الاعتكاف: قطع العلائق عن كل الخلائق للاتصال بالخالق عز وجل
يذكر علماء السلف فوائد عظيمة للاعتكاف في بيوت الله ، إذ انه عزلة مؤقتة عن أمور الحياة ومشاغل الدنيا، وإقبال بالكلية على الله تعالى، خاصة في العشر الاواخر من شهر رمضان المبارك ، ولهذا قال بعضهم: الاعتكاف هو: قطع العلائق عن كل الخلائق للاتصال بالخالق عز وجل.
والاعتكاف سنة مؤكدة في العشر الأواخر من رمضان، لان النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليها حتى وفاته، قالت عائشة رضي الله عنها «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُل رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلمَّا كَانَ العَامُ الذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوما».
يقول وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور هايل عبد الحفيظ داوود ان من السنن التي يقبل عليها المسلمون خاصة في الشهر الفضيل هي قيام الليل، والاعتكاف، وهذا ما أكده النبي صلى الله عليه وسلم بفعله.
ويضيف ان الاعتكاف في المسجد لعدة ايام يحتاج الى ترك العمل والانقطاع عن الناس، وبالتالي قليل من يستطيع القيام به، ومن ترك عمله وقصر فيه فيكون قد احيا سنة وترك الواجب ومن استطاع ان يوفق بين الاثنين العمل والاعتكاف، فهذا خير ونعمة.
ويقول الوزير ان الوزارة لا تضع أي قيود على الاعتكاف في المساجد في شهر رمضان المبارك، بل تفضل القيام بهذه السنة المؤكدة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بالتنسيق مع امام المسجد والترتيب معه لغايات تنظيمية.
ويضيف ان المسجد في عهدة الامام يحافظ عليه وعلى مكانته، لذا يجب الاطمئنان بان يتم اشغال بيوت الله في الاتجاه الصحيح ما يؤدي الى تطبيق هذه السنة .
ويؤكد مدير المركز الثقافي الاسلامي في الجامعة الاردنية الدكتور عدنان العساف ان مسجد الجامعة بفضل الله سبحانه وتعالى من المساجد التي تحيي هذه السنة المؤكدة تأسيا بهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ضمن برامج مخطط لها ومعدة مسبقا كالدورة الشرعية، ودرس ديني طويل بعد صلاة الفجر.
ويشير الى ان الاعتكاف من خلال التفرغ للعبادة والانقطاع لها فيه ميزة روحانية في قيام الليل وقراءة القران الكريم ولذة خاصة عدا عن انها من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان.
ويقول ان في المسجد لجنة تطوعية بإشراف الامام وكادرا كاملا لمتابعة امور المسجد والمصلين ورعاية شؤون المعتكفين منهم.
وبحسب مدير مديرية أوقاف البادية الشمالية رضوان العظامات ان الاعتكاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن اعظم القربات الى الله سبحانه وتعالى في مثل هذه الايام، لذا نرى الكثير من المبشرات في مساجد البادية الشمالية، إذ ان في اكثرها اعتكافا احياء لسنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام خاصة في فئة الشباب الذين يحرصون على تحري ليلة القدر.
ويشير الى ان الإمام النووي قال: الاعتكاف سنة بالإجماع، ويستحب الإكثار منه، ويستحب ويتأكد استحبابه في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ، قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا، إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً، فيجب عليه، ومما يدل على أنه سنة: فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومداومته عليه، تقرباً إلى الله تعالى، وطلباً لثوابه، واعتكاف أزواجه معه وبعده، ويدل على أنه غير واجب: أن أصحابه لم يعتكفوا، ولا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم به إلا من أراده، ويمكن أن يكون الاعتكاف في غير رمضان.
ويبين العظامات انه في العشر الأواخر من رمضان يقبل بعض الصائمين على الاعتكاف في المساجد ، وهذا من أروع معالم إحياء السنن وشعائر الدين، إذ يستحب للمعتكف أن يكثر من الصلاة وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار والدعاء وهذا كله باتفاق العلماء.