البترا تعيش انتكاسة سياحية تحتاج إلى إنقاذ
حذرت فاعليات سياحية من استمرار انتكاسة السياحة في مدينة البترا الأثرية لا سيما بعد أن اضطرت فنادق لإغلاق أبوابها استسلاما للظروف الصعبة الناجمة عن تراجع اعداد السياح بسبب الظروف الأمنية في المنطقة.
وأكدت هذه الفاعليات أن الظروف السياسية والتوترات الإقليمية المحيطة في المنطقة أدت إلى تراجع الحركة السياحية في المدينة الوردية جراء قلة أعداد السياح الأجانب فيها ما شكل صدمه قاسية وانتكاسه لأصحاب المنشآت السياحية.
ولفتوا إلى مواصلة إغلاق حوالي 10 فنادق ذات تصنيفات مختلفة أبوابها، نتيجة عجزها عن تغطية كلفها التشغيلية ودفع رواتب العاملين فيها وبالتالي أدى إلى إنهاء خدماتهم.
ويرى هؤلاء أن التوترات الإقليمية المحيطة يمكن استثمارها لجلب السياح إلى الأردن وخاصة في مدينة البترا لأن هناك فرصة واعدة أمام السياحة الأردنية لجعل التحديات التي تواجهها مناسبة ويمكن استثمارها لجلب السياح إليها بصفة المملكة دولة مستقرة وآمنة.
وأكد خبراء في القطاعات السياحية أن هناك قصورا في عملية الترويج للسياحة وتسويق السياحة خارجيا ونقصا في الخدمات، لكن هذا يعود لقلة الدعم من قبل الحكومة، حيث تم تقديم برنامج تطوير سلطة اقليم البترا للحكومة لعمل مشاريع تشجع السائح على البقاء بالمنطقة لتكون حلقة متكاملة في مدينة كاملة.
ويشير مستثمرون في القطاع السياحي والفندقي في البترا إلى أن منشآتهم تعاني من مشاكل وتحديات تواجهها هذه الاستثمارات السياحية، مطالبين الحكومة لإنقاذ القطاع الذي يعاني من أزمة خانقة جراء تأثره بالظروف السياسية بهدف ايجاد السبل الكفيلة بحلها ووضع حد لمعاناة اصحابها والعاملين فيها والناتجة عن التراجع الكبير في النشاط السياحي خلال الاعوام القليلة الماضية والذي تسبب في عجز هذه الاستثمارات عن تسديد الالتزامات المادية المترتبة عليها.
وقالوا إن "هناك أزمة حقيقية تمر بها الفنادق السياحية بسبب تراجع أعداد السياح القادمين الى المدينة ، الامر الذي أدى إلى انخفاض الفائدة المتأتية من السياحة على القطاع وأبناء المجتمع المحلي، فضلا عن ارتفاع كلف التشغيل والرسوم والفواتير المترتبة عليها".
من جهته، اعتبر رئيس جمعية فنادق البترا خالد النوافلة أن البترا تعيش سابقة هي الأولى من نوعها في عدد اغلاقات الفنادق، مبينا أن استمرار أزمة الفنادق دون وضع الحلول الجذرية لها، أمر ينذر بأزمة اقتصادية على مجتمع المدينة الذي يعتمد غالبية أبنائه على وظائف المنشآت الفندقية.
وأشار النوافلة إلى أن استدامة عمل الفنادق السياحية بات يشكل خسارة كبيرة ومؤكدة لأصحابها جراء تدني الدخول وارتفاع كلف التشغيل ، لافتا أن نحو" 10 " فنادق من مختلف التصنيفات، اغلقت ابوابها مؤخرا واضطرت الى أنهاء خدمات موظفيها، ما تسبب بحرمان 700 موظف من فرص العمل وفنادق عاملة أضطرت الى تخفيض عدد موظفيها وأنهاء بما يقارب 400 موظف لديها.
وأكد، أن "الجسم الفندقي" في مدينة البترا يعاني من "كارثة" حقيقية نتيجة تراجع نسب إشغال الفنادق والتي وصلت الى 20 % فقط ، من العام 2011 ولغاية العام الحالي إذ كانت سابقا 95 % ، في ظل ارتفاع حجم الضرائب المفروضة على القطاع الفندقي، وحجم الكلف التشغيلية الذي أرهق بشكل كبير المستثمرين في القطاع الفندقي في البترا.
ولفت إلى أن أهم ما يعانيه القطاع السياحي يتمثل في تدني نسب الاشغال في منطقة البترا، بحيث لم تتجاوز نسبة الـ 20 % ، حيث انخفض عدد زوار المدينة الوردية بنسبة كبيرة بلغت 49 % مقارنة مع العام 2010 رغم كونها مدينة أثرية وسياحية عالمية تعتبر استثمارا ناجحا لأي دولة.
ودعا الحكومة إلى ضرورة الالتفات الجاد للقطاع السياحي وقضية الفنادق في البترا، التي باتت عاجزة عن سد كلفها التشغيلية والتي يهدد اغلاقها مئات الموظفين بفقدان وظائفهم، من خلال اتخاذ إجراءات تتضمن تنشيط السياحة ومنح الفنادق إعفاءات خاصة، معتبرا مدينة البترا وفنادقها الأكثر تأثرا مقارنة مع بقية الأماكن السياحية في المملكة.
وقال إن "استمرار تراجع الحركة السياحية في مدينة البترا يهدد بإغلاقات متتالية ومستمرة للفنادق العاملة هنالك، الامر الذي يوجب على الحكومة أو أن تسارع بوجود حلول للوضع السياحي في البترا".
بدوره ؛ أوضح رئيس فرع جمعية وكلاء السياحة والسفر في البترا سليمان الحسنات، أن تقدير متوسط تراجع السياحة الوافدة القادمة إلى المدينة الوردية منذ بداية العام الحالي يصل إلى (40 %)، مرجعا هذا للظروف السياسية التي تعيشها الدول المحيطة.
ولفت الحسنات إلى أن تراجع الحركة السياحية الوافده الى البترا أثر سلبا على الواقع السياحي والنشاط الاقتصادي في اللواء ، مطالبا بضرورة تكثيف الجهود من أجل الحد من تراجع السياحة الأجنبية التي تعتمد عليها البترا بشكل كبير من خلال خطة وطنية متكاملة ومنافسة، مشددا على أهمية الدعم الحكومي للقطاع السياحي في هذه الظروف وزيادة مخصصات الترويج والدعاية السياحية، لما يشكله هذا القطاع من رافد هام للاقتصاد الوطني.
ودعا إلى ضرورة تضافر جهود القطاعات السياحية المختلفة من أجل اخراج حزمة متكاملة ومنافسة يتم الترويج لها على غرار العديد من الدول السياحية، لجعل الأردن مقصدا سياحيا دائما للزوار وأستغلال ظروف الدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي وجلب سياحتها إلى المملكة.
وبين ان اهم التحديات التي تواجه القطاع السياحي تدني نسب الاشغال المستمرة في البترا والتي لم يتجاوز معدل نسب الإشغال فيها الـ 35 % منذ 3 أشهروارتفاع تكاليف وحجم الضرائب المفروضة على الفنادق وارتفاع أسعارمدخلات المنتج السياحي في الأردن كالكهرباء والماء ما يؤثر على تنافسية القطاع مع دول الجوار وجود عدد من المعيقات لاستكمال مشاريع الطاقة المتجددة.
ويشير رئيس جمعية بيع التحف أحمد الهلالات إلى حالة تراجع مبيعات أصحاب محلات قطاع بيع التحف الذي جعل بعض المحال تغلق أبوابها وتعرض البعض منهم الى خسائر فادحة نتيجة ضعف حركة البيع الامر الذي جعلهم عاجزين حتى عن تغطية أجور محلاتهم، فضلا عن تسديد كلف التشغيل وفواتير الكهرباء الأمر الذي أنعكس سلبا على أسرهم من تأمين احتياجاتهم المعيشية.
ودعا الهلالات الحكومة إلى أهمية دراسة أمر تراجع الحركة السياحة وانعكاسه على واقع الحركة التجارية في اللواء، وإقامة صندوق مخاطر سياحية وإعفاء القطاع السياحي في البترا من الضرائب والتراخيص.
وبينت مصادر في سلطة أقليم البترا ان النشاط السياحي في البترا يشهد تراجعا حادا منذ بداية الربيع العربي في العام 2011، وتفاقم هذا التراجع في النصف الثاني من العام 2014 ما أدى الى اغلاق بعض المنشآت السياحية وأنهاء خدمات موظفيها.
وأشارت المصادر ذاتها لأن بيانات واحصائيات السلطة أشارت إلى أن متوسط التراجع في عدد الزوار بلغ 50 % عن العام 2010، الا ان هذا التراجع اخذ في الازدياد وتراجع نسب الاشغال في الفنادق، ما يستدعي تبني خطة طوارئ لإنقاذ القطاع السياحي في البترا.
وأوضحت أن السلطة طالبت الحكومة بدعم جهودها بتسويق وترويج البترا وإقامة فاعليات وعروض تشجيعية لزيارة المدينة الوردية، من خلال عدة مقترحات لانقاذ السياحة في المدينة والمتمثلة في اطلاق حملة تسويق عالمية " البترا أكبر من أعجوبة" ، واقامة مهرجان "منتدى البترا الثقافي" ، وتقديم عرض تشجيعي لزيارة البترا لمدة يومين للسياح الأجانب مشروطا باقامة لمدة ليلتين، إضافة إلى بناء شبكة تسويق دولية قائمة على آليات تقلل الكلفة وتزيد العائد الترويجي وشبكة للتسويق والترويج المحلي.
الى ذلك ؛ أكد رئيس سلطة اقليم البترا الدكتور محمد النوافلة ان السلطة عملت وبالتعاون مع وزارة السياحة والجهات المعنية على التوسع في ترويج المدينة سياحيا من خلال استقطاب أسواق جديدة، كالسوق الآسيوي وأميركا اللاتينية والسوق العربي، إلى جانب أنها بصدد المشاركة في مهرجانات سياحية.
وأشار النوافلة إلى أن هنالك اجراءات اتخذتها السلطة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة لوضع حد لحالة الركود غير المسبوقة التي يعاني منها القطاع السياحي في البترا من خلال برنامج الأردن أحلى لتشجيع السياحة المحلية والذي يقدم أسعارا تشجيعية ومنافسة للمواطن الأردني لزيارة البترا والمبيت في فنادقها من مختلف الفئات الفندقية.
واضاف " التراجع الكبير في اعداد السياح في منطقة البترا دفع عددا من الفنادق السياحية لاغلاق ابوابها وتسريح موظفيها مؤقتا أو جزئيا".
وأكد النوافلة أهمية توجيهات الملك عبدالله الثاني للمهتمين بالقطاع السياحي والمستثمرين فيه لتعزيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمهم.