نسبة تشغيل ذوي الإعاقة بالقطاع العام لا تزيد على 1.0 % .. و0.5 % بالخاص
أكد تقرير عمالي حديث وجود العديد من "التحايلات القانونية" من قبل أصحاب العمل "للتملص" من تشغيل الأشخاص من ذوي الإعاقة، فيما يعاني العاملون منهم من "ظروف عمل صعبة"، مطالبا بضرورة إعادة صياغة بعض النصوص القانونية في قانوني العمل وحقوق الأشخاص المعوقين المتعلقة بتشغيلهم، بما يضمن تطبيقهما بشكل فعلي على أرض الواقع.
وبين التقرير الذي حمل عنوان "تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة: فجوات قانونية وحرمان من حقوقهم الأساسية" صدر أمس عن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش أيبرت"، أن "مختلف التقديرات تشير إلى أن نسبة تشغيل ذوي الإعاقة في القطاع العام لا تزيد على 1.0 %، وتقارب 0.5 % في القطاع الخاص، الأمر الذي يحرم القادرين عن العمل من هذه الفئة من حقهم في العمل بشكل لائق".
واعتبر أن تسهيل عملية تشغيل ذوي الاعاقة في القطاع العام، يتطلب إعادة النظر بنصوص نظام اللجان الطبية رقم (58) لسنة 1977، خاصة الشروط الواجب توافرها في طالب التوظيف في القطاع العام.
وفيما يتعلق بظروف عمل ذوي الإعاقة في القطاع الخاص، بين التقرير أن قطاعات واسعة منهم، "ما يزالون يعانون من ظروف عمل صعبة خاصة تلك المتعلقة بتوفير التسهيلات البيئية لهم"، وفي مجال الأجور إذ إن "أعدادا كبيرة منهم تقل أجورهم الشهرية عن الحد الأدنى للأجور البالغ 190 دينارا شهريا".
وبين أن ذوي/ات الإعاقة "يتعرضون للكثير من الضغوط النفسية، إلى جانب عدم تقبل المجتمع لهم ولإعاقتهم، والاستهانة بقدراتهم، اضافة الى ضعف بيئة العمل المتاحة لهم، والتي لا توفر لهم الحدود الدنيا من التسهيلات البيئية، وعدم توفر وسائل نقل عام مناسبة، ورفض غالبية السائقين نقلهم، وحرمانهم من الحماية الاجتماعية في إطار مظلة الضمان الاجتماعي، وإشغالهم لوظائف هامشية ليست ذات علاقة بالمهارات التي يحملونها".
وقال مدير المركز أحمد عوض إن هذا التقرير هو الثاني الذي يصدره المركز حول تشغيل ذوي الإعاقة، حيث صدر الأول العام 2009، مبينا أن "لا فروقات جوهرية في ظروف عملهم أو في فرص العمل المتاحة لهم منذ صدور التقرير الأول قبل خمسة أعوام".
وأكد التقرير أنه "لا توجد في الأردن مؤشرات إحصائية محددة تتناول أعداد ذوي الإعاقة، فهي تتفاوت بشكل كبير تبعا للجهة التي تصدر المؤشر أو تقدره، حيث يقدر البنك الدولي نسبتهم بالأردن في أدنى تقدير من 4-5 % من عدد السكان، أي ما يعادل 300 ألف.
فيما يشير تقرير "واقع الإعاقة في الأردن: العمالة والبطالة" للعام 2010، الذي نفذه المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة، إلى أن نسبة ذوي الإعاقة في الأردن تبلغ 2 % من مجمل السكان.
في حين قدر المجلس نسبة الإعاقة في نهاية العام الحالي بـ600 ألف من جميع فئات الإعاقة، معتبراً أن الاحصائيات الحالية "غير دقيقة".
وأشار تقرير "الفينيق" إلى أن "أعلى نسبة من ذوي الإعاقة موجودون في محافظة إربد، بنسبة 2.3 %، بينما بلغت في محافظتي معان وعجلون 2.2 %، و2 % في عمان والكرك والعقبة، وفي الزرقاء والطفيلة 1.8 %، وفي البلقاء 1.7 %، وفي جرش والمفرق 1.5 %، بينما كانت أدنى نسبة انتشار لهم في محافظة مادبا بنسبة 1 %".
وأكد أن الحكومات الأردنية "ما تزال غير قادرة على إنفاذ غالبية الحقوق المنصوص عليها لفئة ذوي الإعاقة في قانوني الأشخاص المعوقين، والعمل".
وبين التقرير أنه "ورغم تناول قانون الأشخاص المعوقين حقهم في العمل في مادته الرابعة، بفرص متكافئة وبما يتناسب والمؤهلات العلمية، والتزام صاحب العمل بتقديم الترتيبات الميسرة واللازمة لعملهم، إلا أن حق هذه الفئة في العمل ما يزال دون المستويات التي نصت عليها القوانين، والبالغ 4 % من أعداد العاملين".
وأشار إلى "وجود فجوات في بعض النصوص القانونية والأنظمة والتعليمات التي تسمح لكل من أصحاب القرار في القطاعين العام والخاص بعدم الالتزام ببعض النصوص الإيجابية التي توفر حماية لحق العمل لهم، حيث تشترط أن "تسمح طبيعة العمل" بتطبيقها، وفي ظل غياب جهة وضوابط تحقق القيد الخاص في قانوني العمل والأشخاص ذوي الاعاقة، فإن المرجع في ذلك سيكون الطبيب وما يرتئيه من خلال الفحص والتشخيص الطبي المحض".
ورأى التقرير أن "نسبة تشغيل ذوي الإعاقة في القطاع العام لا تزيد على 1.0 %، فيما تقارب 0.5 % في الخاص، الأمر الذي يحرم القادرين على العمل منهم، من حقهم في العمل بشكل لائق، إضافة إلى غياب مؤشرات إحصائية تبين معدلات البطالة لديهم، تسهل مقارنتها مع الفئات الاجتماعية الأخرى".
وبين أن "عدداً كبيراً من ذوي الإعاقة ما زالوا يعانون من ظروف عمل صعبة، تتمثل في انخفاض جودة الوظائف التي يعملون فيها، وانخفاض معدلات الأجور عن المعدلات العامة لها، إضافة إلى عمل العديد منهم لساعات عمل طويلة، قد تصل إلى 14 ساعة يوميا، ودون حصولهم على بدل إضافي، ما يعد مخالفة صريحة لنص المادة (57) من قانون العمل، التي تنص على عدم جواز تشغيل العاملين/ات أكثر من ساعات العمل الرسمية البالغة 8 ساعات يوميا، إلى جانب غياب الشعور بالأمان والاستقرار الوظيفي، وعدم ثقة أصاحب العمل بهم، رغم أن إنتاجيتهم لا تختلف عن زملائهم من غير ذوي الإعاقة".
وأوضح التقرير أن "ذوات الإعاقة يواجهن تحديات مضاعفة في مجال التشغيل، مقارنة مع الرجال، بوجود صعوبات كبيرة لا تمكنهن من الحصول على فرص عمل ملائمة، وإحساسهن أن التعامل معهن ينطلق من منظور "إحساني"، وليس احتراما لإنسانيتهن وقدراتهن، إضافة إلى تعرض بعضهن لأنواع مختلفة من "التحرش" يدفعهن ويدفع زميلاتهن لعدم المغامرة للانخراط بسوق العمل، إلى جانب عدم رغبة العديد من أسرهن بخروجهن من المنزل لغايات العمل".
وقال إنه "ورغم أن قانون مؤسسة التدريب المهني يتضمن نصوصا تضمن حق ذوي الإعاقة من الجنسين في تأهيلهم للانخراط في سوق العمل، وقيامها بمحاولات لتعزيز وصولهم إلى برامجها وخدماتها، عبر تدريب مجموعة منهم في العديد من المهن، مثل صيانة الأجهزة الإلكترونية والأثاث المنزلي والصناعات الحرفية والغذائية، إلا أن قدرات هذه المؤسسة ضعيفة بشكل عام في العديد من البرامج التدريبية، وليس فقط تجاه هذه الفئة، بسبب ضعف موازنتها السنوية، وضعف محتويات برامجها التدريبية، وضعف الكوادر المتخصصة بالتدريب، وعدم أخذها بعين الاعتبار الحاجات الملحة لسوق العمل، ما يحول دون توفير التسهيلات اللازمة لتأهيل ذوي الاعاقة بشكل منافس للانخراط في سوق العمل".
وأكد "وجود معاناة لدى ذوي الإعاقة في مراكز التدريب المهني، من ضعف التسهيلات البيئية اللازمة لحياة هذه الفئة الاجتماعية، ما يجعلها تشكل بيئة غير صديقة للعديد من الإعاقات، الأمر الذي ينعكس سلبا على مستويات الالتحاق بها".