المعارضة تتراجع بسرعة امام تقدم قوات النظام شرق حلب
هوا الأردن -
خسرت الفصائل المعارضة الاثنين كامل القطاع الشمالي من الاحياء الشرقية في مدينة حلب، ثاني المدن السورية، اثر تقدم سريع أحرزته قوات النظام وحلفاؤها فيما فر آلاف السكان من منطقة المعارك.
وتشكل سيطرة قوات النظام على ثلث الاحياء الشرقية بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، الخسارة الاكبر للفصائل المعارضة منذ سيطرتها على شرق المدينة في 2012، في وقت تعد أكبر انتصارات النظام الذي استعاد المبادرة ميدانيا منذ بدء روسيا حملة جوية مساندة له قبل اكثر من عام، وفي ظل عجز دولي كامل إزاء ايجاد حلول لتسوية النزاع المستمر منذ اكثر من خمس سنوات.
ومع فرار اكثر من عشرة الاف مدني من شرق حلب الى مناطق تحت سيطرة النظام واخرى تحت سيطرة الاكراد، توجهت المئات من العائلات في اليومين الاخيرين الى الى جنوب الاحياء الشرقية التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل المعارضة ويعيش سكانها المحاصرون وسط ظروف انسانية صعبة للغاية.
ووصف الناطق باسم الدفاع المدني في حي الانصاري ابراهيم ابو الليث الوضع في شرق حلب بـ"الكارثي". وقال لفرانس برس بصوت متقطع "هذان اسوأ يومين منذ بدء الحصار.. النزوح جماعي والمعنويات منهارة".
واضاف "تنام الناس على الارض. لا مأكل ولا مشرب ولا مأوى أو ملجأ"، مضيفا بغضب "قولوا لنا، الى متى سيبقى العالم ضدنا؟".
وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس في شرق حلب عشرات العائلات معظم افرادها من النساء والاطفال، تصل تباعا سيرا على الاقدام. ويعاني افرادها من الارهاق والبرد الشديد والجوع، حتى ان بعضهم ليس بحوزته المال لشراء الطعام.
وعمل اهالي الحي على ايوائهم في منازل خالية من سكانها وتبرعوا لهم بالاغطية والبطانيات.
ومنذ بدء قوات النظام احراز تقدم في شرق حلب، احصى المرصد السوري لحقوق الانسان فرار اكثر من ستة الاف مدني الى حي الشيخ مقصود، ذات الغالبية الكردية، واربعة الاف الى مناطق سيطرة قوات النظام.
وتداولت مواقع كردية مقاطع فيديو تظهر مئات الاشخاص وهم يتجمعون في باحة في الشيخ مقصود بعد وصولهم الى الحي. وفي صور اخرى، يسير العشرات وبينهم عدد كبير من الاطفال على طريق وهم يحملون حقائب وامتعة احضروها معهم.
وهي المرة الاولى، بحسب المرصد، التي ينزح فيها هذا العدد من السكان من شرق حلب منذ 2012 حين انقسمت المدينة بين احياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وازاء هذه التطورات وجهت الامم المتحدة نداء عاجلا الى الاطراف المتحاربة لوقف وقفوا قصف المدنيين في شرق حلب والسماح بعبور مساعدات انسانية الى هذه المنطقة التي لم تتلق مساعدات منذ اوائل تموز/يوليو واصبحت المواد الغذائية فيها شحيحة.
وقالت المنظمة الدولية انها "قلقة للغاية" حيال قرابة 275 الفا من المدنيين الواقعين بين نارين "في ظروف مروعة"، مضيفة "نحض جميع الاطراف المتحاربة على وقف القصف العشوائي، لحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، والسماح بالمساعدات الانسانية العاجلة بموجب القانون الانساني الدولي".
-حي تلو الاخر-
واستأنفت قوات النظام في 15 تشرين الثاني/نوفمبر حملة عسكرية عنيفة ضد الاحياء الشرقية، تخللها هجوم ميداني على اكثر من جبهة وغارات كثيفة على مناطق الاشتباك والاحياء السكنية.
وحتى بدء الهجوم، كان يعيش اكثر من 250 الف شخص في الاحياء الشرقية في ظروف صعبة نتيجة حصار بدأته قوات النظام قبل حوالى اربعة اشهر. ودخلت آخر قافلة مساعدات إنسانية الى مناطقهم في تموز/يوليو الماضي.
وقال المتحدث باسم مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين سكوت كريغ لفرانس برس الاثنين "الوضع في شرق حلب متقلب وتتطور الامور بسرعة" مضيفا "نحن قلقون للغاية من تبعات القتال على السكان المدنيين في حلب".
وغداة سيطرتها على احياء عدة الاثنين، ابرزها حيي الصاخور والحيدرية، افادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" بسيطرة الجيش على محطة سليمان الحلبي، المحطة الرئيسية التي تضخ المياه الى الاحياء الغربية والتي كانت الفصائل المقاتلة تتحكم بها.
واعتبر مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "خسرت الفصائل المعارضة كامل القسم الشمالي من الاحياء الشرقية بعد سيطرة قوات النظام على احياء الحيدرية والصاخور والشيخ خضر، وسيطرة المقاتلين الاكراد على حي الشيخ فارس".
وتقدمت قوات النظام منذ ليل السبت بسرعة في الاحياء الشمالية الشرقية انطلاقا من مساكن هنانو، الحي الاول الذي سيطرت عليه الفصائل المعارضة في صيف العام 2012 وأكبرها مساحة، لتتقدم الى االحياء المجاورة، واحدا تلو الاخر.
وسيطر المقاتلون الاكراد وفق المرصد، على احياء بستان الباشا والهلك التحتاني امس والشيخ فارس الاثنين، التي كانت ايضا تحت سيطرة الفصائل. ويتهم مقاتلو المعارضة الاكراد بالوقوف الى جانب النظام في النزاع الجاري.
- "عين تقاوم مخرز"-
وبحسب المرصد، يأتي التقدم السريع لقوات النظام وحلفائها "نتيجة خطة عسكرية اتبعتها في هجومها وتقضي بفتح جبهات عدة في وقت واحد، بهدف اضعاف مقاتلي الفصائل وتشتيت قواهم".
وربط ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين الزنكي، ابرز الفصائل المقاتلة في حلب، لفرانس برس الاثنين تقدم النظام باستقدامه "تعزيزات عسكرية كبيرة وبالقصف الجوي العنيف الذي لم يهدأ".
واوضح "الوضع اشبه بعين تقاوم مخرز.. طيلة السنوات الماضية كنا نقاوم بما اوتينا من قوة بأساليب بدائية، اما اليوم فنحن نقاوم ايران وروسيا" ابرز داعمي دمشق عسكريا.
واضاف "النظام انتهى وسقط منذ خمس سنوات، ونحن الان نقاتل جيوش ومليشيات من كل اصقاع الارض" معتبرا ان الفصائل "محكومة بالصمود والدفاع عن النفس وعن اهالينا".
وتخوض قوات النظام حاليا معارك عنيفة في حيي الشيخ سعيد والشيخ لطفي في جنوب المدينة.
وقتل في شرق حلب الاثنين 18 مدنيا. ومنذ بدء الهجوم الاخير على شرق حلب منتصف الشهر الحالي، أحصى المرصد مقتل 247 مدنيا بينهم 27 طفلا جراء القصف والغارات، فيما قتل 29 مدنيا بينهم 11 طفلا في غرب المدينة جراء قذائف الفصائل التي حصدت قتيلين الاثنين، وفق وكالة سانا.
في العالم، هناك صمت شبه تام منذ يومين ازاء التطورات الميدانية المتسارعة. ومن شأن خسارة المعارضة لحلب ان تشكل خسارة أيضا للدول الداعمة للمعارضة، وبينها السعودية ودول غربية، وان تقوي المحور الداعم للنظام، اي روسيا وايران.