منتدون يبحثون صعوبات التصنيع في الأردن / صور
برعاية السيدة ليلى شرف رئيسة مجلس أمناء جامعة فيلادلفيا، نظم مركز الدرسات المستقبلية في الجامعة ندوة حول الآفاق المستقبلية للتصنيع في الأردن اشتملت على مجموعة من الأوراق العلمية بحضور نخبة من المهتمين، وألقى الأستاذ الدكتور مروان كمال رئيس الجامعة كلمة في الندوة التي أدارها الدكتور ابراهيم بدران مستشار رئيس الجامعة للعلاقات الدولية والمراكز العلمية قال فيها: تتناول ندوتنا هذه واحداً من المواضيع الاكثر حيوية واشكالية في بلدنا العزيز وفي الوطن العربي بدون استثناء وهو " التصنيع ".
وعلى الرغم من أن الأقطار العربية ومنها الأردن
تستثمر في التعليم وفي تأهيل العمالة الأردنية الكثير من الجهد والمال إلا أن الهيكل الاقتصادي للدولة لازال على حاله دون تغيير جذري ، هيكل يقوم على التجارة والزراعة والخدمات وشيء متواضع تماماً من الصناعات التحويلية والتعدينية. ومثل هذا البنيان الاقتصادي الذي هو شائع في المنطقة العربية محدود الآفاق . ولم يستطع أي قطر عربي أن يجعل التصنيع جزءاً رئيسياً من البنيان الاقتصادي الاجتماعي للدولة الاّ ان المتغيرات المتسارعة الهائلة التي يشهدها عصرنا يوماً بعد يوم ابتداءً من حلول الآلة محل الإنسان في الصناعات المتقدمة وانتهاءً بالآفاق الجديدة للإنتاج والتي تنتجها الاكتشافات التكنولوجية والتنافس الاقتصادي والعولمة واقتصاد المعرفة كل ذلك يجعل مسألة التصنيع موضوعا شديد الالحاح بكل معنى الكلمة خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار متطلبات النمو الاقتصادي المتسارع من جهة وضرورة زيادة القيمة المضافة في المنتجات والخدمات من جهة ثانية وتشغيل الأيدي العاملة وحداثة الاقتصادات المتعلقة بتأهيلها من جهة ثالثة.
وأضاف كمال قائلاً: فالمنطقة العربية تعاني من عجز مزمن في القدرة على تشغيل قواها العاملة إذ يزيد معدل البطالة عن (15%) والعجز عن زيادة حجم هذه القوى التي لا تزيد بالمتوسط عن (30%) من السكان والعجز عن الوصول بالمرأة الى النسبة القريبة من مشاركة الرجل . وعلى ضوء التغييرات الاقتصادية المالية الكاسحة التي تجتاح العالم ، وبطء معدلات النمو الاقتصادي مقترنة بمعدلات نمو سكانية عالية تزيد لدينا في الأردن عن (2.8%) وكذلك الارتفاع المتواصل في أسعار مواد السلع والخدمات وبشكل خاص المواد الغذائية ، وارتفاع اسعار النفط ، وتراجع الدولار المستمر ، وبالتالي تآكل الدخول لشرائح كبيرة من المواطنين ، وتحول عدد من الدول الصناعية الى الاستثمار خارج حدودها، كل ذلك يجعل من مسألة تصنيع الاقتصاد والتحول الى الاقتصاد الصناعي في جميع القطاعات مسألة مستقبل بكل معنى الكلمة. وعلى ضوء توجه كثير من الاستثمارات الجديدة الى الأسواق الثانوية من أسهم وعقارات وتراجع الزراعة وانصراف الشباب عن العمل في الزراعة والمقاولات والخدمات ، فإن مشكلة البطالة سوف تدخل مسارب صعبة لا يمكن تجاهلها ولا يمكن ايجاد حلول لها إلا من خلال تصنيع القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وأشار إلى أن التراجع الواضح للقطاع الزراعي وبطء نمو القطاع الصناعي يثير القلق ويستدعي عميق التفكير من جهة وحسن التخطيط والتنفيذ والتدبير من جهة ثانية . فعلى الرغم من التشغيل شبه الكامل الذي كانت تتمتع به الأردن في مطلع الثمانينات من القرن الماضي وعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي على المستوى الدولي والإقليمي والوطني من منظور الاستهلاك إلا أن أرقام الانتاج الصناعي لا تزال لدينا متواضعة ولم تصل (1000) دولار لكل فردمن السكان وهي مستويات يصعب معها إحداث انطلاقة إقتصادية إجتماعية كبيرة.
وقال الدكتور نائل الحسامي مدير غرفة تجارة عمان إن الاقتصاد الوطني قد شهد خلال العام 2013 تباطؤاً ملموساً في نموه متأثراً بالازمات السياسية في المنطقة وتاثيرها على النمو الاقتصادي الإقليمي والعالمي فضلا عن تداعيات الازمة المالية العالمية حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2009-2014Q2 بالمتوسط نمواً بأسعار السوق الثابتة نسبته 3.1% في نهاية عام 2009. وقد انعكس ذلك على القطاع الصناعي اذ بلغت مساهمة القطاعات الاستخراجية والتحويلية في الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2013 (1.9%) و(16.3%) على التوالي. كما بلغت القيمة المضافة لقطاعي
الصناعات الاستخراجية والتحويلية (955.7,5) مليون دينار بالأسعار الجارية في عام 2013.
وأضاف الحسامي أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل حوالي 99% من اجمالي المشاريع في القطاع الصناعي الأردني، أي ان غالبية المشاريع الصناعية صغيرة ومتوسطة الحجم، لكنها بالمقابل تعاني من التهميش وقلة الدعم، مما يجعلها غير قادرة على الاستمرار والنمو في ظل ما تواجهه من معيقات كثيرة، تكمن أبرزها في عملية الحصول على التمويل والوصول الى الأسواق الخارجية ناهيك عن المشاكل الادارية وغيرها الكثير.
الأمين العام المساعد للشؤون العلمية التكنولوجية في المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا الدكتور فواز الكرمي أشار إلى أن الأردن يتمتع بموقع استراتيجي وبأمن واستقرار متميزين في المنطقة مما يجعله مركزاً لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مختلف القطاعات وخاصة القطـاع الصـناعي، ويعطيه ميزة تنافسية على العديد من دول المنطقة. ومما يعزز من تميز الأردن في المنطقة اهتمام ودعم القطاع الصناعي من قبل الحكومة ووضع التشريعات العديدة الناظمة لعمله، إضافة إلى وضع الاستراتيجيات وخطط العمل والسياسات الهادفة لتطوير القطاعات الصناعية، ومن أهم هذه السياسات السياسة الصناعية للاعوام 2010-2014.
وأضاف أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أصبحت قاطرة التنمية في أغلب دول العالم في ظل الاقتصاد الحر وتشجيع المبادرة، وبقدر ما ساهم التقدم التكنولوجي في تطور هذا القطاع خلق له تحديات جديدة خاصة في الدول النامية، ومواكبة لهذه التغيرات ظهرت أجيال جديدة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعدى نشاطها الصناعات التقليدية لتدخل عالم الصناعات التكنولوجية المتطورة عبر بوابة الريادة اصطلح على تسميتها بالمؤسسات الصغيرة الرائدة أو الريادية.
وأوضح الأستاذ الدكتور احمد السلايمة من قسم الهندسة الميكانيكية في الجامعة الأردنية أن الأردن يقوم باستيراد ما يقرب من 96% من احتياجاته من هذه الطاقة من الدول النفطية المجاورة. وتعترضه حتى الآن صعوبات فنية واقتصادية لاستغلال مصادره الأولية المتاحة. وفي ظل توقع استمرار النمو في الطلب على الطاقة بمعدلات سنوية عالية نسبياً، وفي ضوء استمرار التركيز على أهمية الصناعة للاقتصاد الأردني يمكن تقديم مجموعة من التوصيات بهدف توفير الطاقة اللازمة وبالتكلفة الملائمة. بحيث يتم زيادة الاعتماد على المصادر المحلية للطاقة الأولية وكذلك ضرورة
التزود بالنفط الخام والغاز الطبيعي والمشتقات النفطية بأفضل الشروط وأقل الأسعار. وكذلك تشجيع البحث والتطوير لإيجاد الحلول المناسبة لتوفير الطاقة في الأردن، ولاننسى ضرورة تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في كافة القطاعات ومنها القطاع الصناعي.
مضيفا أن الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة يؤدي إلى رفع الأسعار المحلية للمشتقات النفطية والكهرباء ومن ثم رفع تكاليف الإنتاح الصناعي، وذلك من خلال الزيادة المباشرة لتكلفة الطاقة المستخدمة في الإنتاج و كذلك من خلال زيادة كلفة المواد الأولية و السلع الوسيطة المستوردة التي تستخدم في هذا الإنتاج والتي ارتفعت تكاليفها وأسعارها في الخارج بسبب ارتفاع كلفة الطاقة. علماً بأن الأردن يستورد نسبة لا بأس بها من مدخلات إنتاجه عموماً ومن ضمنها مدخلات إنتاجه الصناعي.
وعن المسؤولية الإجتماعية للمدن الصناعية قال الدكتور محسن كلوب مستشار الرئيس التنفيذي لشؤون التطوير والخدمات في شركة المدن الصناعية إن الشركة ساهمت في الجوانب الداعمة للنهضة الاجتماعية وفعاليات المجتمع المدني المحيط بمدنها سواء كان ذلك بدعم مباشر من خلال التبرعات العينية والنقدية أو بالتدريب والتأهيل للكوادر البشرية وإيجاد فرص العمل التي أدت إلى تحسين مستوى الحياة للعديد من الأسر ومكّنت الكثير من الشباب وخاصة الفتيات من دخول سوق العمل والاعتماد على الذات. وبين كلوب أن التحديات والتطورات التي شهدتها الساحة الدولية
والإقليمية والمحلية خلال السنوات القليلة الماضية فرضت ضغوطا كبيرة على الإقتصاد الأردني ومنها القطاع الصناعي ، حيث فاقت قدرته على استيعابها، أبرزها: ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأساسية، وتكرار انقطاع واردات الغاز المصري وما نجم عنه من ارتفاع في فاتورة مستوردات الطاقة، وتزايد أعداد اللاجئين السوريين وما رافق ذلك من ضغط على الموارد الاقتصادية المحدود، وارتفاع الإنفاق العام للحكومة والذي زاد من العبء على المالية العامة.