هكذا يؤثر الركود الاقتصادي على حياة الناس المعيشية!
ينعكس الركود الاقتصادي العالمي على مختلف الاقتصادات وكذلك على حياة الناس بأشكال عدة تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستويات النشاط الاقتصادي، وتدني مستويات الدخل والثروة، إلى جانب عدم اليقين المتعلق بالوظائف وبالدخل في المستقبل.
وتتوقع أغلب المؤسسات الاقتصادية والبنوك العالمية ومعظم الاقتصاديين انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود في عام 2023، رغم أن هناك من يراه بعيداً، اعتماداً على أن ميزانيات الأفراد لا تزال قوية وأن سوق العمل لاتزال أكثر سخونة حيث أضافت وظائف أكثر مما كان متوقعاً خلال الثمانية أشهر الماضية في الاقتصادات الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية".
وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق بشكل محدد على تعريف الركود إلا أن المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية في الولايات المتحدة يعرفه على أنه "الانخفاض الكبير في مستويات النشاط الاقتصادي، والذي يستمر لأكثر من بضعة أشهر، والمتمثل في انخفاض مستويات الإنتاج والتوظف والدخل الحقيقي وغيرها من المؤشرات "، وغالبا ما يبدأ الركود عندما يصل الاقتصاد إلى قمة النشاط، وينتهي عندما يصل الاقتصاد الى أدنى مستوياته.
وعلى الجانب الآخر يراه البنك الدولي متمثلاً في "انكماش اقتصادات العديد من الدول الكبرى في ذات الوقت، بالإضافة الى مؤشرات أخرى تدل على ضعف النمو الاقتصادي العالمي، تتمثل في الانخفاض المطول في الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدل البطالة مع انخفاض الطلب الكلي على السلع والخدمات".
ركود يقترب من الكساد
ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور نضال الشعار أن "أغلب التوقعات حول عام 2023 تشير إلى أنه سيكون عام الركود الاقتصادي، على الأقل في الأشهر التسعة الأولى والتي من المرجح أن يكون فيها الركود عنيفاً ويقترب من الكساد، لنشهد مع نهاية عام 2023 وبداية عام 2024 تحسناً في معدلات النمو واستقراراً في الأدوات المالية الرئيسية كأسعار صرف العملات مقابل بعضها وأسعار الفائدة".
ارتفاع الذهب وانخفاض البترول واستقرار أسعار صرف العملات
ويشرح الدكتور الشعار تأثير الركود على الاقتصادات وتالياً على حياة الناس قائلاً: "إذا اتفقنا أن عنوان عام 2023 هو الركود الاقتصادي، فإن الذهب سيكون المرشح الأول لارتفاع أسعاره، لأن أغلب الناس تعتبر ملاذاً آمناً ما يرجح ارتفاع سعر الأونصة إلى بين 2400 دولار، كما أنه من الطبيعي أن تنخفض أسعار البترول بسبب انخفاض الطلب وتدني معدلات التشغيل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أسعار البترول ستكون مقاومة في حالة التوترات الجيوسياسية، أما أسعار صرف العملات فستكون مستقرة، وسوف يحافظ الدولار على سعر صرفه مقابل العملات الأخرى نتيجة وجود حالة شبه تعادل في أسعار الفائدة في جميع دول العالم".
ارتفاع معدلات البطالة
إن تأثير الركود بشكل عام على أي اقتصاد يتلخص بمحورين الأول الإنتاجية ودرجة النمو والثاني مستوى العمالة والتوظيف وإذا تم إسقاط هذين المحورين على الأفراد فإن التأثير الأول سيكون في ارتفاع معدلات البطالة، وفقاً للدكتور الشعار، الذي أوضح أن الناس في هذه الحالة سوف تخسر أعمالها أو على الأقل ستتقلص أعمالها، كما أنه في الوقت ذاته لن تكون هناك زيادة في الأجور هذا إن لم يحدث تخفيض في المعدل الوسطي للأجور ما يعني أن وجود البطالة في المجتمع يؤثر على الطلب الكلي وعلى مستوى معيشة الأفراد بطبيعة الحال.
تدني الإنتاجية
ويتابع الخبير الاقتصادي الدكتور الشعار: "وإذا ذهبنا إلى الإنتاجية، فإن الإنتاج في حالة الركود ينخفض وهذا بدوره سيؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي ما يترك تأثيره على الاقتصاد بشكل عام في دورة ثانية بما يخص البطالة والأجور، وبالمحصلة فإن انخفاض معدل الإنتاج يؤدي إلى تدهور أسعار صرف العملات ما ينعكس على المستوى العام أسعار السلع والخدمات وعلى مستوى معيشة الفرد بشكل مباشر".
ويخلص الدكتور الشعار إلى أن النتيجة النهائية للركود الاقتصادي هي انخفاض في مستوى المعيشة والعمالة والإنتاج.
انخفاض مستويات الدخل
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الشناوي: "لا شك أن الركود الاقتصادي ينعكس على حياة الناس بأشكال مختلفة أو بعدة طرق ويؤثر أيضاً على الاقتصادات المختلفة وذلك من خلال ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستويات النشاط الاقتصادي ومستويات الدخل والثروة، وعدم اليقين المتعلق بالوظائف، وعدم اليقين المتعلق بالدخل في المستقبل، ويتفق معظم الاقتصاديين على أن الركود الاقتصادي قادم، رغم أن هناك من يراه بعيداً، اعتمادا على أن ميزانيات الافراد لا تزال قوية وأن سوق العمل لاتزال أكثر سخونة حيث أضافت وظائف أكثر مما كان متوقعاً خلال الثمانية أشهر الماضية في الاقتصادات الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية".
الركود في الاقتصادات الكبرى
وفي حديثه حول انعكاس الركود على الاقتصادات المختلفة في 2023 رجح الدكتور الشناوي ارتفاع معدلات البطالة من 3.5 بالمئة إلى ما بين 4 و5 بالمئة في عام 2023 في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال، منوها بأن ذلك يعتمد على مدى قبول بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل تضخم أعلى في الأجل المتوسط أو أعلى إذا كان ملتزماً بحق تخفيض معدل التضخم إلى 2 بالمئة، كما توقع انخفاض الطلب الأميركي على المنتجات الصينية ودول آسيوية، فضلاً عن أن ارتفاع سعر الفائدة سيجعل تكلفة الاقتراض مرتفعة ما يدفع الشركات الأميركية إلى عدم التوسع في استثماراتها.
ويضيف الدكتور الشناوي: "أما بالنسبة للاقتصاد الأوروبي فمن المتوقع تضرره بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة ما ينعكس على تناقص معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبالنسبة للاقتصاد الصيني فقد ينخفض معدل نموه كما نه قد يكون في وضع أسوأ، وخصوصاً مع انهيار قطاع العقارات، وارتفاع حالات كورونا بسبب قرار الحكومة الصينية إعادة فتح الاقتصاد دون توفير دفعة تطعيم إضافية كافية".
تأثر السلوكيات الصحية للأفراد
وتحدث الخبير الاقتصادي الدكتور الشناوي حول انعكاس الركود على الأفراد وفق ستة محاور هي، نقص معدلات الإنفاق من قبل الأسر نظراً لارتفاع تكلفة الاقتراض، وحدوث تباطؤ في التدفقات النقدية لبعض الشركات نتيجة ضعف الإنفاق الاستهلاكي ما يؤدي إلى عدم توافر الأموال للقيام بالاستثمارات، ولجوء البنوك التجارية إلى الحد من مد آجال الائتمان أو رفضه كلية ما يساهم في الحد من الإنفاق الاستهلاكي للأفراد، بالإضافة إلى تراجع معدلات الادخار نظراً إلى لجوء الأفراد للسحب من المدخرات، وكذلك لجوء الأسر ذات الدخل المرتفع إلى الاحتفاظ بقدر كبير من المدخرات، لأنها قد تصبح أكثر قلقا بشأن استقرار وظائفها.
كما تتأثر السلوكيات الصحية للأفراد ومعدلات الوفيات بفترة الركود الاقتصادي، حيث تشير بعض الدراسات إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة في الفترات التي تلي الركود الاقتصادي، وتزداد معدلات الوفيات لمن فقدوا وظائفهم بعد الركود، وفقاً للدكتور الشناوي.
سكاي نيوز عربية