خبراء: الحكومة تفترض ارتفاع الإيرادات لتبرير زيادة الإنفاق
أجمع خبراء اقتصاديون وماليون على أن الحكومة تبدي تفاؤلا مفرطا تجاه الإيرادات في فرضيات الموازنات العامة، وهو ما يفتح الباب أمام تبرير زيادة حجم نفقاتها الجارية في كل عام.
وبين خبراء أنه في ظل التحديات الإقليمية التي أصبحت معروفة والمتغيرات في الأسواق العالمية، يجب على الحكومة الحالية أن تكون أكثر انضباطا في بناء موازنتها وأن لا تتفاءل كثيرا.
وأشاروا إلى أن إيجاد فريق اقتصادي وتغيير النهج الذي يتم على أساسه وضع تلك الفرضيات بات ضروريا لبناء موازنة أقرب إلى الواقع تتجنب عجزا ماليا كبيرا.
وبنيت تقديرات قانون موازنة العام 2016 استنادا إلى عدد من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية وهي توقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بنسبة 3.7 % ، وبلوغ معدل التضخم مقاسا بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك نحو 3.1 %، ونمو الصادرات الوطنية بنسبة 5.0 %، ونمو المستوردات السلعية بنسبة 2.5 %، وأن يكون سعر برميل النفط لعام 2016 بحدود 60 دولارا.
وزير الاقتصاد الأسبق سامر الطويل قال "الحكومة عادة تبني موازنتها على أرقام متفائلة لكي تبرر الزيادة في نفقاتها الجارية".
وزاد " ليس بجديد على الحكومة أن تبالغ في حجم الإيرادات التي ستحصلها في الموازنة وتحديدا الإيرادات الضريبية لكي تغطي إنفاقها على الرواتب والمكاتب والسيارات".
وقال "حكومة أدمنت الإنفاق تحاول دائما البحث عن مبرر" ويتوقع قانون الموازنة للعام الحالي أن تبلغ الإيرادات المحلية حوالي 6775 مليون دينار، مسجلة نمواً عن مستواها المعاد تقديره لعام 2015 بنحو 11.2 %، وقد جاء هذا النمو نتيجة لنمو الإيرادات الضريبية بنسبة 8.7 %، ونمو الإيرادات غير الضريبية بنسبة 16.8%.
إلى ذلك؛ بين الطويل أن هذا النهج الحكومي مستمر منذ نحو 10 سنوات رغم دراية الحكومة جدا بالمتغيرات الإقليمية والأسواق العالمية.
وأشار إلى أن الحكومة تبالغ أيضا في حجم المساعدات التي تسجلها في الموازنة والتي من المحتمل أن لا تحققها وأن لا تكون مضمونة؛ وبالتالي تحقيق عجز أكبر.
ولفت الطويل إلى أن الحل لمعالجة الوضع في الموازنة هو تغيير النهج والفكر الاقتصادي في البلد بشكل عام.
بدوره؛ قال الخبير المالي مفلح عقل "للأسف؛ تتكرر قصة المبالغة في فرضيات الموازنة كل عام حيث تقوم الحكومة بوضع أرقام للنمو أعلى من المنطق".
ولفت عقل إلى أن العام الماضي بنت الحكومة موازنتها على أن النمو سيكون 3.2 % ولكن الذي تحقق 2.3 % وبررت الحكومة ذلك بالتحديات الإقليمية ولكن هذه التحديات أصلا موجودة؛ لماذا تفائلت الحكومة ورفعت توقعاتها؟
وأشار إلى أن الحكومة تفعل ذلك لكي تبرر الزيادة في حجم نفقاتها وبالتالي ينتهي العام لعجز كبير ومديونية تتخطى قانون الدين العام.
وقال عقل إن "على الحكومة بناء موازنتها على أقل التقديرات وأن تكون أكثر انضباطا وأن لا تبني ايراداتها على الزيادة في الضرائب."
ولفت إلى أن الحكومة تقول دائما إنها ستقلل من نفقاتها وأنها عملت على دمج الهيئات المستقلة لكي تقل النفقات، ولكن العكس حصل.
وبين عقل أن هنالك حاجة ماسة إلى فريق اقتصادي يعي التغيرات ويستطيع وضع تقديرات أقرب إلى الواقع والمنطق.
وقال وزير المالية الأسبق مروان عوض إن "الايرادات المحلية لا تغطي النفقات الجارية وبالتالي ماتزال مسألة الاعتماد على الذات بعيدة" مشيرا الى أن استمرار الاعتماد على المساعدات لتمويل نفقات جارية ورأسمالية يعد ضعفا.
ولفت الى أن واقع الحال يفرض العمل بجدية على جذب الاستثمارات كأفضل الحلول لتنشيط الاقتصاد"، مبينا أن النمو الاقتصادي لن يصل فوق 3 % في ظل معدلات التضخم السالبة، والتي تشير إلى ضعف الطلب وعوامل خارجية.
وتوقع عوض أن يصل معدل النمو الاقتصادي 2.8 % بأحسن الظروف خلال العام الحالي، وهي معدلات أقل من الفرضيات التي قامت عليها الموازنة، وبالتالي زيادة العجز عن المستهدف.
وقدرت النفقات الجارية لعام 2016 في الموازنة العامة بنحو 7185 مليون دينار، مسجلة ارتفاعا بنحو 539 مليون دينار أو ما نسبته 8.1 % عن مستواها المعاد تقديره لعام 2015.
وتعكس الزيادة في النفقات الجارية للعام 2016 الزيادة السنوية الطبيعية لرواتب العاملين في الجهازين المدني والعسكري، وزيادة مخصصات التقاعد المدني والعسكري والجامعات الرسمية، ورصد المخصصات اللازمة لتغطية الالتزامات المالية والمتأخرات على الوزارات والدوائر الحكومية، ورصد المخصصات المالية اللازمة لتغطية النفقات الناجمة عن إقرار قانون تنظيم توريد ايرادات الدولة.