عرار الشعري يختتم بندوة وقراءات شعرية
بندوة «دور المثقف في مواجهة الإرهاب» اختتمت مساء أول من أمس في بيت عرار الثقافي فعاليات مهرجان عرار الشعري السنوي الخامس، دورة الشهيد» فراس العجلوني»، والذي نظمه منتدى عرار الثقافي ونادي كفر خل الرياضي وبالتعاون مع وزارة الثقافة.
المهرجان الذي استمر لأربعة أيام، وتنقلت فعالياته في أكثر من مكان، وأقيمت أمسيته قبل الختامية في نادي شباب الفيحاء الرياضي في مدينة جرش، وشارك فيها عدد من شعراء المهرجان، وأدارها د. راضي النواصرة، ورعى حفل افتتاحه النائب طارق خوري، وشارك فيه عدد من الشعراء العرب والأردنيين، جاء يومه الختامي حافلاً بالشعر، إلى جانب الندوة التي شارك فيها الكاتب د. موفق محادين والروائية كفى الزعبي.
الندوة التي أدارها المحامي محمد خريّف مدير المهرجان وحضرها حشد من جمهور إربد، ركّزت على جملة من القضايا الخلافية التي تدور رحى المجالس السياسية والشعبية حولها، من مثل: المفاهيم وإعادة النظر فيها، والمصطلحات والوقوف عليها، والمثقف اليساري والمثقف اليميني، والهوية، والحفاظ على مكونات الدولة أمام المشاريع الفوضوية التي تسعى إلى تفتيت البلدان عبر تقسيمات طائفية وفق المحاضران، كما أكدت بعض مفردات الندوة إلى أهمية أن يعود المثقف إلى المعرفة والثقافة ويتجنب الأيديولوجيا.
الأمسية الشعرية التي أعقبت الندوة أدارها القاص سامر المعاني، ورافق شعراءها الفنان ناصر القواسمي على آلة العود، وشارك فيها الشعراء: د. حربي المصري، صلاح ابو لاوي، د. عبد الرحمن القضاة، إيمان العمري، السورية أماني عبده، ولؤي أحمد، ود. محمد محمود محاسنة.
الشاعر المصري قرأ قصيدة بعنوان:» عجلون» أهداها إلى الشهيد الطيار فراس العجلوني وإلى مدينة عجلون، قصيدة وقف فيها على مستنبت الحياة في عجلون التي قدمت شهداءها في سبيل القضية العربية، مستذكرا رحلة العجلوني في محطات التضحية ووقوفه على قبر الشهيد موفق السلطي ووعده بأخذ الثأر من العدو، قصيدة تشبّعت لغتها بشعرية الأرض والإنسان، ومن أبياتها:» وشحت يا عجلون بابك بالهوى، ولثمت تاريخا من الألق، غنيت وجه النور في زيتونها، وثملت يا روحي من العبق، كم أسجرت للعشق كل ذبالة، حنّت على المفؤود بالرتق».
تلاه الشاعر أبو لاوي بقراءة باقة من قصائد حفرت بعيداً في التأكيد على هوية المقاومة والتضحية من أجل الحفاظ على المسار الذي تشير بوصلته إلى القضية الأم، فقرأ بهذا الاتجاه « بين شهيدين التي أهداها للشهيدين فراس العجلوني وكايد مفلح العبيدات»، وباقة من نصوصه القصيرة من مثل:» صباحا، حماقة، وسودانان»، ومن أجواء شعره الذي يستحثّ طرائق متعددة وجديدة للتعبير، نأخذ المقطع التالي:» هي القدس ظل الحياة الرطيب، ومرضعة السرو مذ علّق الله سرَّ الصلاة على عودها، فهنا ولِد الفقراء، هنا عبر الأنبياء، هنا ارتفعت صخرة واستقرت جبال».
من جهتها قرأت الشاعرة العمري باقة من قصائدها القصيرة المكثفة التي تعتمد على العزف الخفي على وتر القارئ، كما في قصائدها:» قلق، وجنة حواء، وغيرها»، مقطوعات سريعة تحاول فيها الانعتاق من الأرض، ومما قرأت:»هذا الجسد المسجى، كان محورا في حياتي، هو من شكل ذاتي».
الشاعرة السورية أماني عبده ذهبت في قراءتها إلى الشام وأحوالها، ناثرة بين يدي النشيد بكاء حارقاً، وراسمة للوطن صورة تكشف من خلالها الآمها في غربتها القسرية، مؤكدة على إمكانية تصديق كل شيء يمر على خيالها، غير أنها أمام الشام تحاول أن لا تصدّق ما آلت إليه.
ومن جهته قرأ الشاعر القضاة باقة من قصائده التي استهلها بقصيدة إلى صاحب البيت الشاعر « عرار»، ثم تبعها بقصيدة عن الشهادة تقع بين شهيدين فراس العجلوني ومعاذ الكساسبة، لافتا فيها إلى أن الشهادة هي التي تحتفي بالشهيد، كما قرأ باقة من قصائده التي تتضمن سروداً تعبيرية تنحاز إلى لغة التهكّم والسخرية، ومن أجواء ما قرأ:» الدرب ينهيه في أحوالنا الأجل، وما يعمّر من يشجع، ومن يحِلُ، ولا يغرّك وجه الأرض، إن به، قد يطمر الفجّ، أو قد ينسف الجبل».
وقرأ الشاعر لؤي أحمد باقة من نصوصه التي واشج فيها بين نسيجين، العمودي بإرثه الطافح لغة وتركيباً، والمستند على رؤى حداثية، وبين سياقات تستصلح من الصورة ما يوافق بنيتها في التصوير والمتخيّل، فقرأ لدمشق، واستدعى مناخ الأسطوري والديني عبر تدرج مخيالي للوجود وفلسفته، كما هو في قصيدة:» في قبضة الماء» والتي يقول فيها:» في قبضة الماء مرتاباً بما كتبوا، إذا نجوت فإني حارق كتبي، ملقى على جسد لا شمس تلفحه، والملح يرشح من راسي ومن عقبي».
الشاعر المحاسنة اختتم الأمسية الشعرية التي أعقبها مدير المهرجان خريّف بتسلم الدروع للمشاركين، بقراءة باقة من قصائده التي توّجها بقصيدة اعتذارية لعرار، تطفح نصوص محاسنة الشعرية بولادات جديدة للغة القاموس من خلال بثّ إيقاعات متشابكة بين المفردة وما تهدف إليه، من شعره نأخذ المقطع التالي الذي جاء في قصيدة له بعنوان:» الحب في زمن الذئاب خطيئة « طوّفت في مدن الغريبة مهجتي، كم سافرت أوراق ذاكرة ودم، تسعى لتخترق الحصار، وتدور دورات النجوم بلا قرار».