هذا ما لا يعرفه الأردنييون عن خطة كيري وتحرشات نتنياهو ..!!
خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لم توضع بعد في المتحف لكنها انتقلت إلى مستوى التفاعل والنقاش السري خلف الكواليس… هذا هو الإستنتاج الرئيسي الذي يمكن التوصل إليه عند الإستماع لنخبة من رموز المجتمع الدبلوماسي في العاصمة الأردنية.
الإستنتاج نفسه يبقى في متناول اليد عند قراءة تفاعلات البرلمان الأردني أمس الأول مع ملف المسجد الأقصى والإطلاع على حيثيات المؤتمر الصحافي الذي عقده السفير الأمريكي في الأردن جون ستيوارت مستضيفا مساعدة وزير الخارجية آن باترسون التي تدفقت بدورها وهي تحاول ‘تلميع′ مشروع كيري مكثفة التركيز مع ستيوارت على الجانب الإقتصادي للمسألة برمتها.
ستيوارت اختصر المسافات عندما تحدث في المؤتمر الصحافي عن ‘نشاط وانتعاش إقتصادي’ سيلحق فورا بمشروع التسوية، الأمر الذي يعتبره مراقبون سياسيون أساسا لإعادة إنتاج مشروع كيري على أسس ودلالات طازجة ومليئة بالطاقة قوامها الإقتصاد.
على نحو أو آخر يلتقط رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدلله النسور المفارقة نفسها وهو يتحدث لصحيفة قطرية عن ‘خطأ تاريخي’ إرتكبته دول الخليج عندما رفضت قبل أربع سنوات إنضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي وهو خطأ ستحاسب عليه الأجيال.
العالمون بلاعب مخضرم من وزن النسور يعلمون مسبقا أن حديثه عن الخطأ التاريخي مسيس تماما وينطوي على رسالة من طراز مايمكن قراءة مضمونها على أساس تهيئة دول الخليج أولا للمشاركة لاحقا في تمويل حفلة مشروع كيري.
وثانيا تحميل النظام العربي والخليجي الصديق حصريا مسؤولية الإتجاهات التي سيذهب نحوها الأردن لاحقا خصوصا بسبب أوضاعه الإقتصادية الصعبة.
في ديوان رئاسة وزراء الأردن يمكن الإستماع دوما لعبارات الشكر للسعودية على دعمها المالي مع الإشارة إلى أن المساعدة السعودية لا تصل لمستوى تعزيز القرار السياسي المستقل مع عبارات تعبر عن الخذلان من مستوى الدعم الخليجي عموما.
النسور نفسه سبق أن استعرض في الكثير من المناسبات ‘الخدمات الأمنية’ الأساسية التي يقدمها الأردن للنادي الخليجي مجانا أو دون مقابل حقيقي في الواقع.
الحديث عن الخذلان الخليجي على نحو أو آخر هو مقدمة لإبلاغ الرأي العام ضمنيا بالحاجة الإقتصادية الملحة للتفاعل مع عملية سياسية إقليمية واسعة النطاق تعالج مشكلة المديونية الأردنية وتنقذ الإقتصاد.
البوصلة المرشحة هنا حصريا هي مشروع الوزير كيري الذي بدأ يفاوض جميع الأطراف عن بعد وبدون إثارة وضجيج وإعلام.
على هذا الأساس يمكن اعتبار الحديث عن خطأ الخليج التاريخي مقدمة لتطورين محتملين لا زالا في أدراج الخطة المحكمة المرسومة لمشروع كيري.
التطور الأول المحتمل ألمح له سياسي أردني بارز بحجم عبد الهادي المجالي عندما التقته ‘القدس العربي’ وهو يتحدث عن ضرورة وضع إستراتيجيات مواجهة وطنية لا تترك الأردن وحيدا في مضمار التعامل مع تداعيات واستحقاقات كيري على أن يقوم النظام العربي بواجباته أيضا بالخصوص.
والثاني مرتبط مباشرة بالرسائل الأردنية التي ستوافق على ما يقوله مساعدو كيري في الغرف المغلقة حول ‘تمويل خليجي’ مباشر لخطة الأمن الحدودي في الأغوار وللصناديق الدولية التي ستصرف التعويضات.
بهذا المعنى يصبح كلام السفير ستيوارت عن الإنتعاش الإقتصادي المتلازم مع خطة كيري المفترضة مقدمة موازية لتلك التي يقترحها النسور في تهيئة الرأي العام لمشروع كيري الذي أبلغت سفارات غربية أنها تدعمه وأنه سيتحول قريبا إلى خطة عمل عبر لافتة إتفاق إطار.
وهي لافتة من الواضح ان غرفة القرار الأردنية في بؤرتها تماما وقد عبرت المساعدة آن باترسون عن ذلك بوضوح عندما أعلنت أن النقاط الأساسية في عملية السلام تم التوصل إليها بالتشاور مع الملك عبدلله الثاني ووزير الخارجية ناصر جودة مما يدلل على أن عمان جزء أساسي من التفاصيل خصوصا تلك التي يخفيها الوزير جودة عن الرأي العام.
الجانب الفلسطيني فيما يبدو يميل إلى تمديد أمد المفاوضات كإستراتيجية يتيمة محتملة عند الرئيس محمود عباس.
لكن من يشاغب على ‘الحضور الأردني’ على الأرجح هو الجانب الإسرائيلي فقد لاحظ وزير بارز في الحكومة الأردنية تحدثت له ‘القدس العربي’ أن نتنياهو فتح ملف التحرش بالدور الأردني في رعاية المسجد الأقصى مباشرة بعد عشاء أوباما والملك عبدلله الثاني في كاليفورنيا.
رد الأردن كان سريعا وخاطفا عبر اتجاهين: الأول السماح بتحريك مذكرة تشريعية تقترح إلغاء قانون إتفاقية وادي عربه، والثاني إصدار قرار جماعي لمجلس النواب بطرد سفير تل أبيب في عمان.
أطلقت هذه الرسائل باتجاه إسرائيل ووصلت لهدفها عندما أعلن نتنياهو أن ‘الوضع في المسجد الأقصى لم يتغير’ فبدأت تصريحات رسمية أردنية توحي بأن قرار البرلمان ليس ملزما للحكومة. القدس العربي