هل سيدخل الذكاء الاصطناعي قاعات المحاكم ..؟؟
أكد مختصون في الشأن القانوني أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية مستقبلية، بل أصبح واقعًا عمليًا يدخل تدريجيًا إلى مختلف القطاعات، بما فيها قطاع العدالة، ما يفرض تحديات وتشريعات جديدة تضمن حسن استخدامه دون المساس بجوهر الحكم القضائي.
وقال المحامي أسامة موسى البيطار، إن النقاش القانوني العالمي لم يعد يتمحور حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيدخل قاعات المحاكم، بل حول كيفية تنظيم هذا الدخول وضبطه قانونيًا بما يحفظ العدالة ويعزز كفاءتها، مؤكدًا أن التقنية لا تهدف إلى استبدال القاضي، وإنما إلى دعم العملية القضائية وتحسين أدواتها.
وأشار البيطار إلى أن أنظمة قضائية متقدمة بدأت بالفعل باستخدام الذكاء الاصطناعي في فرز القضايا، وتحليل السوابق القضائية، وإدارة الملفات، وتسريع الإجراءات، ما يسهم في تقليل التفاوت الزمني وتحسين العدالة الإجرائية، دون المساس باستقلالية القرار القضائي.
وأوضح أن نقاشات قانونية حديثة طرحت مفهومًا يُعرف بـ “قاعدة حكم الذكاء الاصطناعي (AI Judgment Rule)”، والذي يقوم على اعتبار الاستفادة المعقولة من أدوات التحليل الذكي جزءًا من القرار المستنير، على غرار الاعتماد على الخبراء والبيانات الفنية، خاصة في القضايا المعقدة ذات الطابع الاقتصادي أو التقني.
وفي المقابل، حذّر البيطار من مخاطر الاستخدام غير المنضبط للذكاء الاصطناعي في العمل القانوني، مشيرًا إلى تسجيل حالات في بعض المحاكم العالمية جرى فيها الاستناد إلى سوابق قضائية وهمية أنشأتها أنظمة ذكاء اصطناعي، فيما عُرف بـ “الهلوسات القانونية”، ما دفع جهات قضائية إلى التحذير من الاعتماد غير المتحقق على هذه الأدوات.
وعن انعكاس هذه التطورات على الواقع الأردني، شدد البيطار على أن إدماج الذكاء الاصطناعي في منظومة العدالة أصبح ضرورة تنظيمية، لكنه يتطلب حوكمة صارمة تقوم على الإبقاء على مسؤولية التحقق بيد القاضي والمحامي، ووضع إرشادات مهنية واضحة، والتمييز بين الدعم المعلوماتي واتخاذ القرار، إلى جانب تعزيز التدريب القضائي على حدود التقنية ومخاطرها.
وأكد أن القرار القضائي سيبقى قرارًا إنسانيًا يصدر عن قاضٍ مسؤول وخاضع للمساءلة، لافتًا إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يوازن القيم ولا يتحمل المسؤولية القانونية، لكنه قادر على تقديم معلومات أدق وتقليص الزمن والحد من التفاوت الإجرائي.
وختم البيطار بالتأكيد على أن العدالة الذكية لا تعني قاضيًا آليًا، بل قاضيًا أقوى بأدوات أدق، مشيرًا إلى أن السبق في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي هو السبق في بناء الثقة بمنظومة العدالة.





















































