اصدار جديد للدكتور غسان عبد الخالق في جامعة فيلادلفيا بعنوان الغابة والاشجار
صدر عن دار فضاءات الأردنية للنشر والتوزيع، كتاب (الغابة والأشجار) للقاص والناقد والأكاديمي الأردني الدكتور غسان عبد الخالق. ويقع الكتاب في 425 صفحة من القطع الكبير توزعت على مقدّمة بعنوان (لماذا يحزن النقاد كثيرًا) وأربعة فصول وخاتمة بعنوان: (ضد مدرسة الشوكة الفضية). ومما جاء في المقدّمة: (أود أن أؤكّد –أولاً- أنني لا أشكو باسمي فقط، بل أشكو باسم عدد من النقاد. كما أود أن أوضّح – ثانيًا- المقصود بظلم القراءة؛ فالقراءة نوعان: قراءة احتفالية وقراءة غائبة. أما فيما يتعلّق بالنوع الأول، فعليّ الاعتراف بأنني حظيت بقدر وافر منها إلى الحد الذي يمكنني القول معه بأنني محظوظ، وهي قراءة تبدأ بالإعلان عن صدور هذا الكتاب أو ذاك، والتنويه ببعض إنجازات الناقد، مرورًا باقتباس بعض ما جاء في كلمة الغلاف وتعداد الموضوعات الواردة في الكتاب اعتمادًا على ثبت المحتويات، وانتهاء بإعادة إنتاج مقدمة الكتاب عبر لغة ثانية وتحت عناوين برّاقة، إلى الحد الذي قد تبدو معه مثل هذه القراءة ضربًا من إنشاء نص على نص، وإلى الحد الذي (يشطح) معه بعض منتجي هذه القراءات، فيسمحون لأنفسهم بإبداء ملاحظات وتعليقات تدلّ دلالة قاطعة، على أنهم لم يجشّموا أنفسهم عناء قراءة متن الكتاب. أما النوع الثاني من القراءة - وهو ضرب عزيز ونادر إلى الحد الذي يسمح بتسميته (القراءة الغائبة)- فهو ذلك الاشتباك الحقيقي والحفر المعرفي المسؤول مع النص النقدي، بعيدًا عن التنويه والإطراء والاستعراض الأفقي. وإن كان لنا أن نعفي منتجي النوع الأول من الاضطلاع بمسؤولية ممارسة هذا النوع (الثاني) من القراءة - لأنهم يفتقرن إلى الأدوات والأجهزة المفاهيمية اللازمة- فإننا لن نعفي النقاد الحقيقيين أنفسهم من المسؤولية، إذ علينا أن نعترف بأن الناقد العربي - في الغالب- ما زال يتعبّد في مرآة ذاته النقدية، ونادرًا ما تعتريه الرغبة في النظر إلى ذاته النقدية في مرآة الآخرين، ما يفسّر حالة الموات في الجدل النقدي الحديث).
أفرد الدكتور غسان عبد الخالق الفصل الأول (السّلّم المكسور؛ مقاربات نقدية في الشعر) لتشخيص ملامح بارزة في الخطاب الشعري العربي قديمًا وحديثًا، وعاين في الفصل الثاني (يحكى أن؛ مقاربات نقدية في السرد) وجوهًا رئيسة في الخطاب القصصي والروائي العربي القديم والحديث. وأما في الفصل الثالث (المسطرة المفقودة؛ مقاربات نقدية في النقد) فقد خصصه لمساءَلة مفاصل ساخنة في أزمة النقد العربي. كما عالج في الفصل الرابع (حدائق الدهشة؛ مقاربات نقدية في الفن) عددًا من الأعمال والموضوعات السينمائية والمسرحية.
وفيما اختار المؤلف أن يهدي كتابه الأحدث (إلى القارئ الضمني واليومي الذي لم يخذل كاتبه يومًا) فقد اختار الناشر أن يوشِّح الغلاف الخلفي للكتاب بهذا المقتطف من الكتاب: (القرّاء المحترفون فقط، يمكنهم أن يدركوا مبدأ (التحسين والتقبيح) الذي يمثل التكتيك الرئيس للكتابة، التكتيك الذي يربض في حديقة المبالغة كي يثمر مفارقات وعلامات استفهام وتعجّب. فالكاتب عليه أن يتمركز أولاً في زاوية ما، وأن يُكْسِب هذا التمركز شرعيته المطلوبة، عبر المئات من التفاصيل الصغيرة التي يمكن أن تتكفَّل بزيادة قابلية القارئ، لتقبّل إمكانية الحدوث التي يصعب تصورها بعيداً عن الانحياز! نعم الانحياز؛ فالكاتب المحايد خرافة تنتمي إلى قرون لم تبدأ بعد، والقارئ المحايد خرافة تنتمي إلى قرون لم تبدأ بعد أيضاً. لا بد في الكتابة من ظالم ومظلوم ومن قوي وضعيف ومن غليظ ورقيق، وإلا تحوّلت الكتابة إلى تحصيل حاصل وضرب من لزوم ما لايلزم. تصوّروا مدى البرود الذي سنشعر به إذا قرأنا سيرة ذاتية تعجّ بالتوفيق والإنجازات، ومدى الإحباط الذي سنشعر به إذا قرأنا سيرة ذاتية تعجّ بالفشل والخسارات. إننا نحب التأرجح بين اليأس والرجاء، كما نحب الكاتب الذي يملك القدرة على أن يؤرجحنا جيئة وذهاباً بين هذين القطبين).
وقد ختم المؤلّف كتابه قائلاً: (شهد الربع الثاني من القرن التاسع عشر (1825-1850) ولادة اتجاه أدبي في إنجلترا، دعي باسم مدرسة الشوكة الفضية (The Silver – Fork School)، وتميّز هذا الاتجاه بالتأنق والحذلقة والتكلّف.. فأين هو الآن؟! صحيح أن الإفراط في طلب الحقيقة، يدفع الكاتب، أحيانًا، إلى استكشاف ذلك التدرّج الكبير ما بين الأبيض والأسود، إيمانًا منه بأن الأجدر به، هو القبض على ما يثوي في الرّمادي من أسرار قد تفوق في وضوحها، الأبيض الناصع والأسود القاتم... إلا أن ثمة لحظات لا بد فيها للكاتب من التوقّف عن ترف الاستغراق في البحث عما هو ثاو بين اللّونين، والالتفات إلى ضرورة الجزم بنصاعة الأبيض وقتامة الأسود، تاركًا للتاريخ تقرير درجة نصاعة هذا وخلوّه من السّواد، وقتامة ذاك وخلوّه من البياض).
ويذكر أن الدكتور غسان عبد الخالق قد أصدر حتى الآن نحو عشرين كتابًا في السرد والنقد والفكر العربي، وهو يعمل عميدًا لكلية الآداب والفنون في جامعة فيلادلفيا الأردنية، كما يتمتع بعضوية اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ورابطة الكتاب الأردنيين وجمعية النقاد الأردنيين والجمعية الفلسفية الأردنية.