الملك في موسكو: الأسد يبقى لا يبقى
ربما كان معرض "ماكس 2015 " للطيران والفضاء بموسكو آخر أولويات #الملك_عبدالله الثاني بن الحسين الذي اجرى زيارة رسمية لثلاثة أيام لحضور المعرض هناك.
فبرنامج العاهل الأردني تصدرتها #الأزمة_السورية وجميع تبعاتها وتفرعاتها، وخصوصا ملف اللاجئين الذي أثقلت كاهل الجار الأقرب، اقتصادياً وامنياً واجتماعياً.
وعمان تعلم جيداً، وهو ما أكده عبدالله الثاني خلال لقائه الثلثاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن لـ #موسكو "دوراً محورياً في حل الأزمة السورية".
موسكو كذلك استغلت المعرض الدولي لتجري على هامشه لقاءات واجتماعات مكثفة هدفها الأساس بلورة حل وسط للأزمة السورية يتوافق عليه الجميع، بمن فيهم النظام السوري.
فإلى الأردنيين، كان هناك المعارضة السورية، والإيرانيون والإماراتيون (ولي العهد محمد بن زايد)، والمصريون (الرئيس عبدالفتاح السيسي)، والأخيران التقاهما العاهل الأردني على هامش زيارته.
وعلى رغم أن التصريحات الإعلامية من الأطراف كلها لا تشي بالكثير حيال الأزمة السورية، إلا أن طبيعة الوفد المرافق للملك الأردني تنبئ أن الملف السوري هو الأبرز بين أهداف الزيارة.
فإلى الامير فيصل بن الحسين (شقيق الملك المقرب والمنخرط في الشأن العسكري والأمني) هناك وزير الخارجية ناصر جودة ومستشارَي الملك للشؤون العسكرية والأمن القومي، ورئيس الأركان المشتركة الفريق أول مشعل الزبن ومدير المخابرات العامة الفريق فيصل الشوبكي ومستشار الملك ومقرر لجنة السياسات عبدالله وريكات.
فرنسا، الدولة الأوروبية الأكثر تورطا في الأزمة، بعثت برسالة على لسان رئيسها فرانسوا هولاند، في لقائه الثلثاء سفراءه لدى العالم، ان حل الأزمة لا يكون إلا "بتحييد الرئيس بشار الأسد".
عبدالله الثاني عرض منذ بداية الأزمة السورية لضغوط من مختلف الجهات المتورطة في الأزمة. ووصل الأمر حد الابتزاز لجعل بلاده تميل إلى جانب هذه الجهة أو تلك. وهو حاول قدر الإمكان النأي عن التورط المباشر، وتحديدا العسكري، لإطاحة النظام السوري، واستجاب مرات عدة بصورة خجولة لبعض هذه الضغوط، وخصوصا ما يتعلق بتسليح و "الجيش السوري الحر" وتدريبه ودعم "جبهة النصرة" في بعض الأوقات والمواقع.
غير أن الموقف المعلن للأردن والذي كرره عشرات المرات، هو الحل السياسي للأزمة، وهو ما كان يرفضه معظم الفرقاء الإقليميين والدوليين، حتى برز خطر الجماعات "الإرهابية" وخصوصا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ولا تغيب في الوقت ذاته تهديدات دمشق المبطنة والمعلنة لعمان، وآخرها سخرية الأسد الثلثاء من كون الأردن دولة مستقلة أو تملك إرادتها، عندما سئل في مقابلة متلفزة عن خطط لعمان لإقامة منطقة عازلة جنوب بلاده.
حاليا، لسان حال عمان يقول أن العالم كله وصل إلى ما طرحناه منذ البدء، أن "لا حلّ للأزمة السورية إلا سياسيا". وهنا تختلف التفاصيل والرؤى بين بقاء "كتلة النظام السوري" وإخراج الرئيس بشار من المشهد" أو بقائه، فيما يقر الجميع بأن الكلمة الفصل في هذا الحل هي في يد موسكو (بوتين)، الداعم الأساس لبشار.
روسيا والولايات المتحدة متفاهمتان على موضوع بقاء مؤسسات الدولة السورية وعدم هدمها منعا لإحداث فراغ تملؤه الجماعات المتطرفة، وواشنطن فوضت موسكو إدارة هذا الملف، وبينهما تفاهم غير معلن على أن بقاء بشار الأسد مرتبط بضمان ان إزاحته لا تعني استيلاء المتطرفين على الحكم
لكن صيغة هذا البقاء ومداه الزمني لم تحسم إلى الآن، وهو ما يمكن استنتاجه من ابدال تركيا مصطلح إسقاط النظام السوري ورئيسه، ب "دعم الديموقراطية وتعزيزها في سوريا".
لذلك فإن زيارة الزعماء الثلاثة (الأردني والمصري والإماراتي) في جزء منها، التحضير مع موسكو للوصول إلى مقاربة في شأن الأسد تقبل بها السعودية وروسيا، خصوصا أن الأخيرة هي التي طرحت بعد زيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان واجتماعه ببوتين، تأليف تحالف لمواجهة التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها داعش.
وهو ما تزامن أيضا مع مبادرة إيرانية (من أربع نقاط) لحل الأزمة السورية. على رغم ان المبادرات الروسية والإيرانية هي غير مستساغة من الأسد، الذي يعمل على تعطيلها وتفريغها من مضمونها عبر تصعيد عمليات عسكرية لتحقيق هذا التعطيل أو المحافظة على حيز جغرافي يسيطر عليه (الممتد من دمشق إلى اللاذقية والساحل السوري) حال حصول تقسيم للبلاد.
المؤشرات تفضي إلى أن روسيا نجحت إلى حد بعيد في إقناع السعودية وحلفائها بالحل السياسي للأزمة السورية. وهو ما تجلى في استقبال الرياض رجل المخابرات السوري القوي علي مملوك المقرب من الأسد.
هذا فضلا عن زيارات لمسؤولين سوريين لدول عدة، أبرزها سلطنة عمان، التي يرجح أن تكون المكان الذي يدار فيه عمليات التفاوض حول ملف التسوية السياسية للأزمة السورية، بالقياس إلى الدور الذي اضطلعت به مسقط في مفاوضات الملف النووي الإيراني.
الملف السوري لم يكون الوحيد، فالملف الليبي كان جزءا من المحادثات بين عبدالله الثاني وبوتين. إذ يتوقع مراقبون أن مثلث (عمان- القاهرة- أبوظبي) سينخرط في الأزمة الليبية ويدعم الجنرال خليفة حفتر، والأخير كان في عمان قبل أيام.
وهناك ايضا ملف آخر مرتبط بهاتين الأزمتين، وهو الملف اليمني، بقصد استثمار علاقة روسيا بإيران،الداعمة للحوثيين، للضغط عليها لحلحلة الوضع في اليمن، مما يريح السعودية ويجعلها تخفف شروطها حيال الأزمة السورية.
النشاط الدبلوماسي المتصاعد لروسيا، يشكل في جزء إعادة ترميم علاقات موسكو مع دول المنطقة وحضورها لديها، بعدما أصيبت بالعطب نتيجة موقف موسكو الداعم لسوريا وإيران. فروسيا تتحسب للمستقبل من وحي اقتناع بأن إبقاء بشار بات شبه مستحيل، وهي تريد صلات تمكنها بعد اليوم التالي من إزاحته، من تثبيت وجودها وحضورها في المنطقة.
الأردن، وباقي الأطراف، يعلمون أن عقدة الأزمة هي مصير #الأسد ، والمحادثات الدائرة في موسكو، وغير مكان، هي لحل هذه العقدة. ( عمر عساف - النهار اللبنانية )