التعليم العالي .. خطوات تشريعية وتنفيذية تحرك "الماء الساكن"
هوا الأردن -
يشهد قطاع التعليم العالي في الفترة الحالية حراكا ذا ابعاد متنوعة، منها ما يتربط بالقبول الموحد، واخرى بوضع انظمة وتعليمات تنفيذية انسجاما مع قانوني التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات الاردنية لسنة 2018.
لم يأت هذا الحراك فجأة، إنما ضمن خطوات متدرجة تمثلت في الاعلان عن التوجهات وعقد لقاءات واجتماعات مع معنيين ومختصين، من باب إثراء هذا الحراك بنتائج التغذية الراجعة، التي لم تهمل بل على العكس كان محل نقاش ، حتى لو قدمت هذه التغذية او الملاحظة بشكل غير رسمي او عبر منصات التواصل الاجتماعي.
اللافت للنظر، ان هنالك مواقف تبدلت مع الوقت بعدما كانت تؤيد أو تدعم توجها بعينه، لكن مع البدء باتخاذ اجراءات فعلية باتت المواقف مغايرة لما كانت عليه قبل سنوات رغم انها صادرة من ذات الذوات، ما ينبىء بان وراء الاكمة ما وراءها، وهذا يحمل تفسيرين: الاول ان التغيير في الموقف استند الى مستجدات، اما التفسير الاخر ان النقد والمعارضة سمة باتت تعارض كل من هو خارج دائرة صنع القرار المباشر.
بعيدا عن هذا المحور، فإن ملفات قطاع التعليم العالي باتت تقسم ضمن ملفات واضحة وموزعة على جهات الاختصاص، ضمن آلية تنسيقية وتكاملية، ووفق خطوات ثابتة غير متسرعة، في حال الابتعاد عن عمليات التشكيك والاتهامية المسبقة والتشخيص الشخصي غير القائم على حقائق وادلة.
ويشتمل حراك التعليم العالي الان على وضع ستة انظمة تشمل: نظام تعيين رؤساء الجامعات ونظام ممارسة العمل الاكاديمي ونظام مساءلة وتقييم اداء القيادات الاكاديمية ونظام تنظيم العلاقة بين الهيئة والجامعة الخاصة ونظام صندوق البحث العلمي والابتكار ونظام شؤون الطلبة الوافدين.
ويشتبك في وضع هذه الانظمة لجان ممثلة، كما في عينات استطلاعات الرأي العام، من مختلف دوائر الوزارة ومجلس التعليم العالي والجامعات ايضا، وديوان التشريع والرأي.
وبحسب مصادر فإن هذه الأنظمة استكملت كمسودات، حتى الان، ولم يفصح عن تفاصيلها، وقد يكون عدم الافصاح عنها بشكل علني "مثلب"، لجهة ان الاعلان عن المسودة وتفاصيلها، كمسودة وليس نظاماً سيخدم في الوقوف على الملاحظات التي قد تشكل اخطاء او تضاربا او تناقضا، ما يعزز النسخة النهائية منها.
وعلى سبيل المثال، فإن مسودة نظام تعيين رؤساء الجامعات التي ما تزال في طور النقاش ، قد يحمل النظام في حال صدر كما هو مخالفة صريحة للقانون، لجهة شروط المترشح لرئاسة الجامعة، فالقانون سمح لحامل الجنسية الاردنية ويحمل رتبة الاستاذية كعضو هيئة تدريس بينما النظام نص على شروط اخرى، والتي كان يجب ادراجها ضمن النظام كأسس ومعايير مفاضلة، لا شروط تعيين او ترشح.
في ملف القبول الموحد، هنالك تجربة جديدة، تتمثل في السنة التحضيرية للطب، ورغم حالة السوداوية من قبل البعض تجاهها، لجهة انها قد تعزز برجوازية التعليم في المجال الطبي، بحيث تكون مقتصرة فقط للطلبة خريجي المدارس ذات المستوى الاعلى، والتي هي بالاصل ذات رسوم اعلى، والتي هي مدارس بالاغلب خاصة، لا يستطيع اي طالب الالتحاق بها، حتى لو كان غنيا.
ومن المخاوف ايضا، ان التجربة ستكون مقتصرة على الجامعة الاردنية والتكنولوجيا في تخصصي الطب وطب الاسنان، ما قد يؤثر على نسبة الالتحاق بهما، تخوفا من الطلبة من عدم اجتياز هذه السنة التحضيرية، التي هي الزامية للطلبة الاردنيين واختيارية للوافدين، إلا ان السؤال، هل تحقق كليتا الطب وطب الاسنان في هاتين الجامعتين معايير الاعتماد والطاقة الاستيعابية، ام لا؟ وكم حجم الزيادة على الطاقة؟.
ما يعني ان هذا التخوف، قد ينظر اليه من زاوية ايجابية وهو تمكين الجامعة من تحقيق معايير الاعتماد وتحقيق الطاقة الاستيعابية، بما يخدم تجويد العملية التعليمية ويعزز التنافسية العالمية والدولية في التنصيفات.
كما أن هذه السنة التحضيرية من زاوية اخرى، قد تعطي الطلبة فرصة أخرى للالتحاق بالجامعة الاردنية او التكنولوجيا، من حيث ان الحد الادنى للقبول في السنة التحضيرية سيكون اقل لو كان القبول مباشر في تخصص الطب وطب الاسنان، ما يعني ان "الكرة ستكون في ملعب الطالب"، في وقت ان تحديد اعداد المقبولين باتت من مهام مجالس الامناء، وليس التعليم العالي، وعليه فإن ما سيطلبة مجلس الامناء من اعداد سيتم قبولها.
ومن ملف القبول، وهنا يجب ان نميز بين نوعين الاول، يتعلق بالطلبة الاردنيين، إذ سيكون هنالك اسس خاصة تضعها مجالس الامناء، واخرى عامة يضعها مجلس التعليم العالي، وبحسب تصريحات سابقة لرئيس مجلس التعليم العالي، الذي تتبع آلية وحدة تنسيق القبول الموحد، فإن القائمة الموحدة لن يتغير عليها شييء جوهري.
اما النوع الثاني، استقطاب الطلبة العرب والاجانب، وهو تحد، وضعته الوزارة امامها، وفق خطة استقطاب وتسويق وترويج للجامعات الاردنية لرفع عدد الطلبة الى (70) الف طالب مع حلول 2020، اي زيادة الطلبة بواقع (30)الف طالب خلال هذه الفترة.
ما يجري في التعليم العالي"حرك الماء الراكد" وجعله يسيل ويسير باتجاه تحقيق نتائج تخدم القطاع وتعيد له ألقه وتعيده الى دوريات المنافسة العربية والاجنبية، وهذه خطوة ايجابية، حتى لو وقع او حدث اي خلل، فإن عملية التصويب اسهل وافضل من الابقاء كما هو عليه كجمهور متفرج لمجريات التنافس العميق على مستوى المنطقة والعالم.