السلطان محمد الفاتح يشارك في احتفالات "نعم"
شارك السلطان «محمد الفاتح»، في استفتاء التعديلات الدستورية التي خاضها نحو 55 مليون تركي للإدلاء بأصواتهم؛ لتقرير مصير 18 مادةً في الدستور؛ وفازت «نعم» بأغلبية 51.3 في المئة.
في الحقيقة، حرص الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على مشاركة السلطان الفاتح في احتفالات 'النعم'، عندما وقف الرئيس في حضرة السلطان، وتلا عليه سورة الفاتحة وآيات من سورة البقرة.
هي الرسائل السياسية ذاتها التي يتقنها الرجل باحتراف، لكنه لا يلعب وهو يقوم بذلك.
رجب طيب اردوغان يتلو رسالتين، في الفاتحة، الأولى أمام قبر «عدنان مندريس» رئيس الوزراء الذي أعدمه الجيش في الستينيات، لأنه أعاد العربية الى الأذان في مآذن تركيا، أمام الرسالة الخارجية فكانت في تلاوة سورة الفاتحة أمام فاتح بيزنطة 'القسطنطينية'، عاصمة الإمبراطورية الرومانية أو إسلامبول 'الآستانة'، أو ما أطلق عليها لاحقا مصطفى كمال اتاتورك بإسطنبول عام 1930 ضمن إصلاحات أتاتورك القومية.
ومحمد الفاتح هو سابع سلاطين الدّولة العثمانية، ورمز يقبع في الوجدان الأوروبي بصفته المسؤول عن انهيار الدولة البيزنطية 'الروم' التي تأسست عام 395م وقضى عليها محمد الفاتح في عام 1453م.
هي رسالة ثانية موجهة للغرب. غربٌ تمنّع عقودا رافضا انضمام أنقرة، الى الأوركسترا الأوروبية. أوركسترا لم تفهم معها اسطنبول انها ستبقى إسلامبول في الأذن الأوروبية، مهما حاولت.
لم يفهم الاتراك ان طبقة الصوت التي لديهم مختلفة عن تلك التي لدى الأوروبيين، وأنهم مهما حاولوا لن تسمع الأذن الأوروبية الا ما تريد ان تسمعه.
في الحقيقة ساهم الأوروبيون كما لم يساهم احد غيرهم في ايقاظ الاتراك، الذين تلقوا صفعات الروم صفعة تلو الأخرى، حتى أفاق بعضهم، فأيقظ اخوته.
ما يقوم به أردوغان أبعد من محطة فرز سياسي يريد فيها استقطاب المؤيدين، لينتصر على معارضيه في معركة انتخابية، أو محطة سياسية، ومن يظن هذا، لا يرى المشهد الذي تراه أوروبا جيدا، وتشارك فيه بقوة، فهل ندمت أوروبا على ايقاظها الحوت العثماني في روح الاتراك؟
ما يغضب الأوروبيين أن أردوغان يعمد من دون مواربة على تغيير وجه تركيا، وإنه يفعل ذلك ضمن سلة شاملة 'شكلية وجوهرية'، تبدأ بتنبيه من حوله من الساسة الرجال أن عليهم أن يطلقوا 'شواربهم'، ولا يتشبهوا بالأوروبيين، هذه الشوارب التي تخلى عنه الاتراك كما تخلوا عن اسلامبولهم، كما لا تنتهي بإعادة ربط الوجدان التركي بماض عثماني ظن الغرب أنهم أفلحوا في حرقه في الذاكرة الجمعية التركية.