الذي وقع على بناتهن جراء تزويجهن وفق المادة 308".
وأضافت، "في السابق كانت الأسر تميل إلى تزويج بناتهن من المغتصب باعتباره الحل الوحيد، لكن خلال العامين الماضيين شهدنا "حالات رفض أسر للزج ببناتهن بين أيدي مجرمين وأشخاص غير مؤتمنين"، لافتة إلى أن "ميزان" بصدد رفع هذه المطالبات كعريضة إلى الحكومة والجهات التشريعية بقصد إلغاء المادة 308".
وبينت ابو حلاوة ان "قانون العقوبات ينص على إعفاء الجاني في جرائم الاغتصاب وهتك العرض والخطف من العقوبة في حال زواجه زواجا صحيحا من الضحية، على ان يستمر الزواج في حالات الاغتصاب 5 أعوام بعد ارتكاب الجناية أو 3 بعد ارتكاب الجنحة".
وأوضحت "غالبية تلك الحالات لا يستمر بها الزواج.. وحتى بعد الطلاق في حال لم يستكمل الجاني شرط المدة المذكورة في القانون لا يتم متابعته ومعاقبته".
وحول مبرر الحكومة أن المادة تهدف إلى حماية حق الطفل الناجم عن الاغتصاب في النسب، أوضحت انه "ليس جميع حالات الاغتصاب ينجم عنها حمل، وحتى في الحالات التي ينجم عنها حمل، فإن المغتصب غير ملزم قانونا بالاعتراف بنسب الطفل حتى لو تم الزواج، وحتى لو تم إجراء فحص البصمة الوراثية DNA".
وشهدت الجلسة نقاشا بين المشاركين، لجهة ان البعض اعتبر ان المادة تشكل مخرجا لحالات المواقعة بالرضا عندما تكون الضحية القاصر راغبة بالزواج من الجاني، بيد ان أبو حلاوة اعتبرت أن "القانون لا يأخذ برضا القاصر والتي غالبا ما يكون مغررا بها من قبل شخص بالغ"، لافتة الى الصفات العامة للمغتصبين كونهم من أصحاب الأسبقيات وتحديدا في جرائم هتك العرض.
من ناحيتها، تطرقت مديرة مركز رعاية فتيات الرصيفة التابع لوزارة التنمية الاجتماعية إلى التبعات السلبية على الفتاة القاصر نتيجة تزويجها بمغتصبها، لافتة إلى ان "هذا الضرر يستمر لأعوام طويلة على الضحية".
وتابعت، واقع الحال فإن المستفيد الوحيد من هذه المادة هو الجاني نفسه الذي يفلت من العقاب، في حين يعد الزواج للضحية عقوبة أبدية.
وتم خلال الورشة عرض مسرحية تفاعلية لطالبات جامعيات، تناولت التطبيق العملي للمادة 308 وكيف يستغلها الجناة في الإفلات من العقوبة، فيما تناولت الجلسة الثانية قانون الأحداث الجديد والذي سيدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل.
وبينت قاضي محكمة الاستئناف القاضية فداء الحمود ان "قانون الأحداث الجديد حمل في طياته جوانب ايجابية من حيث اعتماده على الفلسفة الاصلاحية بدلا عن العقابية في التعامل مع الأحداث، ورفع سن المساءلة الجزائية إلى 12 عاما بدلا من
7، فضلا عن تضمين القانون لنص يفيد "بوجوب عدم توقيف الحدث قبل المحاكمة في الجنح ما لم تقتض مصلحة الحدث".
بيد أن الحمود تطرقت إلى عدد من التحديات التي ستواجه تطبيق القانون؛ أبرزها صعوبة الانتقال الفوري من الفلسفة العقابية إلى الإصلاحية في التعامل مع الحدث، الأمر الذي يتطلب تدريب مراقبي السلوك ورجال الأمن والقضاة وكافة الجهات التي تتعامل مع الأحداث. وشددت على أهمية وجود قضاء مستقل للأحداث، وهو الامر الذي وفره القانون الجديد، بحيث نص على وجوب وجود 12 محكمة صلح أحداث على الأقل في كل محافظة، ومحاكم بداية اذا اقتضت الحاجة، بيد انه ولغاية الآن لم يتم توفير مبانٍ لهذه المحاكم.
وأكدت الحمود أهمية تفرغ وتخصص قاضي الأحداث للتعامل مع قضايا الأطفال فقط، نظرا لخصوصيتها واختلافها عن قضايا البالغين.
وتطرقت إلى جانب إيجابي آخر ينص على وجوب تقديم تقرير مراقب السلوك للمدعي العام، في حين كان سابقا يتم رفع تقرير مراقب السلوك للقاضي.
وتحدثت الحمود عن إشكالية بند العقوبات غير السالبة للحرية، لافتة إلى انه رغم ان القانون نص عليها لكنه لم توجد آليات لتطبيقها وتنفيذها.