خلق 400 الف وظيفة في الاردن خلال 7 سنوات
يقول صندوق النقد الدولي ان الأردن بحاجة الى خلق 400 ألف وظيفة دائمة جديدة خلال السبع سنوات المقبلة، لامتصاص الداخلين الجدد الى سوق العمل من الاردنيين.
بالمقابل، ينبه الصندوق الى أن توقعات النمو الاقتصادي لا توحي بقدرة الاقتصاد على خلق أكثر من 275 ألف وظيفة خلال الفترة نفسها، وبعجز تقديري يناهز 125 ألف عاطل جديد من العمل حتى عام 2020.
ذلك أن تغطية تقديرات الصندوق تحتاج من الاقتصاد الوطني الوصول الى نسب نمو 6.1 %، في حين لا يستطيع الاقتصاد حاليا تجاوز معدل الـ 3 %، أي نصف المعدل المستهدف.
ومع كل ذلك، تبقى المشكلة قيد السيطرة لو صحت تقديرات الصندوق للعجز بين فرص العمل المستحدثة والداخلين الجدد الى سوق العمل عند مستوى 125 ألف عاطل جديد من دون وظيفة خلال سبع سنوات لاحقة.
بيد أن تقديرات الصندوق تبدو على هذا الصعيد مغالية في التبسيط والتفاؤل، ومغفلة لمجموعة القنابل الموقوتة التي تواجه سوق العمل الاردني، ويتوقع أن تتطلب من الاقتصاد خلق ضعف فرص العمل المقدرة من قبل الصندوق لاحتواء الداخلين الجدد الى سوق العمل. أول هذه القنابل تجسدها مئات آلاف النساء الاردنيات ممن يمتلكن التعليم والتأهيل ولا يرغبن بالعمل في الوقت الراهن نظرا لموروث اجتماعي بدأ بالتمزق والتحطم على صخرة الوضع الاقتصادي المتراجع وارتفاع معدلات العنوسة والطلاق.
وحيث يقبع الاردن في أدنى السلم العالمي لمعدل المشاركة الاقتصادية للنساء، يمكن التنبؤ بالأثر الكبير لتسارع معدلات هذه المشاركة في السنوات المقبلة، وبأعداد ربما توازي أو تفوق الخريجين الجدد والداخلين حديثا الى سوق العمل.
هذا التغير الـ «سوسيو اقتصادي»، سيزيد من الضغط على الخريجين الجدد والداخلين الى سوق العمل عاما بعد عام، الى حد تتراجع معه الأجور، وتزداد معدلات البطالة دراماتيكيا بين الشباب.
كما يمكن أن يتكرر السيناريو السلبي نفسه نتيجة ارتفاع سن التقاعد، ورغبة المزيد من الكهول والمسنين بالاستمرار بالعمل تحت وطأة الظرف الاقتصادي المتراجع، والتشريعات الساعية للتوفير على موازنة الضمان الاجتماعي.
أما ثاني القنابل الموقوتة أمام سوق العمل المحلي، فتتمثل بطبيعة الوظائف التي يخلقها الاقتصاد، والمائلة في معظمها الى قطاع الخدمات غير المحتاج الى التعليم الجامعي، وما يعنيه ذلك من خطر سيطرة العمالة الوافدة وطوابير اللاجئين على الشق الأكبر من الوظائف المختلقة. هذا ويزيد من خطورة السيناريو السابق وجود ما يزيد على مليون لاجئ على الأراضي الاردنية وغياب الضوء في نهاية نفق الأزمة السورية، والآن العراقية، وذلك بالتزامن مع اقتصاد ظل غير رسمي يصل الى 25 % من الاقتصاد الاردني.
كما يمكن أن يزيد من حدة التفاوت بين الوظائف الجديدة و مخرجات النظام التعليمي تراجع نسبة مساهمة القطاع العام في خلق فرص العمل نتيجة لعجز مزمن برغم كل اجراءات التقشف، ومديونية بدأت بطرق أبواب الـ 90 % من الناتج المحلي الاجمالي، و بما يعني مزيدا من الميل الى وظائف الخدمات غير المحببة للاردنيين، خصوصا لدى القطاع الخاص.
صحيح أن تحسن اقتصاديات الخليج ينبئ بمزيد من تشغيل الاردنيين، ولكن الاعتماد بالكامل على هذا العامل لا يبدو ورقة رابحة في ظل تراجع الاوضاع المعيشية في معظم الدول العربية وبالتالي تنافس مزيد من رعاياها على الوظائف في الخليج.
كما علينا عدم اغفال توصيات صندوق النقد الدولي للدول الخليجية بضرورة تكثيف تعيين العمالة المحلية بغية التعاطي مع التغير الديمغرافي المائل لكفة الشباب في الدول ذاتها.
النتيجة من التحليل السابق أن الاردن أمام تحد مستقبلي جسيم فيما يتعلق بسوق العمل ومعدلات البطالة، وبأن أي مخطط جزئي أو عمل فردي لن يكتب له النجاح.
أما المطلوب، فان يتم العمل على رفع معدلات النمو الاقتصادي، بالترافق مع الاصلاحات التي يحتاجها سوق العمل ونظام التعليم، والتي يفترض أن تزيد من مدى استجابة سوق العمل لمعدلات النمو، وتخلق بالتالي أكبر عدد ممكن من فرص العمل.
الحديث والكتابة أسهل من التطبيق! هذا صحيح، ولكن هل من خيار آخر أمامنا غير التطبيق مهما كانت صعوبته؟.