آخر الأخبار
ticker البنك الأردني الكويتي يدعم برنامج "العودة للمدرسة" بالتعاون مع جمعية قوافل الخير ticker المياه: الهواء في الشبكات نتيجة ضغط التزويد وتصريحات الوزير اسيء فهمها ticker الأردن يستورد 1.17 مليون جهاز خلوي بـ 106 ملايين دينار في 8 أشهر ticker بني هاني والرشدان يقودان الزوراء العراقي لفوز ثمين بدوري أبطال آسيا ticker سموتريتش: هناك ثروة عقارية هائلة في غزة وسنشاركها مع الأميركيين ticker انطلاق أعمال ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال في نسخته الثالثة ticker الاحتلال يهدم 40 منزلاً في النقب ويواصل حملات الاعتقال بالضفة ticker استشهاد 75 فلسطينيا في سجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر ticker ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 65,062 شهيدا ticker الجنسيات الأجنبية ترفع استثماراتها في بورصة عمان ticker فنادق إنتركونتيننتال الأردن تحتفل بأسبوع تقدير العملاء العالمي ticker توقيع اتفاقية بين القوات المسلحة الأردنية وشركة "Orange Money" ticker زين الأردن تفوز بجائزة التميّز التكنولوجي 2025 عن مركز The Bunker ticker أورنج الأردن تدعم الابتكار الرقمي للطلبة عبر رعايتها لفعالية 'ماينكرافت' التعليمية ticker ولي العهد يبدأ زيارة عمل للولايات المتحدة ticker أردنيون يحتشدون لاستقبال أمير قطر في عمّان ticker حريق بمستودع خارجي في محكمة الرمثا ticker إطلاق خدمة التوقيع الرقمي على الوثائق القضائية ticker الأردن يرحب بتقرير أممي يتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة ticker إنشاء سد مياه تجميعي في وادي المقر بسعة 3 آلاف م³

وزراء للتسامح والسعادة والمستقبل، لماذا ؟

{title}
هوا الأردن -

كثير من الأسئلة والتعليقات والمكالمات وملخصات الأخبار تلقيتها وقرأتها خلال الأسبوع الماضي، كلها تدور حول التغيير الحكومي الذي أجريناه مؤخرا في دولة الإمارات، وزراء للسعادة والتسامح والمستقبل ووزيرة للشباب بعمر الـ22 وتغييرات هيكلية في التربية والتعليم والصحة وإدارة الموارد البشرية وغيرها ، البعض تناول التغييرات بالإعجاب – وهم كثيرون- وآخرون بالاستغراب وفريق ثالث من وراء البحار قارن التغييرات ببناء أطول برج وأكبر جزيرة وكأن التغييرات جزء من حملة دعاية تقوم بها دولة الإمارات .

ولعلي أوجه خطابي اليوم للفريقين الأخيرين .. لأشرح لهم بشكل مختصر لماذا غيّرنا ؟

نحن غيّرنا لأننا تعلّمنا الكثير خلال الخمس سنوات الأخيرة ، تعلمنا من أحداث المنطقة حولنا ، وتعلمنا من دروس التاريخ ، وتعلمنا ايضا من جهود كثيرة بذلناها لاستشراف المستقبل .

علمتنا منطقتنا وعبر أحداث رهيبة مرت بها في السنوات الأخيرة بأن عدم الاستجابة لتطلعات الشباب الذين يمثلون أكثر من نصف مجتمعاتنا العربية هو سباحة في عكس التيار ، وبداية النهاية للتنمية والاستقرار .

علمتنا منطقتنا بأن الحكومات التي أدارت ظهرها للشباب ، وسدت الأبواب أمامهم .. إنما سدت أبواب الأمل لشعوب كاملة ، نحن لا ننسى أن بداية التوترات في المنطقة وما يسمى للأسف ربيعا عربيا إنما كانت لأسباب تتعلق بتوفير فرص للشباب وبيئة يستطيعون من خلالها تحقيق أحلامهم وطموحاتهم.

نحن دولة شابة ونفخر بذلك ، ونفخر ايضا بشبابنا ، ونستثمر فيهم ، ونمكن لهم في وطنهم ، وعينا وزيرة شابة من عمرهم ، وأنشأنا مجلسا خاصا لهم ، ونؤمن بأنهم أسرع منا في التعلم والتطور والمعرفة لامتلاكهم أدوات لم نمتلكها عندما كنا في أعمارهم ، ونعتقد جازمين بأنهم هم الذي سيصلون بدولتنا لمراحل جديدة من النمو والتطور .

علمتنا السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الاوسط "الجديد" بأننا نحتاج أن نتعلم التسامح ونعلمه ونمارسه ، أن نرضعه لأطفالنا فكرا وقيما وتعليما وسلوكا ، أن نضع له قوانين وسياسات ومنظومة كاملة من البرامج والمبادرات . نعم تعلمنا ذلك من مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين والمنكوبين الذين رأيناهم في آخر خمس سنوات في هذه المنطقة بسبب التعصب والكراهية وعدم التسامح الطائفي والفكري والثقافي والديني .

لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا ، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من اشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها أو يكون مواطنا فيها ، لذلك عينا وزيرا للتسامح .

عندما كانت المنطقة في أزهى عصورها متسامحة مع الآخر ومتقبلة للآخر ، سادت وقادت العالم .. من بغداد لدمشق للأندلس وغيرها .. كنا منارات للعلم والمعرفة والحضارة لأننا كنا نستند إلى قيم حقيقية تحكم علاقاتنا مع جميع الحضارات والثقافات والأديان من حولنا، حتى عندما خرج أجدادنا من الأندلس خرج معهم اليهود ليعيشوا بينهم لأنهم يعرفون تسامحنا .

نعم تعلمنا من التاريخ أهمية التسامح ، ولكن جاءت الأحداث الأخيرة في منطقتنا لتؤكد لنا أنه لا مستقبل لهذه المنطقة بدون إعادة إعمار فكري ترسخ قيم التسامح والتعددية والقبول بالآخر فكريا وثقافيا وطائفيا ودينيا .

التسامح ليس فقط كلمة نتغنى بها ، بل لا بد أن يكون لها مؤشرات ودراسات وسياسات ، وترسيخ سلوكي في مجتمعنا لنصون مستقبله ونحافظ على مكتسبات حاضره.

نحن دولة نتعلم كل يوم ، ومع كل درس نتعلمه لا بد أن نأخذ قرارات لنطور بها مستقبلنا . وبالحديث عن المستقبل ولماذا غيرنا اسم إحدى الوزارات لتكون ايضا وزارة للمستقبل ؟ أقول لأننا نتعلم أيضا من المستقبل وليس فقط من التاريخ .

بذلنا جهودا كبيرة في السنوات الأخيرة لاستشراف المستقبل ، ولدينا خطط كبيرة وسياسات وطنية علمية وتقنية تتجاوز قيمتها الـ300 مليار درهم استعداد لاقتصاد المستقبل ، اقتصاد لا يجعل أجيالنا رهينة لتقلبات اسواق النفط ومضارباتها وعرضها وطلبها .

لا بد لحكوماتنا أن تفكر بما بعد اقتصاد النفط من اليوم لا بد من إعادة النظر في المنظومة التشريعية والإدارية والاقتصادية بشكل كامل للابتعاد عن الاقتصادات المعتمدة على النفط. لا بد من وضع بنية تحتية تنظيمية ومادية قوية لبناء اقتصادات مستدامة لأبنائنا ولأبناء أبنائنا .

نعم نحن مغرمون بالمستقبل وما يحمله .. المستقبل يحمل تغييرات عظيمة ، في الصحة وطرق التعليم وفي إدارة مدن المستقبل وفي الخدمات الذكية وفي التنقل المستقبلي وفي الطاقة المتجددة وفي الفضاء ، ونحن وضعنا رهاننا في موجة التغييرات القادمة ، واستثمرنا في أبنائنا ، وتجربتنا مفتوحة للجميع للاستفادة منها .

لا أكتب هذا المقال اليوم تفاخرا أو أعجابا بأية إنجازات ، بل أكتبه لأرسل رسالة للمنطقة من حولنا بأنه بيدنا لا بيد غيرنا يأتي التغيير ، منطقتنا ليست بحاجة لقوى عظمى خارجية لإيقاف انحدارها، بل لقوى عظمى داخلية تستطيع التغلب على موجة الكراهية والتعصب التي تضرب نواحي الحياة في الكثير من دول المنطقة .

أكتب مقالا لأرسال رسالة بأنه لا بد للحكومات بأن تراجع دورها ، دور الحكومات هو خلق البيئة التي يستطيع الناس من خلالها تحقيق أحلامهم وطموحاتهم وذواتهم.. خلق البيئة وليس التحكم فيها .. تمكين الناس وليس التمكن منهم .. وظيفة الحكومات خلق البيئة التي يستطيع الناس أن يحققوا فيها سعادتهم ، نعم وظيفة الحكومات هو تحقيق السعادة .. ولسنا جدد في الحديث عن السعادة .. منذ فجر التاريخ والكل يطلب السعادة .. أرسطو ذكر أن الدولة كائن حي يتطور ليسعى لتحقيق الكمال المعنوي والسعادة للأفراد .. وابن خلدون كذلك ..

وفي مقدمة الدستور الأمريكي نص على حق الجميع في السعي لتحقيق السعادة .. بل أن هناك مطالبات من الأمم المتحدة بتغيير المعايير المعتمدة لقياس نجاح الحكومات .. من معايير اقتصادية لمعايير تتعلق بسعادة الإنسان ..وخصصت الأمم المتحدة يوما عالميا للتأكيد على أهميته . السعداء ينتجون أكثر .. ويعيشون أطول .. ويقودون تنمية اقتصادية بشكل أفضل حسب الدراسات.. 

أستغرب من استغراب الكثيرين من تعييننا وزيرا للسعادة في حكومتنا .. السعادة لها مؤشرات وبرامج ودراسات .. السعادة يمكن قياسها .. وتنميتها وربطها بمجموعة من القيم والبرامج .. سعادة الأفراد، وسعادة الأسر، وسعادة الموظفين في عملهم، وسعادة الناس عن حياتهم ،وتفاؤلهم بمستقبلهم، ورضاهم النفسي والمهني والمجتمعي ، كل ذلك يحتاج لبرامج ومبادرات في كافة قطاعات الحكومة ولا بد من وجود وزير لمتابعة ذلك مع كافة القطاعات والمؤسسات الحكومية ، عندما نقول بأن هدف الحكومة هو تحقيق السعادة فنحن نعنيه حرفيا وسنطبقه حرفيا وسنسعى لتحقيقه بما يتناسب مع طموحات شعبنا وتطلعاته وعاداتنا وثقافتنا.


نعم نحن غيرنا حكومتنا ، وأتمنى أن نكون نموذجا يمكن أن يستفيد منه غيرنا ، ومعادلة التغيير عندنا بسيطة : تنمية تقوم على منظومة من القيم .. ويقودها الشباب .. وتستشرف المستقبل .. وتسعى لتحقيق سعادة الجميع .

والله الموفق أولا وآخرا.

محمد بن راشد آل مكتوم

تابعوا هوا الأردن على