المعارك لطرد "داعش" من مدينة الرقة شارفت على النهاية
شارفت المعارك التي تخوضها قوات سوريا الديموقراطية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الرقة على الدخول في 'اسبوعها الاخير' بعد خسائر فادحة مني بها الجهاديون المحاصرون في مساحات ضيقة في معقلهم الابرز في البلاد.
ولن تكون خسارة تنظيم الدولة الاسلامية للرقة سوى واحدة من هزائم ميدانية عديدة مُني بها خلال الفترة الماضية في كل من سوريا والعراق، الدولتان اللتان اعلن فيهما 'الخلافة الاسلامية' في العام 2014 بعد سيطرته على مناطق واسعة ممتدة بينهما.
وبعد أكثر من أربعة اشهر من المعارك داخل الرقة، لا تزال الاشتباكات مستمرة في مساحات محدودة يتواجد فيها تنظيم الدولة الاسلامية خصوصا في وسط المدينة فيما تسعى قوات سوريا الديموقراطية للتقدم من الجهتين الشمالية والشرقية لاحكام طوقها على فلول مقاتلي التنظيم المتطرف.
وقالت قائدة حملة 'غضب الفرات' روجدا فلات لوكالة فرانس برس الاحد خلال تواجدها في منطقة غرب الرقة 'في حال التقاء المحورين نستطيع ان نقول اننا دخلنا الاسبوع الاخير من حملة تحرير الرقة'.
وأضافت 'في غضون ثلاثة او اربعة ايام، يمكننا ان نتخذ القرار ببدء الحملة النهائية'.
وتتواصل الاشتباكات في المناطق التي تتقدم فيها قوات سوريا الديموقراطية، وفق فلات التي اشارت الى ان 'داعش لا يزال يتحصن في الانفاق' كما لا يزال يلجأ الى القناصة والانتحاريين.
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن منذ السادس من حزيران/يونيو معارك داخل مدينة الرقة بدعم من التحالف الدولي بقيادة اميركية. وباتت تسيطر على نحو 90 في المئة من المدينة.
وأوضحت فلات ان عمليات التمشيط لا تزال مستمرة في الكثير من الاحياء للتأكد من عدم وجود جهاديين.
- 'لم يبق شيء' -
ويتمركز مقاتلو التنظيم المتطرف بشكل أساسي في المستشفى الوطني والملعب البلدي في وسط المدينة كما في مبان عدة في احياء محيطة بها.
وقال المقاتل الايزيدي في صفوف قوات سوريا الديموقراطية جنكدار شنكال (20 عاما) لفرانس برس 'نبعد حاليا 20 مترا عن الملعب البلدي (...) لم يبق شيء' للجهاديين.
ويضيف 'ستأتي مجموعة اخرى لاستلام موقعنا ونحن نتقدم'.
ويحاصر مقاتلون من وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، حاليا المستشفى الوطني حيث يعتقد ان الجهاديين يتخذون من مدنيين داخله دروعا بشرية، كما يحضرون لهجوم على الملعب البلدي الى الشمال منه.
ومن المفترض بعد السيطرة على الملعب، وفق القيادي الميداني في الوحدات الكردية علي شير، ان تتجه القوات للسيطرة على دوار النعيم الذي اعتاد التنظيم تنفيذ عمليات اعدام جماعية فيه، ما دفع السكان الى تسميته 'دوار الجحيم'.
واوضح شير ان بعد الانتهاء من الملعب والدوار 'لن يبقى سوى المستشفى، وحينها سنوجه نداءات لهم للاستسلام، وفي حال لم يلتزموا بالاوامر سنضطر الى كسر الحواجز ودخول المستشفى'.
وأضاف 'نراهم يتحركون، واحيانا ندخل الى مبنى ونجدهم فيه'.
وتحول المستشفى الوطني، بحسب المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون، الى قاعدة عسكرية 'محصنة بشدة' للجهاديين.
واوضح ديلون لوكالة فرانس برس ان مستشارين من القوات الخاصة للتحالف قد ترافق قوات سوريا الديموقراطية في تقدمها نحو المستشفى، مشيرا الى انه لن يكون هناك 'وحدات تكتيكية كاملة للتحالف تهاجم المستشفى'.
- 'صراخ تحت الانقاض' -
واجبرت المعارك في الرقة عشرات الاف المدنيين على الفرار من المدينة، وتقدر الامم المتحدة ان نحو ثمانية آلاف لا يزالون عالقين فيها.
فرت ليلى (32 عاما) الاحد من مبنى قريب من الملعب البلدي، وهي تخشى ان يكون زوجها المفقود قتل جراء المعارك.
وتروي المرأة الحامل ووالدة ثلاثة اطفال حالة من الرعب عاشتها حين استهدفت الغارات والقذائف مبان عدة بالقرب من ملجئها.
وتقول 'هؤلاء الذين بقوا على قيد الحياة كانوا يصرخون من تحت الانقاض من دون ان يكون احد قادر على اخراجهم بسبب القصف'.
وتضيف 'عشنا ثلاثة اشهر في الحمام، كان ابني يقول لي +اريد فقط ان ارى السماء+'.
ومنى تنظيم الدولة الاسلامية، الذي سيطر في العام 2014 على اراض واسعة في سوريا والعراق، بهزائم متتالية في البلدين على وقع تقدم خصومه على جبهات عدة.
وقد خسر التنظيم في تموز/يوليو الماضي مدينة الموصل، ابرز معاقله في العراق، والتي اعلن منها زعيمه ابو بكر البغدادي 'الخلافة الاسلامية'.
وطردت القوات العراقية الاسبوع الماضي التنظيم المتطرف من مدينة الحويجة وبالتالي دحره من شمال وشمال شرق العراق.
ولم يعد التنظيم يسيطر سوى على شريط حدودي محدود في محافظة الانبار الغربية على الحدود مع سوريا.
ويتصدى تنظيم الدولة الاسلامية لهجومين منفصلين احدهما تقوده قوات سوريا الديموقراطية بدعم اميركي والثاني يقوده الجيش السوري بدعم روسي في محافظة دير الزور المحاذية للحدود العراقية.
ويخوض الجيش السوري حاليا معارك لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من مدينة الميادين في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، والتي تعد احد آخر معاقل الجهاديين في سوريا.
وعلى جبهة أخرى في سوريا، أعلن الجيش التركي الاثنين انه بدأ منذ الاحد عملية استطلاع في محافظة ادلب بهدف اقامة منطقة لخفض التوتر.
وتشكل المحافظة واحدة من أربع مناطق سورية تم التوصل فيها الى اتفاق لخفض التوتر في أيار/مايو في إطار محادثات آستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي النظام السوري، وتركيا الداعمة للمعارضة.
ويستثني الاتفاق المجموعات الجهادية وبينها تنظيم الدولة الاسلامية وهيئة تحرير الشام.