50 % من الأطفال تعرضوا للإساءة الجسدية
في سياق تأكيدهم أن العنف المجتمعي "مظهر لأزمة أكبر ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية" ناجمة عن التحولات التي عاشها المجتمع الاردني خلال العقدين الماضيين"، حذر مختصون من ازدياد هذه الظاهرة.
وشدد هؤلاء المختصون، خلال ندوة حوارية نظمها المجلس الوطني لشؤون الأسرة ومؤسسة نهر الأردن أمس حول العنف المجتمعي والأمن الاجتماعي، على ان "معالجة هذه الظاهرة غير ممكنة من المنظور الأمني فقط، ولكن بالتوازي مع برامج وخطط متعددة الأبعاد تتضافر فيها جهود المؤسسات الرسمية وغير الرسمية".
وأكد وزير الداخلية حسين المجالي، خلال افتتاح الندوة، أن "الحل الأمني ضروري لمواجهة تلك المشكلة، لكنه لا يسد الفراغ"، مشيرا إلى أنه برغم تواجد رجال الأمن في مختلف مواقع الدولة، إلا أن هذه الظاهرة ما تزال تطل برأسها "وتزداد طالما ظلت العوامل القانونية والاجتماعية والاقتصادية قائمة".
وأضاف إن "شعور الافراد بعدم العدالة والمساواة في كثير من الحقوق وعدم الحصول على فرص عمل بنزاهة وشفافية، وانحدار ثقافة التنافس الشريف، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، تشكل أرضية خصبة وبيئة ملائمة لانتشار العنف".
واعتبر أن "ضعف الثقافة القانونية وجهل الكثيرين بقوة القانون وقدرته على تحصيل حقوقهم سبب آخر للعنف المجتمعي".
من جهتها، قالت وزيرة التنمية الاجتماعية ريم أبو حسان إن ضحايا العنف المجتمعي "هم في الغالب من المستضعفين كالأطفال والنساء وكبار السن وذوي الإعاقة"، مشيرة الى ان ذلك يرتب تكاليف مالية وتداعيات صحية واجتماعية وثقافية ترهق موازنة الدولة.
وبينت أن إحصائيات الوزارة تشير إلى أنه خلال الـ 17 عاما الماضية تم تسجيل 35 ألف حالة عنف ضد امرأة وطفل، أي بمعدل 4 آلاف سنويا، فيما تقدر المعدلات السنوية للأطفال المتهمين والمدانين بخرق القانون بحوالي 4500 سنويا.
واعتبرت أبو حسان أن "الحماية الاجتماعية للمعرضين للعنف المجتمعي، يجب ان تكون نابعة من نهج حقوق الإنسان"، لافتة الى أن الوزارة قدمت مقترحات لتطوير محور الحماية الاجتماعية والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المنبثقة عن المشروع المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للفترة من 2015 إلى 2025.
وشددت على محور الوقاية، والذي يتطلب مستوى رفيعا من الاستعداد الوطني من خلال "توفير البيانات والمعلومات عن مرتكبي العنف وضحاياه ومسبباته وآثاره"، ومدى نجاعة التدخلات القانونية والاجتماعية والنفسية في أوضاع مرتكبي وضحايا العنف.
من جانبه، قال أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة فاضل الحمود إن "العنف أصبح مصدر قلق ورعب لكل أسرة، وبات قنبلة موقوتة".
وقال مدير عام مؤسسة نهر الأردن غالب القضاة إن السمة الغالبة على العنف المجتمعي "أنها شبابية بامتياز"، مشيرا إلى أن شريحة من هم دون 25 عاما يشكلون حوالي نصف السكان، ما يتطلب التركيز على هذه الفئة عند تناول قضية العنف المجتمعي.
وأشار إلى أن الشباب يواجه تحديات جمة "تتمثل بالبطالة والفقر، والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر نتيجة الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة والمتزايدة، وغياب المنظومة الشاملة لرعاية الشباب".
وأكد الحاجة لإعادة الثقة بجيل الشباب ودعمهم "من خلال التدخل لمواجهة التحديات التي تعترضهم، وتعزيز ثقافة احترام الرأي والرأي الآخر وعدم التعصب"، مشدداً على أهمية تعزيز الهوية الوطنية، "حتى لا نتيح للهويات الفرعية تجاوز دولة القانون".
من ناحيتها، قالت مديرة برامج حماية الطفل سامية بشارة، في ورقة قدمتها حول "التعرض للإساءة في مرحلة الطفولة كعامل خطورة للسلوك العنيف بين الشباب في الجامعات"، إن مجموع المشاجرات الجامعية بين عامي 2010 و2013 بلغ 296، وصل عدد المشاركين فيها إلى 3999 طالبا.
ولفتت إلى أن الإساءة للطفل تعد احد العوامل المسببة لظاهرة العنف الجامعي، قائلة إن الابحاث اظهرت أن "التعرض للعنف في المنزل خلال فترة الطفولة يؤثر على المراهقة والرشد".
وأشارت بشارة إلى أن دراسة أعدتها "نهر الأردن" على أحد أحياء شرق عمان حول "واقع العنف ضد الأطفال في الأردن"، أظهرت أن 50 % من الأطفال تعرضوا للإساءة الجسدية من قبل ذويهم أو إخوتهم أو معلميهم، وأن 70 % تعرضوا للعنف اللفظي في المنزل، و30 % تعرضوا للعقاب البدني من قبل أحد أفراد الاسرة، "في حين تعرض ثلث الأطفال لإساءة جنسية من قبل أقرانهم في المدرسة أو الحارة أو البالغين".
وبينت "ان عدد قضايا الأطفال بحسب أرقام ادارة حماية الأسرة منذ العام 2013 ولغاية نيسان (أبريل) الماضي بلغت 1044، عدد المجني عليهم فيها 1061".
واعتبرت ان العنف ضد الأطفال بتزايد مستمر بحسب المؤشرات الإحصائية، "وهناك حالات عنف ضد الأطفال لا يتم التبليغ عنها، ما يستدعي زيادة الوعي ببرامج الحماية، بالتوازي مع تفعيل مشاركة المؤسسات الوطنية العاملة في هذا المجال، علاوة على مسؤولية المجتمع في الإبلاغ عن وقوع إساءة ضد الأطفال".
من جهته، بين رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي جواد العناني في ورقة قدمها حول "الجوانب الاقتصادية للعنف المجتمعي"، أن "الاحصائيات تظهر أن حجم الاستهلاك الاسري يزيد على 15 % من مجموع الدخل المتاح للأسر، وهذا يعني ان العجز في موازنات الأسر يمول إما بالديون أو عن طريق تسييل الموجودات الثابتة كالأراضي والممتلكات".
وأوضح أن هذا الضغط "أحد أسباب تولد العنف داخل الأسر، بدليل ازدياد الحالات التي يتعرض بها الأطفال والنساء للعنف وارتفاع نسبة الطلاق".
وتطرق العناني إلى أثر اللجوء السوري في ازياد حالات العنف الأسري، لافتا إلى ان الأرقام تشير إلى أن نحو ثلث النزيلات بدور الرعاية المخصصة للنساء هن من السوريات، في وقت تزايدت أعداد الأردنيات اللواتي تعرضن للأذى من أزواجهن وتهديدهن لهن بالزواج من "سورية".