تعديل وزاري وشيك في مصر
هوا الأردن -
يترقب المصريون أن يجري الرئيس عبد الفتاح السيسي تغييرًا وزاريًا في حكومة المهندس شريف إسماعيل، بسبب ضعف أدائها، ما أدى إلى تدهور الإقتصاد، وانهيار الجنيه المصري أمام الدولار، وارتفاع شديد في الأسعار، لاسيما في ما خص السلع الإستيراتيجية، وتحديدًا الغذائية منها.
وقد يشمل التعديل الوزاري المرتقب ما يتراوح بين 7 و9 وزارات، بل قد يطول رئيس الحكومة نفسه، لاسيما أن أداء الحكومة بشكل عام يوصف بـ"الباهت"، ويأتي التغيير في ظل عدم رضا البرلمان عن الحكومة أيضًا، وظهور تهديد واضح بحجب الثقة عنها.
مع إقتراب موعد عرض برنامج الحكومة على مجلس النواب، خرجت تسريبات تتوقع إجراء تعديل وزاري على بعض الحقائب الوزارية، من أجل التغلب على ضعف الأداء لوزراء المجموعة الاقتصادية والخدمية، لاسيما تدهور الاقتصاد المصري، وانهيار الجنيه أمام الدولار.
وجاءت التغييرات الوزارية المحتملة ، استجابة لحالة عدم الرضا التي تعيشها مؤسسة الرئاسة، بسبب ضعف أداء الحكومة بشكل عام. ورغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يسابق الزمن من أجل انقاذ الاقتصاد، ويجري لقاءات داخلية وخارجية مع رؤساء وملوك ورؤساء حكومات وشركات كبرى، إلا أن الحكومة عاجزة عن متابعة الاتفاقيات التي يبرمها الرئيس، أو وضع خطط تنفيذية طموحة من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية.
ظهرت التسريبات للمرة الأولى أثناء لقاء جمع رئيس الحكومة شريف إسماعيل بعدد من الصحافيين ورؤساء التحرير، وخرج نقيب الصحافيين السابق، مكرم محمد أحمد، معلنًا أن هناك تغييرًا وزاريًا سوف يجري، وقال: رئيس الوزراء سيجري تعديلًا وزاريًا محدودًا في حكومته بعد بيانه أمام مجلس النواب، المقرر إلقاؤه في نهاية شباط (فبراير) الحالي".
أضاف: "شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أطلع بعض رؤساء الصحف والكتاب، على برنامج الحكومة ومحاوره الرئيسة والتحديات التي تقابلها، خلال لقائه معهم".
ووفقًا للمعلومات فإن الغالبية من أعضاء مجلس النواب غير راضية أيضًا عن أداء الحكومة، ومن المحتمل بقوة ألا يمنحها البرلمان الثقة.
وقال النائب علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار ، إن الحكومة الحالية تضم عددًا من الوزراء الذين يتسم أداؤهم بالضعف العام، مشيرًا إلى أن هؤلاء الوزراء هم من يقومون على رسم وتنفيذ السياسية الاقتصادية، إضافة إلى وزراء الخدمات. ولفت إلى أن وزراء التربية والتعليم، والتنمية المحلية والسياحة، والآثار والاستثمار، يجب أن يخضعوا للتغيير، متهمًا إياهم بالتسبب في الكثير من الأزمات لمصر.
ووفقًا للمعلومات فإن رؤساء الهيئات البرلمانية لمختلف الأحزاب في البرلمان، اتفقوا على ضرورة تغيير تسعة وزراء على الأقل لمنح حكومة شريف إسماعيل الثقة، كما اتفقوا على ضرورة رفع خطاب أو مذكرة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، من أجل تنفيذ هذا المطلب، معتبرين أنه "مطلب جماهيري"، جاء بسبب فشل الحكومة بدء من رئيسها شريف إسماعيل، وانتهاء بوزراء حكومته، في تحقيق مطالب الشعب وتخفيف الأعباء عنه.
تشمل المذكرة التي سيرفعها النواب إلى الرئيس السيسي، نحو تسعة وزراء، هم: الهلالي الشربيني هلالي وزير التربية والتعليم الذي أثار ضجة كبرى، عندما تولى الوزارة، لاسيما أنه يخطئ في الكتابة باللغة العربية، إلا أن الحكومة تجاهلت هذا الخطأ الفادح، واستمر في منصبه، وفشل أيضًا في إدارة شؤون التعليم في مصر.
وتضم القائمة المرشحة للتغيير، وزير الصحة أحمد عماد الدين، الذي فشل في إدارة ملف الخدمات الطبية في مصر، بل وقع في عهد الكثير من الكوارث، ومنها حقن 13 مريضًا في أعينهم بمادة محرمة دوليًا، في مستشفى الرمد في مدينة طنطا، على سبيل التجربة، ما أدى إلى إصابتهم بالعمى. وتعرّض تسعة مرضى آخرين للموت بسبب الإهمال في مستشفى في محافظة الدقهلية.
ومن المتوقع أن يشمل التغيير، وزير الاستثمار أشرف سلمان، بسبب فشله في إدارة ملف الاستثمار الأجنبي، ومتابعة الاتفاقيات الدولية التي وقعها الرئيس السيسي مع عدد من الحكومات والمؤسسات الدولية. إضافة إلى وزير السياحة هشام زعزوع، الذي عاد إلى الوزارة مرة أخرى، بعد أقل من سنة على إقالته من حكومة المهندس إبراهيم محلب، إلا أنه ثبت فشله في إدارة حقيبة السياحة، ولم تحدث أية طفرات، بل حرم مصر من مليارات الدولار، بسبب إغلاق المجال الجوي المصري أمام طيران الشارتر.
ولأن الجنيه المصري يتعرّض للإنهيار، مقابل الدولار، فإن وزير المالية هاني قدري، مرشح للتغيير، لاسيما أن السياسية المالية في مصر أصابت الكثيرين بالإحباط، وساهمت في الكثير من المعاناة للفقراء في مصر. ويطالب النواب أيضًا بإقالة وزراء الإسكان والتضامن الاجتماعي، والتموين والقوى العاملة.
غير أن ثمة خلاف بين الأحزاب في البرلمان حول رئيس الوزراء شريف إسماعيل شخصيًا. ويطالب حزب المؤتمر، الذي أسسه الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، بأن يطال التغيير إسماعيل، ويعتبر أداءه ضعيفًا. ويرى الحزب أن رئيس الحكومة يجب أن يكون رجلًا سياسيًا، لديه رؤية واضحة لحل المشاكل والأزمات الاقتصادية.
ولم تستقر الرئاسة على الأسماء المرشحة لتولي الحقائب الوزارية، بدلًا من الوزراء المستبعدين، وتدرس الجهات الأمنية والرقابية في مصر ملفات الكثير من الشخصيات، وغالبيتها من التكنوقراط، وليس السياسيين.
وتصرّ الحكومة على أن تسكب المزيد من الزيت على النار المشتعلة، في مصر، بسبب زيادة الأسعار المحتملة، وهو ما أثار غضب مجلس النواب، وأعلن النائب محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، رفضه التام لأي قرارات حكومية من شأنها زيادة معاناة المواطنين المثقلين فعليًا بأعباء اقتصادية ضخمة، نتيجة الغلاء المستمر في الأسعار، واستمرار البطالة، والنمو الاقتصادي البطيء، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وسط غياب أي رؤية واضحة من الحكومة لكيفية الخروج من هذا المأزق.
تساءل السادات في بيان له: كيف نواجه الناخبين الذين ائتمنونا على مستقبلهم، وعلقوا آمالهم بالمجلس المنتخب، كي يرتقي بأحوالهم ومعيشتهم، ثم نقول لهم لا بد أن تستمروا في المعاناة، لأن الحكومة مفتقرة إلى الإبداع والقدرة على صناعة بدائل حقيقية للوضع الاقتصادي الحالي؟، كيف نستطيع أن نواجه الناخبين، إذا سألونا عن تقارير الإهدار في المال العام، والتي صدرت بها تقارير المركزي للمحاسبات، وترفض الحكومة أن تعترف بها؟، وكيف نقنعهم بضرورة تحمل الأعباء، وهم يشاهدون مظاهر البذخ والإسراف في أمور لا علاقة لهم بمشاكلهم، ولا تفيدهم في شيء؟".
أضاف متسائلًا: "أخيرًا كيف نقنع الشعب بأي قرارات اقتصادية صعبة، والحكومة لا تزال مصممة على إخفاء المعلومات التي تبرر بشكل واضح وقاطع ضرورة هذه القرارات، وتتعامل مع المواطنين ونوابهم على أنها تهديد للأمن القومي".
وختم قائلًا: على الحكومة أن تطبق القرارات الصعبة على نفسها أولًا قبل أن تطلب من المواطنين المثقلين بالأعباء تحمل المزيد والمزيد إلى ما لا نهاية، علينا جميعًا أن ندرك أن النار تحت الرماد، والسخط والغضب لن يستمر كتمانه، وسندفع جميعًا ثمن العناد والمكابرة".