قرار مهلة تصويب الأوضاع للمراكز الثقافية يثير جدلا بين مؤيدي ومعارضي للقرار
ما يزال قرار وزارة التربية والتعليم، القاضي بامهال المراكز الثقافية، حتى 15 أيار (مايو) الحالي، لانهاء جميع الدورات التدريبية المنعقدة لديها، ومنع عمل أو ترخيص المراكز، التي تعطي دورات ودروس تقوية مبنية على مناهج الوزارة، يثير جدلا بين مؤيدي ومعارضي هذا القرار.
وفيما يصف أصحاب مراكز هذا القرار بـ"المجحف"، تؤكد الوزارة ان تدريس مناهج الثانوية العامة "التوجيهي" هو من مسؤولياتها بحسب القانون، وتؤكد انها ملتزمة بتنفيذ القرار الجديد.
وفيما ستخضع دروس التقوية في المراكز الثقافية، لطلبة مختلف الصفوف ما قبل التوجيهي، الى تشديد وتراخيص جديدة بعد 15 من الشهر الحالي، فان وزارة التربية منعت نهائيا أية دورات تقوية لطلبة "التوجيهي"، ولن يتم الترخيص لاي مركز في هذا المجال بعد انتهاء المهلة.
واعتبر أمين عام وزارة التربية والتعليم الاسبق فواز جرادات ان قرار الوزارة بمنع ترخيص مراكز ثقافية مختصصة باعطاء دروس تقوية لطلبة "التوجيهي"، صائب، كونه يخدم العملية التعليمية بكافة اركانها.
وقال جرادات ان المراكز الثقافية يتخلل عملها "الكثير من التجاوزات"، من ضمنها تدريس مناهج الوزارة، وكأنها مدرسة رديفة، فضلا عن ان بعض المعلمين "يحاولون ابتزاز الطلبة من خلال حديثهم بانهم يضعون أسئلة امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" او لديهم علم بها، مبينا ان الوزارة وفرت دورات تقوية، ابتداء من 1 نيسان (ابريل) الماضي للطلبة في مدارسها وبكلفة قليلة جدا.
وبين جرادات أن بعض المعلمين في المراكز يختزلون الكتاب الدراسي المقرر للطلبة في "دوسية"، وهذا امر غير صحيح، كون الكتاب المدرسي أشمل وأعم، لافتا الى ان "الدوسيات" أصبحت تجارة.
وأشار الى ان بعض معلمي المراكز "أصبحوا يزعزعون ثقة الطلبة بمعلميهم"، مشيرا الى ان العديد منهم أصبحوا يقصرون في أداء واجبهم في المدرسة، موحين للطلاب انهم سيحصلون على شرح أفضل بالمركز.
وفيما اعتبر جرادات ان هذا القرار "قد تأخر"، فأكد انه صحيح.
وكانت ادارة التعليم الخاص في وزارة التربية أمهلت المراكز الثقافية حتى 15 أيار (مايو) الحالي، لانهاء جميع الدورات التدريبية المنعقدة لديها، وذلك استنادا للمادة 2 من قانون وزارة التربية والتعليم، للعام 1994 وتعديلاته، الذي ينص على "المراكز: المؤسسة التي تقوم بالتدريب على أي نوع من أنواع المهارات والمعارف غير المبنية على المناهج والكتب المدرسية، ويكون التدريب فيها على شكل دورات قصيرة الأمد، ولا يتجاوز حدها الأعلى سنة، ولا يُمنح بموجبها شهادة مدرسية".
وشدد مدير ادارة التعليم الخاص الدكتور فريد الخطيب ان الوزارة "بعد هذا التاريخ لن تعتمد أي دورات الا بموافقات جديدة"، لافتا الى ان الادارة هي الجهة المعنية بترخيص عقد الدورات التدريبية، التي تعقدها المراكز الثقافية، وتعمل كذلك على تصديق الشهادات الممنوحة للمشاركين في هذه الدورات، وذلك بحسب المادة 6 ج من قانون الوزارة، الذي ينص على "الاشراف على جميع المؤسسات التعليمية الخاصة بما يكفل تقيدها باحكام هذا القانون".
وأكد ان أي دورة تعطى بالمراكز الثقافية بعد هذا التاريخ "ستعتبر لاغية"، وعلى أي مركز التقدم بطلب ترخيص جديد لاي دورة يرغب باعطائها، موضحا ان دورات تقوية لطلبة "التوجيهي" مستثناة من هذا الاجراء، ولن يتم ترخيصها بأي حال من الاحوال.
وأضاف الخطيب ان الادارة امهلت المراكز شهرين لتصويب اوضاعها، والبدء باخذ الموافقات الجديدة، مشيرا الى ان الوزارة بحسب قانونها، هي التي تحدد موعد انعقاد وانتهاء الدورة، علما بان بعض المراكز تستمر باعطاء الدورة لفترات طويلة دون تجديد رخصتها. مبينا أن بعض الرخص القديمة، التي تعمل بها المراكز حاليا، "مخالفة لانظمة وتشريعات الوزارة"، ويجب تصويبها بحيث تصبح كل دورة تنسجم مع قانون الوزارة.
وأوضح الخطيب ان مناهج الوزارة من مسؤولياتها، منوها الى ان الوزارة كلفت مؤلفين لاعداد المناهج ليتم تدريسها في مدارسها فقط، وليس في مكان غيرها، مشيرا الى ان الادارة ستخضع جميع الدورات المنعقدة في المراكز الثقافية المرخصة بعد 15 الحالي لرقابتها التامة، من حيث مواضيعها والمدربين القائمين عليها، والمراكز التي تعقدها، ما يمنحها المزيد من المصداقية والمهنية والاعتراف بالشهادات الممنوحة منها.
وأكد الخطيب ان المراكز الثقافية "يجب ان ترخص من قبل الوزارة بحكم القانون"، موضحا ان هناك الكثير من المراكز ما تزال غير مرخصة بشكل رسمي واخرى لم تنه متطلبات الترخيص، ما يجعل عملها مخالفا للانظمة والقوانين.
وكان وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات اصدر قرارا اخيرا، يتضمن الغاء أي موافقات تم منحها للمعلمين لتدريس دورات التقوية، على المناهج والكتب المدرسية في المراكز الثقافية، وعدم اعتمادها مع عدم اعطاء أي موافقات لهم، ومتابعة ذلك من خلال اللجنة المكلفة بذلك، وعدم رفع أي معاملة ترخيص دورات للمراكز الثقافية، تخص المهارات المبنية على المناهج الدراسية وتحت طائلة المساءلة والمتابعة.
من جهته، اعتبر نقيب أصحاب المراكز الثقافية ناصر الهندي ان قرار ايقاف جميع دورات التقوية في المراكز التقافية "مجحف وظالم"، لجميع شرائح الطلبة، لاسيما المتواجدين في المناطق البعيدة (الاقل حظا)، حيث "لا يتواجد هناك معلمون مؤهلون بشكل جيد، وقادرون على ايصال المعلومة للطالب بشكل صحيح، وفي حال وجد تكون خبرته بسيطة كونه خريج جديد".
وقال الهندي ان طالب "التوجيهي" يحتاج الى معلمين يمتلكون خبرة طويلة في التدريس.
ويصل عدد المراكز الثقافية في المملكة الى 650 مركزا، يعمل بها ما يقارب نحو 6 آلاف موظف، بحسب الهندي، الذي يوضح ان المعلم الذي يدرس في المركز لديه "دوسية"، جميع معلوماتها تغطي المادة، ومن داخل الكتاب المدرسي المقرر، لكنه يحاول من خلالها تبسيط المادة، كما انها تحتوي على أمثلة اثرائية للطلبة.
واشار الهندي الى وجود حالات "نادرة جدا" لمعلمين يحاولون استغلال الطلبة، حيث يقصرون في ادائهم داخل الحصة المدرسية لاجبار الطلبة على اخذ دروس تقوية في المراكز، مشددا على انه يجب على مدير المدرسة ان يحاسب هؤلاء المقصرين.
وأشار الهندي الى أن وجود نحو 50 طالبا داخل الشعبة الواحدة، في بعض مدارس عمان الشرقية مثلا، يؤثر سلبا على المعلم كونه لا يستطيع ان يعطي لكل طالب حقه، في الاستفسار واعطائه امثلة اثرائية، لاسيما وانه مضطر لانهاء المادة في وقت محدد، الامر الذي يدفعه لشرح المادة بسرعة.
واوضح ان أكثر مرتادي المراكز هن من الطالبات، وليس الطلاب، وذلك لان بعض المعلمات "غير قادرات" على ايصال المعلومة للطالبات بشكل سهل، على حد رايه. فضلا عن ان هناك بعض المعلمات يحصلن على اجازة امومة وطفولة خلال الفصل الدراسي، ما يدفع الطالبات للجوء الى المراكز، في ظل تأخر وصول البديل للمدرسة.
من جانبه، اثنى فارس الهواري، وهو أحد مؤسسي سلسلة مراكز ثقافية، على ما ذكره الهندي، واصفا قرار الوزارة بالغاء أي موافقات تم منحها للمعلمين لتدريس دورات التقوية على المناهج والكتب المدرسية في المراكز بـ"المجحف"، بحق الطلبة ومؤسسي المراكز، كون معظمهم قاموا بالاستثمار بناء على ترخيص الوزارة لها، كما أن المراكز أتاحت المزيد من الفرص التعليمية للطلبة المتفوقين للقيام بأعمال تتناسب مع ميولهم التعليمية، وقدراتهم ومهاراتهم لتعميق الخبرات التعليمية لديهم.
ويدرس في هذه المراكز كثير من طلبة الدراسة الخاصة، وغير مستكملي متطلبات النجاح، والذين لا تسمح ظروفهم بإحضار معلمين إلى البيت، أو بالدراسة في المدارس الحكومية والخاصة، اما لظروف مادية أو آخرى، بحسب الهواري، الذي أكد "نحن مع إنذار أو إغلاق أي مركز يقوم بمخالفة التعليمات والشروط التي يجب توافرها والتقيد بها"، مشددا ان على جميع المراكز المرخصة "تفادي سلبيات الاختلاط والاكتظاظ، وعدم القيام بأعمال تجارية غير مرخصة، وعدم المتاجرة بالدوسيهات التي تشوه المناهج المقررة من الوزارة".
وأضاف إن تطبيق تعليمات وقوانين الوزارة واجب، لكن بالمقابل على الوزارة "ان تراعي حجم الاستثمار في هذه المراكز، وارتفاع منسوب الضعف عند طلبتنا، الذين يحتاج معظمهم الى تقوية في مهارات اللغتين العربية، والإنجليزية، الرياضيات، وغيرها".
وبين الهواري ان على المعلم "ان لا يؤثر على طلبته، للذهاب إلى المراكز، وان يقوم برسالته في مدرسته على أكمل وجه".