أبو حمور: بداية الموسم المطري باتت متغيرة
رغم انتهاء شهر أيلول (سبتمبر) دون أن يكون "ذيله مبلولا"، كما يقول المثل الشعبي، وعدم عبور جبهات هوائية باردة مصحوبة بهطول مطري خريفي على المملكة مقارنة بالموسمين الشتويين الماضيين، "لا يعني تأخر الموسم الحالي".
وفيما بدأ الموسمان الشتويان الماضيان مبكرا خلال أيلول (سبتمبر) بأمطار خريفية تفاوتت في الكم والنسبة، إلا أن تلك الأمطار لا تؤخذ بالاعتبار في حسابات مؤشرات جودة أداء الموسم المطري من عدمه.
وتأثرت المملكة في الموسمين الماضيين بحالة من عدم الاستقرار الجوي وسقوط زخات من الأمطار خلال أوقات متفرقة من اليوم، إلا أنه تم تصنيفها على أنها أمطار "متواضعة" لا يمكن البناء عليها أو الاعتماد عليها لتقييم أداء الموسم المطري وجودته.
وقال أمين عام سلطة وادي الأردن المهندس سعد أبو حمور، في تصريحات إن بداية الموسم المطري "باتت متغيرة وفقا للتغيرات المناخية التي أثرت على الطقس بشكل عام في كافة مناحي العالم، حيث أصبحت بداياته بالمملكة مع شهر كانون الأول (ديسمبر) من كل عام".
وأوضح أن كميات الأمطار الهاطلة خلال هذا الشهر هي ما يعول عليه في مخازين السدود ويجري احتسابها ضمن منظومة سجلات الأرقام الرسمية للتخزين.
وأشار أبو حمور إلى أن المملكة شهدت بدايات للموسم المطري أحيانا مع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) مستمرا حتى نهاية آذار (مارس) وبداية نيسان (أبريل) كما سجل الموسم الشتوي الماضي.
وسجل الأردن حالة غير مسبوقة خلال الموسم المطري الماضي من انحباس الأمطار، ما حدا بالوزارة إلى إعداد خطة طارئة للتعامل مع ذلك خلال شهر شباط (فبراير) الماضي، وفق تصريحات سابقة لوزير المياه والري الدكتور حازم الناصر.
وقال الناصر حينها، إن هذا الواقع الذي مرت فيه المملكة لم تشهده منذ عقود طويلة حيث تم إعلانه عام "جفاف"، ما استدعى وضع خطة طوارئ للتعامل مع الحالة التي شهدتها المنطقة كون مصادر المياه المتاحة حاليا متذبذبة.
وبحسب دراسات أشار إليها وزير المياه، فإن الهطول المطري للأعوام المقبلة في الأردن سينخفض بنسبة 15 %، فيما سيرتفع التبخر 3 %، كاشفة عن أن الطلب على المياه لأغراض الزراعة سيرتفع 18 % في حين أن كميات المياه المتاحة ستنخفض حوالي 30 %.
وتعد ظاهرة التغير المناخي في العقد الأخير من أهم الظواهر الكونية التي استأثرت باهتمام الباحثين ومراكز البحث العلمي في العالم، لاسيما أن تأثيرها كبير على الموارد الطبيعية عامة والموارد المائية خاصة، خصوصا في الدول التي تعاني من شح مواردها المائية لوقوعها ضمن النطاق الجاف وشبه الجاف من الكرة الأرضية. وبينت إحصائية للأمم المتحدة وزعت في العام 2000 على معظم مراكز البحث العلمي العالمية، أن حوالي 53 % من هذه المراكز تعطي أهمية للأبحاث المتخصصة في مجالات التغير المناخي.
وتؤثر ظاهرة التغير المناخي الكونية على أنظمة المصادر الطبيعية بالعالم وأهمها الموارد المائية والنظام البيئي، حيث تعتمد هذه الآثار على مدى كفاءة وفعالية الإدارة الفاعلة والمتوازنة للإنسان لأنظمة المياه المتوفرة وما هي أبعاد هذه الإدارة في الماضي والحاضر والمستقبل على تطوير وإدارة والاستغلال الأمثل لهذه الموارد بهدف استدامتها.
ويعتمد الأردن في موارده المائية بشكل رئيسي على الأمطار المتفاوتة من منطقة لأخرى تفاوتا كبيرا حيث تلعب التضاريس دورا كبيرا في توزيع الهطول المطري والتي تتراوح بين أقل من 50 ملليمترا بالمناطق الشرقية والجنوبية الشرقية إلى أكثر من 600 ملليمتر بالمناطق الشمالية الغربية.
ويستقبل 90 % من مساحة المملكة هطولا مطريا يقل عن 200 ملليمتر/ سنة، فيما يبلغ معدل سقوط الأمطار طويل الأمد على الأردن حوالي 95 ملليمترا/ سنة، علما أن الصحراء تشكل حوالي 83 % من مساحة المملكة.
وتتجدد التحذيرات بخصوص الجفاف وتذبذب الهطول المطري بالأردن، في ظل تأثيره السلبي المباشر على مصادر المياه الجوفية والسطحية، ما يؤدي للتصحر وتراجع التخطيط الزراعي وتدني الإنتاج.
وبدأ الأردن يعاني عجزا كبيرا في موارده المائية منذ العقدين الماضيين، وازداد ذلك في العقد الماضي نتيجة لمواسم الجفاف المتعاقبة والهجرات القسرية، وما رافقها من ازدياد الطلب على المياه، ما أدى لاستنزاف موارد المياه السطحية والجوفية وجفاف عدة ينابيع، وبالتالي تدهور نوعية هذه الموارد.
واعتبر الناصر أن الينابيع مؤشر حقيقي يعكس وضع الموارد المائية السطحية والجوفية كما ونوعا، باعتبار الينابيع مياها جوفية وجدت طريقها لسطح الأرض بواسطة التراكيب الجيولوجية، فأصبحت مياها سطحية، وتعتبر من أهم المصادر المائية المتاحة في المملكة للاستعمالات المختلفة وأهمها الري والشرب.
ويتجاوز حجم التخزين الكلي للسدود في المملكة 327 مليون متر مكعب، ويزيد حجم الأحواض الساكبة لهذه السدود على 13980 كيلومترا مربعا، أي ما يوازي ربع مساحة المملكة، وفق الوزارة التي اعتبرت أن خطط الحصاد المائي الوطنية التي تنفذها ادارة قطاع المياه، من أفضل النسب عالميا كون غالبية مساحة المملكة مناطق جافة وصحراوية، أي أنها قليلة المطر وبالتالي فإن حوالي 300- 500 مليون متر مكعب من الهطول المطري مغطاة بالسدود والحفائر والسواتر والحواجز المائية.
ووفق أرقام الوزارة، فإن حجم الهطول المطري للموسم الشتوي الماضي حتى الموجة الاخيرة، بلغ حوالي 89 % من المعدل السنوي طويل الأمد البالغ حوالي 8.4 مليار متر مكعب تقريبا.