تحذيرات: مراكز بيع الخبز خطوة لهدر الطحين
حذر مختصون من توجه الحكومة لإنشاء مراكز لبيع الخبز مباشرة للمواطنين، لأن هذه الخطوة تضيف حلقة جديدة لمعادلة بيع الخبز، ما يعني أن فرص هدر الطحين سوف تصبح أكبر.
وأوضح هؤلاء أن التخلص من هدر الطحين يحتاج إلى تقليص حلقات البيع بينما خطوة الحكومة القديمة/ الجديدة بإنشاء مراكز بيع الخبز تضيف حلقة رابعة الى معادلة البيع المكون حاليا من المطحنة والناقل والمخبز.
وبينوا ان بعض المخابز سوف تقوم بشراء الخبز من مراكز البيع دون ان يسجل ذلك في سجلات الوزارة لان من سيقوم بهذه الخطوة ليس المخبز بل اشخاص يمكن توظيفهم لهذه الغاية، وبعد ذلك يقوم هؤلاء باعادة الخبز الى المخبز وبذلك تصبح لديهم كمية من الخبز دون ان ينتجوها ويقوموا ببيعها من جديد للمراكز، ويسجل ذلك لدى وزارة الصناعة والتجارة والتموين.
هذه الخطوة تعني ان صاحب المخبز سوف يشتري ويبيع الخبز من وإلى مراكز البيع دون ان يستهلك مخصصاته من الطحين ويقوم ببيعها في السوق السوداء من جديد كما حدث سابقا.
وقد يلجأ المخبز للتغطية على هذه العملية من خلال انتاج جزء قليل من مخصصات الطحين المدعوم.
وطالب المختصون بضرورة العمل على تشديد الرقابة على حلقات التسويق بدلا من إنشاء مراكز لبيع الخبز التي سيكون لها آثار سلبية في خلق ارباك في حالات الظروف الاستثنائية من تساقط الثلوج.
وقال مصدر مسؤول، في تصريحات سابقة إن التوجه الحكومي لفصل إنتاج الخبز عن التوزيع سيكون من خلال إنشاء مراكز تبيع المواطنين بشكل مباشر، بعيدا عن المخابز.
وبين المصدر أنه بموجب المقترح سيتم استخدام المخابز كمشغلين فقط، وذلك من خلال إعطائها كميات محددة من الطحين بشكل مباشر من الحكومة وقيامهم بإنتاج الخبز ثم بيعه من خلال مراكز توزيع، والتي بدورها تقوم ببيعه للمواطنين.
وأكد المصدر ذاته ان تطبيق المقترح من شأنه أن يسهم الى حد كبير في معالجة الهدر والتلاعب بالطحين المدعوم بطرق غير قانونية، سيما وأن كل كميات الطحين التي توزع على المخابز يعرف مقدار إنتاج الخبز منها.
بدوره، قال ممثل قطاع الصناعات الغذائية في صناعة الاردن، محمد العبداللات، إن انشاء مراكز لبيع الخبز تزيد من حلقات التسويق وفرص هدر الطحين المدعوم بشكل اكبر كونها تفتح وسيلة جديدة للمتاجرة بطرق غير شرعية.
وأشار إلى وجود حلول افضل من انشاء مراكز لبيع الخبز تتمثل بتشديد الرقابة على جميع قنوات توزيع الطحين، مبينا أن تجربة المراكز ثبت فشلها في الدول التي طبقتها.
وطالب العبداللات الحكومة بعدم التلاعب بمادة الخبز إلا من خلال حل جذري كامل، عبر تخفيف الدعم عن الطحين بشكل تدريجي وإعطاء المواطنين فرق الدعم.
وقال نقيب أصحاب المخابز، عبد الإله الحموي، إن النقابة ترفض إنشاء مراكز لبيع الخبز كونها تؤدي إلى حدوث مشاكل للعاملين في القطاع وتزيد حلقات معادلة البيع.
وبين الحموي ان زيادة حلقات البيع يعني إتاحة الفرصة بشكل أكبر للتلاعب بالطحين المدعوم من خلال قيام بعض حلقات التسويق بشراء الخبز من مراكز البيع وإعادة البيع لها من جديد واحتساب بدل انتاج طحين مدعوم.
وأوضح الحموي ان هذا التوجه كان معمولا به خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي لكنه لم ينجح، مشيرا إلى أن الفكرة أعيد تقديمها كمقترح قبل 5 سنوات وتم رفضها من قبل النقابة.
وقال الحموي إن المواطنين يرفضون التعامل مع المراكز كونهم يفضلون شراء الخبز من المخابز والحصول عليه طازجا/ ساخنا.
وتساءل الحموي: "كيف سيتم التعامل مع مراكز بيع الخبز في حال حدوث ظروف مثل الثلج والايام الاخرى التي يزيد فيها الطلب على هذه المادة؟".
وبين أن الحل الوحيد للقضاء على عمليات التلاعب بالطحين هو الرفع التدريجي لمادة الخبز بحيث يصبح سعر الكيلو 25 قرشا كمرحلة اولى مقابل اعطاء المواطنين فرق الدعم، وهذا يوفر 90 مليون دينار سنويا.
وأوضح الحموي ان هذه الخطوة تساعد في رفع سعر طن الطحين الى 170 دينارا كحد ادنى، وبالتالي يصبح سعره قريبا من أسعار الاعلاف والانواع الاخرى من الطحين، ما يعني ان التلاعب بهذه المادة غير مجد ماديا.
وقال رئيس جمعية اتحاد مطاحن الحبوب التعاونية، نقولا تشخلاكس، إن الآلية الحكومية الجديدة لن تنجح، بل تفتح الباب واسعا لهدر الطحين، وبالتالي يدخل الطحين في سوق سوداء، نتيجة زيادة حلقات البيع.
وأضاف تشخلاكس ان الحل للقضاء على هدر الطحين المدعوم يكمن في رفع الدعم وتعويض المواطنين فرق الدعم.
ودعا تشخلاكس الحكومة إلى ضرورة توعية المواطنين، وكسب ثقتهم بهذا الموضوع، والعمل على استغلال الوفر في مشاريع تنموية حقيقية من شأنها تحسين معيشة المواطنين.
وقال مدير عام مجموعة سلسلة مخابز، محمد الجيطان، إن إنشاء مراكز لبيع الخبز بعيدا عن المخابز من شأنه أن يزيد هدر الطحين، على عكس ما يروج لهذه الفكرة، وذلك من خلال اضافة حلقة تسويقية للطحين وهي مراكز التوزيع.
وبين الجيطان أن مراكز توزيع الخبز التي كان معمولا بها في العديد من الدول اثبتت فشلها.
وأكد أن تطبيق الآلية يفتح قنوات جديدة لهدر الطحين من قيام بعض حلقات التسويق بشراء الخبز من تلك المراكز وبيعها من قبل المخابز لتلك المراكز من جديد دون استخدام مخصصاته من الطحين.
وقال الجيطان إن الحل الوحيد للقضاء على الهدر ممكن من خلال الرفع التدريجي للطحين مقابل توزيع فرق الدعم على المواطنين.
وقدرت الحكومة السابقة الهدر الحاصل بمادة الخبز من 70 إلى 100 مليون دينار، وأن هنالك 3 ملايين شخص من غير الأردنيين يستفيدون من دعم الخبز، وهذا ما يدفع الحكومة إلى التوصل إلى آلية مباشرة بما لا يمس سعر الخبز.
وتصل كمية ما تستهلكه المملكة من الطحين المدعوم إلى 450 ألف طن سنويا، فيما تظهر بيانات الموازنة العامة للعام الحالي (2016) أن قيمة الدعم المخصص للمواد التموينية 215 مليون دينار.
وما يدفع البعض للتلاعب بالطحين المدعوم، وفقا للمتخصصين، هو مقدار الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة لمادة الطحين، فهي تبيع طن الطحين إلى المخابز من خلال المطاحن بـ64.94 دينار، مقدمة بذلك دعما مقداره 200 دينار لكل طن، بهدف الحفاظ على سعر كيلوغرام الخبز عند مستوى 16 قرشا.
ويبلغ عدد المطاحن العاملة في المملكة 15 مطحنة، وهناك مطحنة متوقفة عن العمل، إضافة إلى أن عدد المخابز العاملة في كافة أنحاء المملكة حوالي 16500 مخبز، فيما يبلغ عدد الناقلين المعتمدين حوالي 100 ناقل رئيسي، بالإضافة إلى الناقلين الفرعيين لهؤلاء الناقلين.
ويستهلك الأردنيون 8 ملايين رغيف خبز عربي يوميا، وبمعدل رغيف وثلث للفرد الواحد. بحسب دراسات حكومية، يقدر استهلاك الفرد من مادة الخبز حوالي 90 كيلوغراما سنويا في حين تبلغ كلفة إنتاج الكيلو الواحد من الخبز حوالي 40 قرشا، وهي تتغير شهريا حسب أسعار القمح والكلف.