هوا الأردن تنشر رسالة الدكتور اخليف الطراونة المرفوعة الى مقام جلالة الملك حول تطوير واصلاح التربية والتعليم
هوا الأردن - رفع الاستاذ الدكتور خليف الطراونة رئيس الجامعة الاردنية رسالتين حول رؤيتين متخصصتين في مجال التطوير التربوي العام من جانب والتعليم العالي وواقع الجامعات من جانب اخر حيث اعدهما بجهد شخصي وقام الدكتور الطراونة برفع الرسالتين الى مقام جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله املا بالاخذ بها لما تحتويه من معلومات قيمة عن الواقع الحالي الذي يعانيه قطاعي التربية والتعليم والتعليم العالي .
هوا الأردن تنفرد بنشر نص الرسالة الاولى المخصصة لتطوير القطاع التربوي العام ومدارس التربية والتعليم كما سنقوم بنشر الرسالة الثانية خلال الاسبوع الحالي ليتسنى لكافة الاخوة القراء الاطلاع على هاتين الرؤيتين والرسالتين عسى ان نقدم من انجاز جديد في سجل انجازاتهنا الوطنية وان نعلو ونرتقي بفكر وثقافة اجيالنا القادمة .
نص الرسالة :
تعد عملية التربية والتعليم مطلباً أساسياً لغايات التطوير البشري في الأردن ولا تقتصر على ذلك فحسب بل هي الضمانة للإبقاء على قدرة الأردن الاقتصادية وإنتاجيته، وإذ ينظر للمتعلمين الأردنيين بأنهم مشاعل المستقبل وبناته، فالهدف من عملية التربية والتعليم عموماً هو إعداد الأفراد ليتعلموا كيف يكونون متعلمين عبر المحطات المختلفة لحياتهم، فالتربية تصبح أكثر فاعلية إذا كان غرضُها التأكد من أن الطلبة عند تخرجهم من المدرسة أصبحوا يعرفون ما الذي عليهم فعله والقيام به، وليس فقط مقدار ما تعلموه، بل كم هم تواقون للتعلم مدى الحياة. إن التطوير التربوي أمرٌ حتميٌ وإجباريٌ لكل دولة من الدول إذا ما أرادت أن يكون لها دور واضح ومؤثر في صوغ مستقبلها ومستقبل العالم، وخاصة في ظل العولمة والتغير السريع في المعلومات والمعرفة وسبل الوصول إليها وتوظيفها، ويجب أن يكون الغرض من التطوير التربوي مرتكزاً بقوة على توفير وتطوير البيئة التربوية والتعليمية التي تحقق الغرض السابق للعملية التعليمية والتربوية بمدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها، وذلك بتوفير بيئة إيجابية يتلقى فيها الممارسون لها كل التقدير والدعم الكافي من قبل القائمين على ميداني "التربية والتعليم" و "التعليم العالي"، ومتخذي القرارات فيها وراسمي السياسات لها، كما يجب أن تكون عملية التطوير والتحديث التربوي مبنيةً على حقائق ومؤشرات وبيانات دقيقة وصادقة وثابتة، حتى تكون فاعلة في إحداث تغييرات ملموسة وحقيقية على الواقع التربوي في الأردن، بشكل يقود إلى الوصول إلى الجودة المنشودة للنظام التربوي الأردني وبرامجه.
وعلى الرغم مما يحظى به النظام التربوي الأردني وبرامجه ومؤسساته من الاحترام والتقدير على كل من الصعيد العربي والإقليمي والعالمي، وما تحقق له من تطور وتحديث مستمرين عبر الخطط التطويرية واستراتيجياتها، والمشاريع التي نفذتها الحكومات المتعاقبة في الأردن والتي كانت بتوجيه صاحبي الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم والملكة رانيا العبد الله المعظمة، ممثلة بمبادرة التطوير التربوي نحو الاقتصاد المعرفي (Education Reform for Knowledge Economy (ERFKEI)) التي انطلقت عام 2003 بدعم من البنك الدولي، وانتهت عام 2009، والتي ساهمت في توفير التدريب المكثف للمعلمين وتطوير المناهج المدرسية وإعداد أدلة المعلمين الخاصة بها، وتوفير مصادر التعلم وأدواته، وتطوير أدوات التقويم لمتابعة أداء الطلبة في المباحث والمواد الدراسية المختلفة ومبادرة (ERfKEII) التي حاولت التركيز بدرجة أكبر على المعلمين أنفسهم باعتبارهم أداة التغيير الرئيسية لميدان التربية والتعليم.
وباعتبار أن المبادرة الأولى ساهمت بخلق الوعي بطرائق التدريس والمناحي الحديثة له واستراتيجياته ولكنها لم تسهم بشكل ملموس في الاستخدام الفعلي لها في غرفة الصف، حيث بقي تقديم المواد التعلمية الجديدة التي طورت في إطار المبادرة الأولى يتم باستخدام المناحي القديمة مع بعض التحسينات الشكلية عليها ودون أن يكون هنالك تهيئةٌ للطلبة وذويهم لتوجهات المناهج الجديدة ومتطلبات تنفيذها، من هنا جاءت مبادرة "مدرستي" لصاحبة الجلالة الملكة رانيا العبد الله المعظمة بهدف رفع سوية البيئتين الصفية والمدرسية للمدارس النائية، وإنشاء "أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين" والتي تعد آخر دعامة للتطوير التربوي في الأردن أنيط بها مسؤولية تدريب المعلمين على كيفية تطبيق المناهج والكتب المدرسية الجديدة في غرف الصفوف في المدارس الأردنية، ولتسهيل التعلم القائم على الاستفسار والجماعه (Group enquiry- based learning) وتحسين صورة المعلم في المجتمع الأردني، وإنشاء مركز لتدريب المعلمين في وزارة التربية والتعليم لتأهيل المعلمين الجدد للانخراط في العمل بمدارسها بالتعاون مع الجامعات الأردنية.
وعلى الرغم من هذه الانجازات والتطويرات التي أدخلت على ميدان التربية والتعليم في السنوات المنصرمة؛ إلا أن هنالك مجموعة من التحديات التي يتوجب على راسمي سياسات التربية والتعليم ومتخذي القرارات الخاصة بها، أخذها بعين الاعتبار ومراعاتها إذا ما أردنا أن نحدث نقلة نوعية حقيقية في المؤسسة التربوية الأردنية، إذ جرى ترتيبها كما يلي:
أولاً: الإدارة والمناخ التنظيمي والإداري:
تتمثل التحديات التي تواجه الإطار التنظيمي والإداري للعملية التعليمية والتعلمية بما يلي:
1-غياب آلية منظمة ومؤسسية لرسم السياسات ووضع الخطط والاستراتيجيات الخاصة بها واستمراريتها وربما هذا نابع من عدم الاستمرارية في القيادات التربوية واختلاف توجهاتها الأمر الذي ترتب عليه التخبط في تنفيذ الخطط التربوية واستراتيجياتها وإهدار الموارد البشرية والمادية المخصصة لها، مما انعكس سلباً على جودة تنفيذ هذه الخطط والنتاجات التي تمخضت عنها.
2-غياب آليات دقيقة وواضحة لتقييم الفاعلية والتأثير للقرارت المنبثقة عن الأطر التنظيمية المشرفة على العملية التعليمية والتعلمية، مما يترتب عليه الفشل في مساءلتها وتحميلها المسؤولية عن عدم الوصول إلى النجاح المأمول من خطط التطوير التربوي واستغلال الموارد المرصودة لها.
3-غياب المعايير الموضوعية والمعيارية الدقيقة لاختيار القيادات التربوية العليا والوسطى المشرفة على ميدان التربية والتعليم، مما ترتب عليه تولي المسؤولية من قبل بعض القيادات غير المتخصصة، والتي لا تملك المعرفة والخبرة الكافية لإدارة التطوير والتحديث في العملية التعليمية والتعلمية في المؤسسات التربوية الأردنية.
ثانياً: الإعداد الأكاديمي والمهني للمعلم وممارساته:
يشكل المعلم المحور الرئيس للتطوير والتحديث في أي نظام تربوي، والذي يتم الاستثمار فيه والتطوير له في جميع الدول المتقدمة، فهنالك حرص من قبلها على أن يكون من يتولى مسؤولية تنفيذ عملية التربية والتعليم فيها هو الأفضل من بين الطاقات البشرية المتاحة لها، وأن توفر له كل أشكال الدعم اللازم لإنجاح مهمته في إعداد جيل الطلبة الملتحقين في مؤسساتها التربوية، وتعمل على تعزيز دافعيته الداخلية للعمل في الميدان التربوي، وعلى الرغم من الانجازات التي تم تحقيقها عبر خطط التطوير التربوي والمبادرات التي اتخذت في الأردن، ودورها البارز في النهوض بالسوية الأكاديمية والمهنية للمعلم، وتنمية الدافعية لديه للأداء المهني المتميز، وعلى رأسها مبادرة صاحبة الجلالة الملكة رانيا المعظمة " جائزة المعلم المتميز " إلا أنه لا زال هنالك عدد من التحديات التي تواجه عملية التطوير التربوي في الأردن والمتمثلة فيما يلي:
1. غياب الآليات الملائمة لاستقطاب الأفضل من الطاقات البشرية الأردنية الملائمة للعمل بميدان التربية والتعليم ، مما يتطلب تحسين الصورة الاجتماعية لمهنة التعليم والمردود المادي لها .
2. الحاجة إلى إعادة النظر في برامج الإعداد ما قبل الخدمة وبرامج التدريب خلال الخدمة، وذلك يجعلها أكثر فاعلية في تطوير منظومة المهارات والكفايات والمعارف اللازمة للمعلم للعب الأدوار المهنية المناطة به، إذ تركز برامج الإعداد الأكاديمي والتدريبي للمعلم القائمة حالياً على الجانب النظري المجرد أكثر من الجانب العملي التطبيقي المهاري مما يقود المعلم في ظل ذلك الاعتماد على النمط أو الأسلوب التعليمي السابق الذي تعلم وفقه ، فهنالك حـــاجة إلى أن تركز برامـــــج الإعداد على مهـــارات العمل الجماعي (Team Work) والتعلم مع الأقران (Peer Learning) ومهارات حل المشكلة، ومهارات إدارة التغيير ، ومهارات الاتصال والتفاعل ومهارات فنون العقل .
3. الحاجة لتوفير خطط وبرامج للنمو المهني المستمر للمعلمين عبر سنوات الخدمة لهم وعدم اقتصارها على الدورات والورش التأهيلية التي تعقد لهم لمساعدتهم على الالتحاق بالكوادر التعليمية في المدارس عند تعيينهم أو تلك التي تعقد لهم بين الحين والآخر ، وذلك للعمل على خلق الدافعية الداخلية لديهم للتعلم مدى الحياة ، وليس بسبب المردود المادي المترتب على التدريب والتعلم أو خوفاً من النواتج السلبية المترتبة على عدم التحاقهم بها.
4. الحاجة إلى إعادة النظر في نظام تقييم أداء المعلم وترقيته وتقدمه الوظيفي ، فنظام الرتب القائم لا يشجع على النمو المهني للمعلم وحثه على الأداء المهني والأكاديمي المتميز، وفي هذا المجال يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تربط الترقية والتطور المهني والرتب للمعلم بحضوره لعدد من الساعات المعمدة في مراكز التدريب المتاحة وبرامج الجامعات الأردنية ذات الصلة بتخصصه كشرط للترقية والتطور الوظيفي له وكمحاولة لحثه على التطور والتعمق في المبحث الخاص بتخصصه وتطوير مهاراته وأساليبه التدريسية .
5. الحاجة إلى التنسيق والتكامل بين الجهات المناط بها مسؤولية إعداد المعلمين من جهة، وبين وزارة التربية والتعليم من جهة أخرى ، بحيث يتم التوصل إلى منظومة من الإعداد تنسجم مع متطلبات وتطلعات وزارة التربية والتعليم وحاجاتها الفعلية، وحاجات ومتطلبات التطوير التربوي ونتاجات التعلم المتوقع تحقيقها، كما أن هنالك حاجة إلى وضع خطة للتنسيق والتكامل ما بين الجهات المناط بها مسؤولية التطوير المهني للمعلم خلال الخدمة، وفي هذا الإطار أيضاً يمكن توظيف التعلم عن بعد (Distant Learning) والتعلم من الأقران (Peer Learning) كبدائل عن وسائل التدريب والتعليم التقليدي وما يتطلبه من تكاليف مادية وبشرية، قد يتعذر في الوقت الحالي توفيرها بسبب الوضع الاقتصادي والعالمي .
6. الحاجة إلى تجذير مفهوم المساءلة للمعلمين ودورهم في متابعتهم تعلم الطلبة وتحصيلهم (Monitoring Students Learning Achievement) للوقوف على مستوى الجودة المتوفرة بها ووضع الخطط لمعالجتها في حالة تدنيها ، أو تعزيزها والإبقاء عليها في حالة توفرها بدرجة عالية ، وفي هذا السياق يمكن لكليات العلوم التربوية بما يتوفر بها من كفاءات أكاديمية أن تسهم بذلك ، بحيــــث نتحدث عـــن دكتور لكل مديرية تربية في الأردن، وكذلك يمكن لكليات العلوم التربوية بالتعاون مع الوزارة أن تطور أدوات قياس معيارية لتقييم أداء المعلم وممارساته، لمساءلته والوقوف على الحاجات التطويرية والتدريبية له، وذلك وفقاً للمعايير العالمية للحكم على أداء المعلم.
7. الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لإعادة صياغة وتعديل اتجاهات واهتمامات العاملين في التربية والتعليم ليصبحوا أكثر ولاء وانتماء لعملهم وتقدمه وخاصة المعلمين، حتى يكونوا قادرين على بث الدافعية والروح في عقول الطلبة للتعلم.
8. الحاجة إلى إعادة النظر في الأعمال الكتابية والواجبات البيتية الروتينية المناطة بالمعلم ومدير المدرسة، والتي لا تقدم أي شيء لخلق بيئة صفية مبدعة حافزة على الإبداع، فالعملية التربوية أكثر من مجرد منهاج واختبارات، بل هي عملية خلق تقود إلى انفتاح العقل للتعلم، وهي عملية تجعل المعلم يسيطر على روح الطالب وعقله ويخلق منه متعلماً مدى الحياة، وقادراً على تحقيق طموحات الأردن، مما يحول دون خسرانها على الإطلاق، وهذا لا يأتي من خلال إثارة الدافعية الخارجية لدى الطلبة عبر إظهار أهمية التعلم وحفظ المعلومات بل من خلال بناء وإيجاد الاهتمامات والتوجهات الداخلية لديهم لحب التعلم وتذويته لديهم.
ثالثاً: المناهج والكتب المدرسية:
تتمثل التحديات الواجب التصدي لها في إطار المناهج والكتب المدرسية والاقتراحات الخاصة بمواجهتها فيما يلي:
1. الحاجة إلى إعادة النظر في محتوى المنهاج المعتمد في المدارس الأردنية، لتصبح قائمة على تنمية وتطوير منظومة من الكفايات ونتاجات التعلم اللازمة لانخراط الطلبة في مجتمعاتهم، ليصبحوا منتجين للمعرفة، لا مجرد مستهلكين لها، وتخليصها من الحشو الذي لا مبرر له وذلك لصالح مهارات التفكير والبحث والاستقصاء والتواصل ومهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ تلك المنظومة من المهارات اللازمة للانخراط في عصر الاقتصاد المعرفي والعولمة والانفتاح الثقافي.
2. الحاجة إلى أن تعزز المناهج الجديدة دور الأهل في الانخراط بتعلم أبنائهم وتحمل مسؤولياتهم تجاههم، بشكل يراعي الإمكانيات المادية المتاحة للأسرة الأردنية، وان تعمل على تزويد الأهل بالمصادر اللازمة لمساعدة أبنائهم على التعلم والانخراط في تعلم أبنائهم داخل المدرسة وفي البيت أو توجههم لها، وأن تكون هذه المناهج من النوع الذي ينمي حب البحث والاستقصاء والتساؤل والتجريب والحوار لدى الطلبة، ويعزز الانخراط في المجتمع المحلي ويعظم روح المسؤولية لديهم عن أنفسهم ووطنهم والانتماء إليه.
رابعاً: البيئة الصفية والمدرسية
تتمثل التحديات التي يجب أن توليها عملية التطوير التربوي والاقتراحات الخاصة بها بما يلي:
1. على الرغم من الجهود المتواصلة الذي بذلتها خطط التطوير التربوي واستراتيجياتها والمبادرات الخاصة بها من مثل (RfKE I & ERfKE II ) في ايصال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى المدرسة الأردنية ، ممثلة بتوفير أجهزة الحاسوب في المدارس وإيصال منظومة Eduwave لمؤسسات التعليم في الأردن وانتشار المناهج بصيغة الكترونية E-Content إلا أن نسبة الاستخدام والتوظيف لها لازالت محددة من قبل المعلمين والطلبة في البرنامج المدرسي اليومي لأغراض تحسين العملية التعلمية والتعلمية ( وهذا يعود إلى عدم تدريبهم عليها)، وكذلك لا يــوجد انتــــشار استخــــدام للصيــــغ الإلكترونية للمناهج في المدارس الأردنية خارج إطار المدارس الاستكشافية Discovery Schools والتي استخدمت كعينة تجريبية لهذا المناهج، كما أن هناك نسبة كبيرة من أولياء أمور الطلبة الذين لم يسمعوا بمنظومة Eduwave وكيفية استخدامها بشكل يعود بالفائدة على أبنائهم، وربما هذا نابع من عدم وجود تدريب كافٍ على كيفية استخدامها من قبل كل من الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، الأمر الذي يجعل المردود الاستثماري المادي والبشري للأردن في هذا السياق محدوداً ويبدو عديم الجدوى والأهمية.
2. الحاجة إلى أن تولي خطط التطوير التربوي المستقبلية تدريب الطلبة على مهارات التحدث والتساؤل والتفكير والبحث والاختبار والتقييم أهمية خاصة سواء في إطار المنهاج أم بشكل مستقل، لاسيما أن هذا الجانب طالما تم تجاهله في خطط واستراتيجيات التطوير التربوي السابقة، فما لم يمتلك الطلبة هذه المهارات لن تصبح غرف الصفوف مكاناً لطرح الأسئلة، ومكاناً للتحدي والتجريب والتعاون، ولن تصبح المدرسة مكاناً آمناً ومثيراً للتميز والانخراط في المجتمع وخدمته.
3. الحاجة إلى تطوير معايير لضمان جودة الممارسات الصفية والعمليات التي تتم فيها لتكون بمثابة المرجعية لإصدار أحكام على هذه الممارسات ومحاكمتها ومسائلة الصادرة عنهم، فما هو ممارس لا يعدو كونه عبارة عن إجراءات وقتية غرضها التجميل والتغلب الجزئي على المشكلات القائمة أو العمل على ترحيلها لمرحلة لاحقة مما يقود الى تعقيدها أكثر فأكثر.
4. على الرغم من أن مبادرة جلالة الملكة رانيا العبد الله المعظمة " مدرستي" ساهمت في تحسين البنية التحتية والصفية لبعض المدارس النائية، إلا أن الحاجة لا زالت قائمة لبذل المزيد من الجهود في هذا المجال لتوفير البيئة التعليمية التي يتطلبها تطبيق المناهج الجديدة واستخدام الاستراتيجيات والأساليب والطرائق التدريسية الخاصة بها، فلا زال هناك تآكل في المباني وتجهيزاتها، ولا زالت مشكلة المباني المستأجرة ودوام الفترتين وما يشكله كل منها من عوائق في النهوض بجودة الممارسات الصفية وتحسين جودة نتاجات التعلم قائما مما يجعل الإبقاء على متطلبات التطوير غير ممكنة، فالمعلمون وحدهم لا يستطيعون إحداث التغيير والتطوير في ظل هذا النمط من البيئة الصفية والمدرسية.
5. الحاجة إلى إيلاء قضية توفير الكوادر البشرية المؤهلة المساندة لدور المعلم اهتماماً خاصاً من قبل المرشدين التربويين والنفسيين واختصاصيي القياس والتقويم النفسي والتربية الخاصة، لما لذلك من أهمية خاصة حتى يسهموا في معالجة المشكلات التي تواجه كلاً من الطالب والمعلم خلال العملية التعليمية والتعلمية، ولتشخيص نواحي الضعف والقوة لديهم، وإعداد خطط التعليم الــــفردي للطلـــــبة
ذوي الاحتياجات الخاصة ( Individualized Learning Plans) وخاصة في المدارس الأساسية نظراً لان العمر الذي يمر به الطلبة في هذه المرحلة يعد عمراً حرجاً.
6. الحاجة إلى إعادة النظر في الترفيع التلقائي للطلبة وعدم تبريره بالخوف من تأثير الرسوب على تقدير الذات لدى الطالب، ومن التبعات المالية التي تترتب على ذلك على وزارة التربية والتعليم، إن هذه الأمور على الرغم من منطقيتها وأهميتها لا تعادل نعت الطالب بالمعاق أو المتخلف من قبل زملائه، وصعوبة معالجة الضعف المتراكم لديه لاحقاً، فالطالب يجب أن لا يرفع إلى الصف الأعلى قبل التأكد من إنجازه بفاعلية ما يتوقع أن ينجزه من نتاجات تعلم في الصف الذي هو فيه.
7. إعادة النظر في نظام التقييم لنتاجات التعلم وأدواته المستخدمة في إطار المدارس الأردنية، سواء تلك التي تقدم للطلبة للوقوف على ما تحقق لهم من الأهداف التعليمية التعلمية أم تلك التي تطبق للوقوف على مدى تحقق نتاجات التعلم لديهم في إطار الاختبارات التشخيصية، بحيث يتم بناؤها وفقاً لإجراءات النظرية الحديثة في القياس، وليس كما هو ممارس بناء على النظرية الكلاسيكية، ولإضفاء سمات الصدق والثبات والموضوعية والشمولية والمعيارية عليها، وأن تكون هنالك جهة حيادية هي التي تقوم بتقييم مدى نجاح إجراءات وزارة التربية والتعليم والممارسات الدراسية ضمن كل مستوى من مستويات الصفوف فيها، وفي هذا السياق هنالك حاجة إلى إعادة النظر في بنية وإجراءات امتحان الثانوية العامة والمشكلات المرافقة لعقده، إذ يبدو الامتحان بصورته الحالية لا يقوم بالوظائف التي صمم للقيام بها، والمتمثلة في الوقوف على ما تحقق للطالب من نتاجات تعلم بعد انتهاء مرحلة التعليم الثانوي، إذ يبدو أقرب لامتحان تحصيلي يشجع على الحفظ وينمي عادات تعلمية سيئة لدى الطلبة ( من مثل الاعتماد على الدروس الخصوصية والمراكز الثقافية التي أصبحت تعد بديلاً يقوض التعليم في المدرسة، والتي تركز على إعداد الطالب للإجابة عن الامتحان وليس لبناء معارفه ومهاراته) وكذلك هنالك حاجة ملحة لإعادة النظر في اعتماده كامتحان قبول في مؤسسات التعليم العالي، كونه الكثير من الدراسات التي أجريت عليه أشارت إلى ضعف قدرته التنبؤية بتحصيل الطالب في الجامعة، وكونه لا يقيس الكفايات والعمليات العقلية التي تتطلبها الدراسة في مؤسسات التعليم العالي والتي يمكن أن تشكل معياراً صادقاً ودقيقاً للقبول، ناهيك عن غياب المعيارية والعدالة في محتواه وإجراءات تطبيقية وعدم قابلية المقارنة للدرجات عليه والتي يحصل عليها الطالب من دورة لأخرى.
8. الحاجة إلى إعادة النظر في المسارات التربوية المتاحة ضمن إطار السلم التعليمي المطبق في النظام التعليمي الأردني، بحيث يتم إعطاء المسار المهني التقني اهتماماً خاصاً ليكون أحد الخيارات التي يمكن للطالب أن يسلكه منذ نهاية مرحلة التعليم الأساسي والوسطى ( بداية الصف السابع الأساسي) الأمر الذي يسهم في تصحيح الخلل القائم حالياً والمتمثل في تكدس الطلبة على المسار الأكاديمي، وما يترتب عليه من طلب متزايد على التعليم العالي الجامعي ( يشكل الطلبة الملتحقون بالتعليم الجامعي 4% من مجموع السكان وهو من أعلى النسب في العالم)، وما يفرضه ذلك من متطلبات ومسؤوليات على الحكومة ومتمثلة بتوفير مقاعد تتزايد باستمرار في الجامعات الأردنية وتوفير الدعم المالي للجامعات لاستقبال هذه الأعداد المتزايدة نظراً لارتفاع تكاليف إعدادها، إضافة إلى المساهمة في زيادة البطالة ومطالبة الحكومة بإيجاد فرص عمل لها.
يمكنكم التعليق عبر صفحتنا على الفيس بوك
http://www.facebook.com/hawajordan.net