هدر الأدوية "منتهية الصلاحية" تقدر بـ 12 مليون دينار سنويا
كشفت الأمين العام لوزارة الصحة للشؤون الفنية والإدارية الدكتورة إلهام خريسات عن الانتهاء من إعداد مسودة استراتيجية جديدة للوزارة للثلاث سنوات القادمة تواكب المستجدات الجديدة والقضايا الملموسة على أرض الواقع.
وأضافت خلال ندوة طبية عقدتها أمس جماعة عمان لحوارات المستقبل بعنوان "الهدر في القطاع الصحي"، ان الوزارة انتهت من إعداد المسودة الجديدة لثلاث سنوات قادمة، بحيث تكون مرنة وقادرة على مواكبة اي مستجدات جديدة، كما انها ستكون خاضعة للتقييم والتعديل والتطبيق.
وأشارت ان الاستراتيجية جاءت بناء على قضايا لمست من واقع الحال، اخذين بعين الاعتبار رؤية التحديث الاقتصادي، وخارطة الطريق لإصلاح الطريق العام، وخطة تنفيذ وتطوير القطاع الصحي، ورؤية الأردن 2022، وتقرير حالة البلاد.
وقالت ان "القطاع الصحي يواجه تحديات كبيرة، وهناك حاجة لبعض الوقت لإحداث علامة فارقة في إحداث تطور كبير عليه، إلا انه في الوقت ذاته لم تقف الوزارة مكتوفة الأيدي في مواجهة التحديات، فبعد اللجوء السوري وجائحة كورونا أثبت القطاع الصحي انه متين وقادر على مواجهة الصعوبات".
وفيما يخص الهدر في التأمين الصحي، أكدت على ان الوزارة تطمح لتوحيد صناديق التأمين الصحي في صندوق واحد وتوحيد المنافع، من اجل تحقيق العدالة ومنها الهدر الحاصل، لكن هذا يحتاج لفترة ليست قريبة، حيث يجب وضع بنية تحتية متكاملة سواء من حيث الحوكمة والتشريعات والإدارة ونوعية الخدمات والتمويل صحي، ومن خلال البنية القوية يمكن الوصول لتوحيد هذه الصناديق في صندوق واحد.
وشددت ان النظام الصحي القوي والمتين هو مطلب الجميع، لتلبية احتياجات فئة المرضى، وبالتالي فإن الوزارة لم تتوقف يوما عن الاستمرار في توسعة مظلة التأمين الصحي، وإعداد جميع الاجراءات التصحيحية لإيجاد حلول لكثير من المعيقات امام البرنامج "التمويل الصحي"، فتم اجراء بعض التعديلات المهمة على نظام التأمين الصحي، والتي أضافت لشريحة التأمين الصحي بمقدار 1 الى 1,5% من نسبة التغطية.
أما بالنسبة للهدر في الكوادر الصحية، بينت ان الوزارة قامت بإعداد هيكلة شاملة، من أجل العناية بالكوادر البشرية، فقد تم استحداث مديريتين للكوادر، احدها مديرية تنمية القوى البشرية التي تعنى بالكوادر غير الطبية، ومديرية التعليم والتدريب الطبي المستمر، وتم زيادة اعداد المقبولين ببرامج الإقامة، ووصل اعداد المبعوثين الى 150 بعد ان كانوا 40، بالإضافة لإنشاء مراكز للتدريب القلبي والرئوي، كما تم تحسين الوضع المالي لكوادر الوزارة من حوافز وعلاوات فنية، مع الاستمرار في ذلك مستقبلا.
من جهته بين مقرر الفريق الصحي بجماعة عمان لحوارات المستقبل الدكتور محمد رسول الطراونة، من خلال دراسة أعدتها الجماعة، ان هناك نقصا بالمصادر وغياب المعلومات الدقيقة حول هدر الأدوية والمستلزمات الطبية، لافتا الى ان معدلات الهدر في الأردن يقدر بحوالي 20-25%، ونسبة الهدر الكلي للأدوية تفوق (250) مليون دينار سنويا، أما المستلزمات الطبية فإن الرقم أقل بكثير.
وأشار الى ان فاتورة هدر الأدوية على مستوى وزارة الصحة تتوزع على عدة مراحل، منها داخل المستشفيات التي يغيب فيها أشكال الرقابة الجادة على الأدوية، فيتم تكديس الأدوية بغض النظر عن استهلاكها، ناهيك عن مرحلة تخزين الأدوية في المستودعات حيث تتعرض للتلف مرات متكررة، ومرحلة مناولة الأدوية للصيدليات المركزية في مستشفيات ومديريات الصحة التي تفتقر لدراسات الحاجة الفعلية للأدوية والمستلزمات.
واعتبر ان المواطن لا يزال يعتبر الحصول على الدواء هو المكسب الرئيسي من مراجعته للأطباء أو المستشفيات، لذلك يمارس طرائق مبتكرة في تكديس الأدوية وهدرها من خلال صرفها لأكثر من مرة، إذ تقدر حصة هدر الأدوية المتلفة (منتهية الصلاحية) من جل الفاتورة الدوائية لوزارة الصحة وحدها بحدود (12) مليون دينار.
وعزا أسباب الهدر في القطاع الصحي الى عدة أسباب منها، ضعف الكوادر الإدارية مما يؤدي لاستنزاف الموارد، وغياب اللامركزية في بعض الأمور التي تتطلب سرعة في القرار، وعدم وجود نظام حوسبة شامل ودقيق، والهدر في موضوع شراء الخدمات، وفقدان أنظمة الجودة، حيث ان وثائق الجودة لدى العديد من المؤسسات الطبية في نعظمها غير مطابق للواقع، كذلك عدم تفعيل نظام المساءلة الطبية بشكل صحيح، وغيرها.
وأوصت الدراسة وفق الطراونة، بتوحيد جميع أشكال التأمين الصحي وخاصة بالقطاع العام (المدني والعسكري والمستشفيات الجامعية)، واتباع سياسات دوائية تقلص حجم الإنفاق غير الرشيد على الدواء، وبناء قاعدة بيانات وطنية للتأمين الصحي، واستخدام البطاقة الذكية، والاستخدام الأمثل للشراء الاستراتيجي للخدمات الصحية، ووضع مؤشرات وطنية لقياس الهدر في الكوادر الصحية، وإلزام الصيادلة بعدم صرف الأدوية دون وصفة طبية.
كما أوصت بدمج المراكز الصحية الأولية غير المفعلة، وشراء الدواء من قبل المستودعات الرئيسية بواسطة أشخاص مؤهلين، وإخضاع عملية مناولة الأدوية للأتمتة الكاملة، إضافة لتوفير الكوادر اللازمة والمتخصصة في أقسام الطوارئ والمراكز الشاملة، وإيجاد حوافز مادية للكوادر الطبية، والتوجه لفتح مراكز طبية متخصصة في الأقاليم الثلاثة الشمال والوسط والجنوب، في مجالات طبية معينة مثل القلب والأورام والعيون.