ملفات اردنية محرجة على طاولة بوتين
مع سقوط الخيار العسكري و سقوط احتمالية سقوط النظام و التي عبر عنها السيد حسن نصر الله بوضوح تكون الأزمة السورية قد اتمت انتقالها الى المرحلة الثانية و التي قد تشهد ظهور قواعد اشتباك جديدة مما يعني دخول الازمة في اطار و تحديات جديدة.
هذا الاطار الذي حددته حرب الاولويات السائدة تعني منطقياً ان الازمة السورية أصبحت محكومة لاحتمالات محددة اما الاقرار بضرورة البدء بمكافحة الارهاب و اما توسع الازمة اقليمياً او الانتقال الى موضوع الصدام الاقليمي المحدود.
ضمن هذه المعادلة يدرك الأردن ذلك تماماً حيث ان التحديات القادمة تجعل من الاردن شريك مباشر في كل الاحتمالات المطروحة. من هنا تأتي زيارة الملك عبدالله الثاني الى موسكو للقاء الرئيس بوتين في محاولة أردنية لإعادة خط التواصل مع موسكو و التي تأتي بعد اخفاق دبلوماسي اردني بالتعامل مع موسكو على مجمل الأصعدة و اهمها صعيد التصريحات سواء ما يتعلق بالشأن السوري او حتى الاوكراني.
الملك عبد الله الثاني كان قد مهد لهذا اللقاء عبر لقاء وزير الخارجية لافروف في قمة الأمن النووية في هولندا. لقاء الملك عبدالله بالرئيس بوتين ليس الاول منذ اندلاع الازمة في سورية، هناك عدة لقاءات أبزرها لقاء موسكو الشهير الذي شهد لقاء مغلق بين الملك عبدالله و الرئيس بوتين دون وجود مترجمين ايضاً.
ملف سوريا يتصدر اللقاء و لعل خوف الاردن من تداعيات التطورات الاخيرة كفشل المحاولات الأخيرة لتغيير موازين القوى على الارض ووصول الازمة الى نقطة تقترب من الانخراط الاردني المباشر فيها هو ما يدفع الاردن مجدداً تجاه موسكو في محاولة لإعادة التموضع السياسي تجاه الازمة السورية و معطياتها الجديدة، خصوصاً ان الاردن فشل في الشهور الاخيرة في ابقاء حالة الحياد الايجابي تجاه الازمة، بل على العكس فقد بدا واضحاً عدم قردة الماكينة الاعلامية الرسمية الاردنية على مواجهة التقارير المتعددة التي اشارت الى دور اردني مستمر في دعم فصائل المعارضة و المسلحين.
ملف القضية الفلسطينية و التسوية الاقليمية لا يمكن اسقاطه ايضا من اجندة لقاء الملك الاردني بالرئيس الروسي. الملك عبد الله في زيارة سابقة لموسكو لم يفوت فرصة اللقاء بالرئيس بوتين دون التطرق الى ملف التسوية الاقليمية، المفاجىء حينها كان طلب الملك عبدالله من الرئيس بوتين بضرورة ان تقوم روسيا بدور اكبر في موضوع ملف التسوية الفلسطينية مما يعني ان تعثر ملف المفاوضات و اقتراب وصول الامريكيين الى طريق مسدود يحتم على الاردن البحث عن غطاء دولي اضافي لمواجهة تداعيات فشل المفاوضات.
اذاً سوريا و فلسطين و الملف النووي الأردني هي اهم الملفات التي يحملها الملك عبدالله الثاني الى طاولة الرئيس بوتين، لكن يبقى ملف سورية هو الملف الأهم و الأخطر نظراً لما يمكن ان تؤول اليه الامور في الايام القادمة.
يبقى السؤال هل تملك الدبلوماسية الاردنية رصيداً كافياً يؤهلها لتجسير الهوة الواسعة مع المحور الروسي؟ و هل فعلاً يملك الأردن رؤية استراتيجية لكيفية التعامل مع التحولات الاقليمية الاخيرة في سوريا و شكل اولويات الحل السياسي أو حتى تعثر موضوع التسوية الاقليمية.اسئلة قد تبقى برسم الاجابة لحين اتضاح طبيعة و حقيقة الموقف الاردني من الازمة في سورية مع التذكير أن الاردن لم يعد يملك ترف المماطلة من اتخاذ موقف واضح و غير متردد تجاه اخر تطورات الازمة.
الدكتور عامر السبايلة