يديعوت: السلام الاسرائيلي الاردني ليس كاملا بسبب الرأي العام الرافض للتطبيع
توجه رجل اعمال اردني بسذاجة لنظيره الاسرائيلي واقترح عليه مشاركته الحلم: استكمال تمويل اقامة مستشفى خاص في عمان، وأن يختار بنفسه المدير العام الذي سيدير المؤسسة وأن يجند طاقم مختصين لتهيئة الاطباء والممرضات في المستشفى. رجل الاعمال الاردني قام بتجهيز ألبوم صور مثيرا للاعجاب وقائمة مفصلة لمبلغ الاستثمار وطاقم العاملين. قام بعمل مهني. الالبوم انتقل للمشاهدة من قبل خبراء في جهاز الصحة عندنا.
كان الاقتراح مشجعا من الناحية التجارية وايضا من ناحية التعاون. ولكن لا أحد لدينا خلع القفازات، نظروا وتفحصوا وأعجبوا. المال ليس المشكلة، كما قالوا، ولكن من منا سيوافق على الذهاب الى الاردن؟ كيف نغطي التأمين على الحياة؟ كيف نُجند محامي محلي في حال دعوى قضائية؟ من سيبعد مظاهرات الاحتجاج على مدخل المستشفى عندما يتبين أنه يعمل مع "العدو الصهيوني”؟.
هذه المبادرة بثت الحياة لفترة قصيرة في ظل مرور عشرين عاما على اتفاق السلام مع الاردن، ورجل الاعمال من الطرف الثاني بدا محبطا ومستنزفا، حلمه في تحقيق التطبيع تلقى ضربة شديدة، فهو نفسه تعهد لرجال اعمال عندنا بعدم استخدام طاقم طبي اردني يعارض العمل مع الاسرائيليين، لكن هذا لم يكن كافيا للاقناع.
في الجانب الاردني وجدوا ترتيبا أكثر راحة: القصر يرسل بشكل سري مرضى الى اسرائيل ويدفع تكاليف هذا العلاج، أربع مستشفيات لديها اشخاص يهتمون بالتواصل مع القصر في عمان ويتابعون النقل والعلاج من تحت الطاولة، كما يُقال. هناك استشارات مهنية، ولكن لم يحن الوقت لأن يتجرأ شخص ما على أخذ وصفة طبية من طبيب اسرائيلي الى صيدلية محلية.
من ناحية القصر الملكي كانوا يريدون أن تمر الذكرى السنوية لاتفاق السلام بدون احتفالات، بدون حلقات خاصة في التلفاز وبدون مقابلات. ما كان وما هو موجود اليوم مصيره أن يبقى تحت البساط: اتفاق سلام استراتيجي يدور بين اجهزة متناظرة في عمان وتل ابيب ويحافظ على الحدود الطويلة ويساهم في تفكيك عبوات أمنية في المملكة.
عندنا هنا سبب لاطلاق الحمام الابيض، الصحافة الاردنية تصفي الحسابات، مقالات عن سنوات السلام تعود الى الخلف وتكشف عن سلوك المطبخ السياسي الامني الذي حقق ما يسمونه "اتفاق وادي العربة” وليس "اتفاق سلام”.
يستطيع القاريء أن يدرك للمرة الاولى كيف استطاع الملك حسين المرحوم أن يمرر قانون "الصوت الواحد” (بالامكان التصويت فقط لمرشح واحد وليس لجسم سياسي) في الانتخابات البرلمانية من اجل الحصول على برلمان ضعيف لا يعارض الاتفاق. قانون آخر قيد الخطب في المساجد كي لا يحرضوا الشارع. في فحص سري قامت به الاجهزة في المملكة تبين أن نسبة المعارضين للسلام مع اسرائيل هي نسبة مخيفة، القصر حاول صياغة قانون يقيد الاعلام ويمنعه من الانتقاد، والاتحادات المهنية ما زالت تلوح بالقائمة السوداء ضد كل من يقوم "بالتطبيع مع العدو”.
في نظرة الى الوراء فان الجانبين قد حظيا باتفاق ولكنهما أضاعا الفرصة. ومع ذلك يوجد سلام، يوجد سفير اردني في تل ابيب (لا يوجد لمصر)، يوجد سفير اسرائيلي في مكان محصن في الاردن، اكتشف الاسرائيليون البتراء والعقبة، ومئات العمال الاردنيين يعملون في ايلات، وحول العمل الامني سنستمر في عدم الحديث. يعملون هناك عملا جيدا، ومن يعرف الحقائق يستمر في الصمت، عشرون عاما ونحن مدينون للاجهزة في عمان بحياة آلاف الاسرائيليين.
سمدار بيري/ يديعوت 2014/10/26