هبوط أسعار النفط يقلص عجز الميزان التجاري 34 مليون دولار شهريا
أكد خبراء أن تراجع أسعار النفط العالمية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية سيقلص عجز الميزان التجاري بمقدار 34 مليون دولار شهريا أو ما يعادل 408 ملايين دولار سنويا.
وسيتوفر هذا المبلغ نتيجة فرق أسعار النفط العالمية بين آخر مستوى اعتمدته الحكومة لشراء المحروقات والنفط وهو 97.4 دولار للبرميل ومتوسط السعر للأسابيع الثلاثة الماضية والبالغ (89.3 دولار) عالميا؛ علما بأن مقدار الفرق بلغ 8.1 دولار للبرميل.
ويبين الخبراء أن المملكة تستهلك 140 ألف برميل يوميا من النفط ولذلك فإن قيمة الفرق في الأسعار (8.1 دولار للبرميل) تعني تحقيق وفر قدره 1.13 مليون دولار يوميا في عجز الميزان التجاري.
ولن تقتصر الفائدة على عجز الميزان التجاري بل ستشمل تقليص عجز الموازنة العامة ؛ إذ أن الهبوط الحاد الذي شهدته أسعار النفط في الأسابيع الثلاثة الماضية سيقلل عجز الموازنة العامة للعام الحالي بمقدار 80 مليون دينار في حال قررت الحكومة إلغاء الدفعة الثالثة من بدل دعم المحروقات والذي قالت إنها "ستوقفه في حال ثبات أسعار النفط دون 100 دولار للبرميل لمدة شهرين" وهو الأمر الذي حصل بالفعل.
كما أن الفائدة ستشمل بحسب الخبراء قطاعَ الكهرباء؛ إذ يؤكد هؤلاء أن تراجع أسعار النفط والديزل من شأنه أن يقلص كلف إنتاج الكهرباء ما لا يعطي مبررا للحكومة برفع الأسعار علما بأن المملكة تستهلك ما يقارب 11 ألف طن من الديزل والفيول لتوليد الكهرباء يوميا.
يأتي هذا في الوقت الذي واصلت فيه أسعار النفط التراجع حتى بلغت مستوى 84 دولارا أخيرا واستقرت عند 86 دولارا للبرميل أمس.
غير أن خبراء أبدوا تخوفهم من عدم التزام الحكومة بتخفيض أسعار المحروقات في السوق المحلية بنسب توازي التراجعات العالمية التي طرأت على أسعار خام برنت عالميا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
ويعني عدم التزام الحكومة؛ بحسب الخبراء؛ أن لا تتحقق الفائدة الكلية من وراء هذا الانخفاض.
ورجّح خبراء أن يستمر سعر برميل النفط بالانخفاض تحت مستوى 80 دولارا للبرميل في حال استمرت المملكة السعودية بالإنتاج بنفس الوتيرة لذلك على الحكومة أن لا ترفع أسعار الكهرباء على المواطنين في ظل استخدام ديزل وزيت بأسعار أقل وقود منخفض الأسعار في توليد الكهرباء.
وخسر النفط أكثر من 25 % من قيمته منذ حزيران (يونيو) الماضي بفعل وفرة المعروض وبوادر على ضعف نمو الطلب العالمي ومؤشرات على عدم رغبة منتجي النفط الرئيسيين خاصة السعودية في التدخل لدعم الأسعار.
وقال المحلل الاقتصادي مازن رشيد إن "معدل الاستهلاك اليومي للمملكة من النفط يصل تقريبا إلى 140 ألف برميل في اليوم وسيخفف ذلك العبء عن الموازنة العامة والميزان التجاري".
وأضاف رشيد "سيستمر انخفاض سعر برميل النفط عالميا تحت مستوى 80 دولارا للبرميل".
مدير عام شركة الكهرباء الوطنية عبدالفتاح الدرادكة قال إن "المملكة تستخدم الديزل وزيت الوقود الثقيل (الفيول) بشكل كامل لتوليد الكهرباء بعد انقطاع امداد الغاز الطبيعي".
وبين الدرادكة أنه يتم استخدام ما معدله 11 ألف طن من الديزيل و(الفيول) لتوليد الكهرباء يوميا.
من جانبه؛ قال نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني إن "انخفاض أسعار النفط عالميا سيكون ايجابيا بالتأكيد على ميزان المدفوعات كونه يخفض من قيمة المستوردات".
وبين العناني أن استيراد مشتقات نفطية منخفضة الأسعار سيقلل من كلف الطاقة للسلع المنتجة محليا وبالتالي يزيد من فرصة منافسة صادراتنا في الخارج.
وأشار إلى أن ذلك سيوفر على الحكومة مبالغ كبيرة وبالتالي في حال قررت أن ترفع الكهرباء فيجب أن لا ترفعها وإذا رفعتها يجب أن تكون النسب قليلة جدا.
وأضاف العناني أن الأمر السلبي من استمرار انخفاض أسعار النفط عالميا قد يحدث في حال تخفيض المساعدات الممنوحة للأردن من قبل السعودية المنتجة للنفط.
بدوره؛ قال الخبير الاقتصادي د.يوسف منصور إن "معدل ما ستوفره الحكومة من انخفاض أسعار النفط هو نحو مليار دولار سنويا على الأسعار الحالية التي وصلت إلى 86 دولارا للبرميل وبمعدل استهلاك يصل إلى 140 ألف برميل يوميا".
وبين يوسف أن معنى ذلك أن على الحكومة أن لا ترفع أسعار الكهرباء العام المقبل مع هذا الوفر الذي ستحققه.
وأشار إلى أن الحكومة هي المستفيد الأول من انخفاض أسعار النفط عالميا خلافا للمواطنين كونها لا تعكس هذا التراجع محليا بشكل ملائم.
وقال منصور "بالطبع انخفاض الأسعار سيؤثر ايجابا على الميزان التجاري المحسوب في ميزان المدفوعات."
ولكن منصور اتفق مع العناني في أن السعودية قد تقلل من معوناتها للأردن، في حال استمرت في مستوى انتاجها بالتزامن مع تراجع أسعار النفط، مما سيؤثر سلبا على المملكة.
وتوقع أن تستمر أسعار النفط عالميا بالتراجع في حال استمرت السعودية بالإنتاج لغايات سياسية.
من جانبه؛ قال الخبير المالي مفلح عقل إن "استفادة المواطن من هذا التراجع ستكون محدودة جدا إلا في حال كان مستهلكا مباشرا للمشتقات النفطية".
وتساءل عقل فيما إذا قامت الحكومة بإجراء عقود مستقبلية للنفط على هذه الأسعار المنخفضة للاستفادة منها وخاصة أن الانخفاض جاء نتيجة أسباب سياسية.
وبين أن الحكومة ستتجه لإلغاء الدعم النقدي عن المحروقات وبالتالي فإن المبالغ التي رصدتها الحكومة لتقديم الدعم ستتوفر أيضا لذلك فإن عليها أن لا ترفع الضرائب أو الكهرباء.
وخصصت الحكومة في الموازنة العامة للسنة المالية 2014مبلغ 210 ملايين دينار توزع على ثلاث دفعات.
إلى ذلك؛ اقترح عقل بأن تقوم الحكومة بالاستفادة من الوفر المتحقق نتيجة انخفاض أسعار النفط في القيام باستثمارات ذات قيمة مضافة توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للأردنيين.
وشدد على ضرورة أن يكون هناك إدارة صحيحة من قبل الحكومة للاستفادة من هذا التراجع الحاصل لأسعار النفط وما سيوفره من مبالغ كبيرة على الحكومة.