تفاقم ظاهرة الاعتداء على الكوادر الطبية
فيما سجل العام الحالي "16 حادثة اعتداء على كوادر طبية"، تباينت وجهات نظر مختصين حول استفحال الظاهرة، بين من عزاها إلى "تنازل المعتدى عليهم عن حقوقهم الشخصية"، فيما أنحى آخرون باللائمة على الكوادر الصحية نفسها التي تنقصها المهارات اللازمة في آلية التعامل مع المرضى والمراجعين وذويهم.
وفي هذا الصدد، انتقد وزير الصحة الدكتور محمود الشياب ما وصفه "تنازل الأطباء المعتدى عليهم عن حقهم الشخصي"، مشيرا إلى أن ذلك "يضعف موقف الوزارة والجهات ذات الاختصاص بعد إتمام المصالحة".
وبين الشياب أن الوزارة "طالبت بتغليظ العقوبة على المعتدين على الكوادر الطبية، وأن تكون العقوبة بحجم الحدث نفسه"، لافتا إلى أن ذلك "ينسجم مع ما تدعو له الدولة من إحقاق سيادة القانون والاحتكام له، وأن يؤخذ بالعقوبة الأشد عند القضاء".
وأوضح أن وزارته "لا تألو جهدا في الدفاع عن الكوادر الطبية والتنسيق مع الحكام الإداريين والقضاء، لينال الجناة عقوبة رادعة لزجرهم عن التعدي على الكوادر الطبية والتمريضية".
وأضاف: "كما تتابع الوزارة تنفيذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك القانونية منها، للحيلولة دون وقوع الاعتداءات على الكوادر الصحية، ودعم ضحايا الاعتداءات من الكوادر الطبية بكل الوسائل المتاحة، والتعاون مع الجهات المعنية كافة".
وشدد الشياب على أهمية مكافحة "ظاهرة الاعتداء على الكوادر الطبية ومعالجتها، والعمل على رفع كفاءتها وتدريبها على التعامل مع حالات الاعتداء عليها".
وقال: "رغم تعميم وزارة الصحة دليل إجراءات التعامل مع الاعتداءات والعنف على الأطباء والكوادر الطبية والفنية لديها، بالتعاون مع نقابة الأطباء، وتطبيق البرتوكول في حال وجود أي اعتداء على أي من الكوادر الطبية بمختلف فئاتها، إلا أن الظاهرة لم تنته".
وبين أن الوزارة وبالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص، عملت على إدخال تعديلات على مسودة مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات، بهدف الحد من "الجريمة التي تمس أمن المجتمع، من خلال تحقيق الردعين العام والخاص".
وأضاف: "كما أن المشروع يعمل على حماية الموظف العام من الاعتداء، نتيجة ما يقوم به من عمل يتعلق بوظيفته، وذلك من خلال تشديد العقوبة على من يعتدي عليه، وبحيث تكون العقوبة مضاعفة، إذا كانت على معلم أو طبيب أو عضو هيئة تدريس، أو الاعتداء على الموظف بشكل عام".
واستدرك الشياب "لكن قصور القوانين والتشريعات وعدم إقرار قانون المسؤولية الطبية والصحية، وعدم اتخاذ الحكومة ووزارة الصحة ونقابة الأطباء الإجراءات الكافية التي تردع المعتدين على الأطباء والكوادر الطبية والفنية، وخاصة الحكومية، جعل تلك الجهات تتحمل العبء الأكبر، وتقف عاجزة أمام تفشي الظاهرة، في ظل وقوع 4 اعتداءات في أسبوع واحد".
من جانبه، أكد نقيب الأطباء الأردنيين الدكتور علي العبوس أن مطلب النقابة الوحيد من وزارة الصحة والحكومة بشكل عام هو "تغليظ العقوبة على من يعتدي على الكوادر الطبية، لأن الاعتداء يشكل إهانة لهيبة الدولة، فضلا عن الضرر المادي والنفسي الذي يقع على على المرضى والممتلكات الرسمية والخاصة، جراء حوادث الاعتداء".
وقال إن هناك "16 حادثة اعتداء على الكوادر الطبية منذ بداية العام الحالي، 4 منها الأسبوع الحالي، وهو ما يرتب مسؤولية على الحكومة لحماية موظفيها العامين".
وألقى مسؤول صحي سابق، طلب عدم نشر اسمه، باللائمة على وزارة الصحة من جهة، وعلى الأطباء من جهة أخرى، مفندا سبب الاعتداءات بأنها "تشير إلى عدم كفاءة الأطباء، وعدم وجود العلاج، وعدم احترام المراجع، وضعف التواصل مع المواطن، فضلا عن نقص الكوادر الطبية وازدياد أعداد المراجعين".
وأوضح أن "الخلل يكمن في إدارة مستشفيات وزارة الصحة، التي تقف عاجزة عن تدريب موظفيها على بروتوكول وآليات التعامل مع المراجعين، والتدريب على العمل تحت الضغط".
وقال إن الطبيب "مجبر على التنازل عن حقه الشخصي حفاظا على وقته من جهة، وخشية من التقرير الطبي الكيدي من جهة أخرى".
بدورهم، يأمل أطباء وممرضون أن يحد مشروع قانون العقوبات الجديد من "تغول العادات والتقاليد والتدخل العشائري وحالات الصلح وإسقاط الحق الشخصي من قبل المعتدى عليهم".