تحذير من "تباطؤ" تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة
حذر خبراء في مجال الطاقة والبيئة، من "تباطؤ" الحكومة، بتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، بخاصة وأن الأردن "يمر بمرحلة صعبة، من حيث وضع الطاقة، ويحتاج لحلول سريعة وآنية لمواجهتها".
وربط هؤلاء نجاح مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة بـ"جدية الحكومة في إقرارها وتطبيقها"، في ظل امتلاك الأردن لموارد متاحة في هذا المجال كالرياح والشمس والصخر الزيتي.
وانتقدوا قرارات الحكومة المتعلقة بالمشروع النووي والغاز الاسرائيليين، متوقعين انهما "لن يحققا المرجو منهما، بل سيستنزف موارد الخزينة عند توقف التمويل، وقد يخضعان المملكة لتدخلات خارجية".
وأكدوا على ان "الطاقة المتجددة في الاردن، اصبحت تجارية وخرجت عن اطارها ومفهومها، إذ تحتكرها شركات، تحيل الحكومة العطاءات عليها، لبيعها وتحقيق فائدة مالية لها من دون النظر للمصلحة العامة".
وفي الوقت الذي أكد فيه الخبراء "على الجهات المعنية، ضرورة انجاح حلول الطاقة المتجددة والجديدة"، أفادت تأكيدات لوزير البيئة الدكتور طاهر الشخشير بأن الحكومة أقرت العام الحالي بالفعل، مشاريع طاقة متجددة ستنفذ قريبا.
واستند الشخشير، في تصريحاته على توقيع الحكومة أخيرا اتفاقية مع شركة العطارات للطاقة، المملوكة لشركة "انيفيت" الاستونية، لتوليد كهرباء من الصخر الزيتي بالحرق المباشر، بقدرة تصل الى 470 ميغا واط، وبحجم استثمار يقدر بـ 2.2 مليار دولار.
ووفق تقرير سابق عن الطاقة لدائرة الاحصاءات العامة، يوجد الصخر الزيتي بكميات كبيرة في المملكة وبنوعية جيدة، وتقدر احتياطيات الخامات منه، والقريبة من السطح بحوالي 40 مليار طن، تحتوي على أكثر من 4 مليارات طن بترول، موزعة على 24 موقعا في المملكة.
ويمكن من الناحية الفنية استغلال الصخر الزيتي، أكان بالحرق المباشر لتوليد الكهرباء، أو بالتقطير لإنتاج البترول والكهرباء ومنتجات ثانوية أخرى كالكبريت، والألمنيوم، وسلفات الامونيوم، والفوسفات واليورانيوم.
ولفت الشخشير إلى ان هنالك شركات اردنية وأجنبية، ستنفذ مشاريع طاقة شمسية في الاردن بمحافظة معان، بقدرات تصل إلى 200 ميغاوات.
ونفى في الوقت ذاته، أن يكون هنالك تباطؤ من الحكومة في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة، معتبرا إياها "على سلم أولويات الحكومة ولا يغني المشروع النووي عنها".
وأكد أن وزارته بانتظار حصولها على دراسات تقييم الاثر البيئي للمشروع النووي، للتأكد من عدم وجود أي أضرار سلبية له على البيئة.
وتعتبر الطاقة في الأردن حيوية، وفق الامين العام المساعد بالمجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا الدكتور فواز الكرمي، الذي دعا لمعالجة مشاكل الطاقة بأساليب وطرائق ابداعية، وبمشاركة القطاعين العام والخاص والمواطنين.
وعرض الكرمي، في حديثه لمشاكل قطاع الطاقة، وابزرها محدودية مصادر النفط والغاز، ووجود احتياط هائل من الصخر الزيتي، الى جانب عدم نضوج التكنولوجيا المستغلة للخام.
ودعا لرفع كفاءة استخدام الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة، كما يمكن تبني بديل الصخر الزيتي بأقل المخاطر من حيث نضوج التكنولوجيا، وتحسن الاقتصاديات والنواحي البيئية.
وقال الكرمي إن "توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة أقل اقتصاديا من الوسائل التقليدية الحديثة، وبالتالي لا بد من إدخال حوافز للطاقة المتجددة في الاردن".
وأكد على أهمية وضع نظام حوافز لشركات الكهرباء، والمستثمرين، ومعاملة الشركات كشركاء في حل معضلة الطاقة، وتفعيل صندوق الطاقة المتجددة، ليسد الفجوة التمويلية لمشاريعها.
واشار الكرمي الى ان هذه الحوافز، تتمثل بفرض سعر شراء تشجيعي من مصادر الطاقة المتجددة (كما في التعليمات الجديدة لهيئة تنظيم قطاع الكهرباء)، واعتبار تكلفة الأثر البيئي سلبا على الوسائل التقليدية، عبر احتساب غرامة بيئية على مصادر الطاقة التقليدية، لمكافأة الطاقة المتجددة على صداقتها للبيئة.
واعتبر ان صدور قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة عام 2012، خطوة مهمة على الطريق الصحيح، وليس الحل الذي يكمن فيما يتبع من خطوات فعلية على أرض الواقع.
واكد الكرمي على اهمية دور المجتمع بترشيد الاستهلاك، والتحول نحو رفع كفاءة الطاقة في منازل المواطنين ومكاتبهم ومجتمعاتهم، وإدخال مفاهيم وبدائل كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة ضمن مجالات عملهم.
ووفق تقرير دائرة الاحصاءات، فإن من أهم مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة في الأردن: الشمس، والرياح، والطاقة الحيوية ومساقط المياه، والتي تعتبر أكبر منتج للطاقة المتجددة والجديدة، وأقلها الطاقة الشمسية.
ولفت التقرير إلى أن الطاقة المنتجة العام 2006 من المصدر المائي، بلغت 4385 ط.م.ن، وبنسبة 83.5 %، أما الطاقة الشمسية، فكانت كمية انتاجها في العام نفسه 95 ط.م.ن بنسبة 1.8 %.
وتعتبر المساقط المائية من أفضل مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة والنظيفة، وتشكل الطاقة الكهرومائية 17 % من مجمل إنتاج الطاقة الكهربائية عالميا.
ولتنفيذ مشاريع الطاقة، يجب الالتزام بما قطعته الحكومة من تعهدات للمستثمرين بهذا الشأن، حتى لا تفقد المصداقية، وفق رئيس جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة الدكتور ايوب ابو دية.
ولفت ابو دية الى أن هنالك معيقات أمام تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة، بينها "عدم الاستقرار السياسي وتعاقب الحكومات والوزراء التي تؤدي إلى تبني استراتيجيات عمل بشكل مستمر".
كما أن "طرح المشروع النووي يعد عائقا، إذ يقع ضمن اولويات الحكومة، والذي يجعلها لا تتخذ خطوات سريعة وجدية لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة".
على أن ابو دية، سجل ايجابيات عدة للحكومة في مجال اطلاق مشاريع للطاقة المتجددة، بينها توقيعها اتفاقية مع الجانب الاستوني لانتاج اول وحدة من كهرباء تقدر بـ470 ميغاواط في الفترات المقبلة.
كما ان دخول شركة استثمارية اماراتية لانتاج 1000 ميغاواط كهرباء من الطاقة الشمسية العام المقبل "خطوة ايجابية" برأيه، في وقت اشاد فيه بتمكن الحكومة الحالية من تعزيز قدراتها الذاتية في الاعتماد على الطاقة الشمسية، لتخفيض فاتورة الكهرباء المترتبة عليها.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن الاعتماد على الشمس والرياح في انتاج الطاقة 100 %، لكنها قد تنتج 50 % من حاجة المملكة للكهرباء، بحسب ابو دية.
وأكد أبو دية على أن ما تبقى من حاجة المملكة، يمكن انتاجه من وسائل تقليدية كالغاز والديزل والصخر الزيتي الذي يتوافر بكميات كبيرة، تغطي 1000 عام من الحاجة للكهرباء والطاقة.
وشدد على أنه في حال الاستمرار على هذا النهج في مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة، فستكون خلال ثلاثة أعوام، المصدر الاول للكهرباء في الدول العربية المجاورة كمصر وفلسطين.
وتوقع أبو دية انخفاض الطاقة المستوردة للممكلة العام المقبل من 97 % إلى 94 % عند تطبيق المشروعات البديلة للطاقة.
بدوره، أكد نائب رئيس لجنة الطاقة والثروة المعدنية في مجلس النواب النائب محمد الدوايمة، على ان الحكومة لا تولي قطاع الطاقة المتجددة أي أهمية، بل اخرجتها من مفهومها باحالة العطاءات للاستثمار فيها لشركات محددة، لبيعها والمتاجرة بها من دون فتح المجال أمام مستثمرين آخرين، لتقديم ما هو أفضل في مجال الطاقة".
تلك الخطوة، بحسب رأيه، "أفقدت الحكومة مصداقيتها أمام المستثمرين، الذين ارتأوا عدم تقديم اي مقترحات، او مشاريع في هذا المجال، والاتجاه نحو مجالات اخرى للاستثمار فيها".
وأبدى الدوايمة استغرابه من "تمسك الحكومة بتنفيذ المشروعين: النووي والغاز الاسرائيلي"، معتبرا انهما "لن يحققا الفائدة المتوقعة، باعتبار أن الاول سيستنزف الموارد المالية للخزينة حال توقف التمويل، والثاني سيخضعها لقبول قرارات اسرائيلية، ذات مدلولات سياسية سلبية".
ويعتبر الاردن، تبعا للدوايمة، من الدول الاولى، التي بدأت بمشاريع الطاقة المتجددة والبديلة في السبعينيات، لكن مرتبتها تراجعت، لكن دولا عربية اخرى كمصر ودبي أضحت في المقدمة".
ولتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، يجب، بحسبه، تعيين وزراء مختصين في مجال الطاقة والبيئة، يتمتعون بخبرات طويلة في هذا المجال.