همم المتطوعين تزهو في العاصفة الثلجية "هدى"
كشفت العاصفة الثلجية “هدى” التي تأثرت المملكة بها منذ الأربعاء الماضي جهود المتطوعين الكبيرة في الأزمات، بل أثبتت تميز كثيرين من الشباب من أصحاب الهمة العالية الذين يتمتعون بحس تطوعي وتعاوني عال، سيما أولئك الذين شاركوا متطوعين ومبادرين بمد يد العون والمساعدة للآخرين كل قدر استطاعته.
مبادرات شخصية واجتهاد تطوعي ناتج عن دافع انساني، كل هم أصحابها تقديم المساعدة لمن يحتاج فعلا لها، على أي صعيد كان، مقدمين صورة مشرقة لغد أفضل.
“الغد” رصدت بعضا من الأعمال التطوعية المتعددة عبر المنخفض الثلجي، سواء عبر اللقاء بهم أو من خلال الاتصال الهاتفي بكثيرين منهم.
عدد من المتطوعين في منطقة طبربور في عمان توجهوا صباح الخميس الماضي بسيارات الدفع الرباعي لتوزيع الخبز على سكان المنطقة، رغبة في مساعدة من لم يتمكن من التزود به أو تقطعت بهم السبل.
الخمسيني أبو محمد فوجئ بطرق الباب صباحا، ليقابله متطوع يقول له، “تفضل أخي الكريم هذا الخبز”، استبشر أبو محمد بهذا الصباح خيرا، قائلا “لسّ الدنيا فيها خير، الله يحيي أصل هالشباب ويحفظهم لأهاليهم وللوطن”.
أما ربة المنزل أم علي فقد كانت (ربطة الخبز) “وسيلة إنقاذ” لها من المتطوعين حسب قولها، فلديها ثلاثة أطفال صغار لا يمكن تركهم بمفردهم، وزوجها أصيب بإنفلونزا حادة منعته من الخروج من المنزل، ولم يتبق في البيت سوى بضعة أرغفة.
المتطوع عبدالله أبو خضير في منطقة أبو نصير/ عمان وضح أنه ومجموعة من الأصدقاء يقومون بأعمال تطوعية منذ العام الماضي، وفي هذه العاصفة قاموا بعمل غرفة عمليات لمساعدة أهل المنطقة والمحتاجين.
يقول أبو خضير، “قمنا بإنشاء حملة (اللي ما بلزمك بلزم غيرك) وموقعها في مدرسة أم حذيفة للبنات، على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يتم من خلالها توزيع الملابس والصوبات، كما شارك عدد من المتطوعين الذين يمتلكون سيارات الدفع الرباعي لتوصيل المعونات لأصحابها المحتاجين، بالتنسيق مع إدارة الدفاع المدني. وتابع أبو خضير “قمنا بالتنسيق مع مختار المنطقة محمد الرواشدة في جمع المتطوعين وتنظيم الأعمال ومن ثم تقديم المساعدات للأهالي في المنطقة، ووجدنا إقبالا كبيرا من شباب الحي الذين تطوعوا بالمساعدة وفعل الخير”. كما قام مجموعة من الشباب الشركسي والذين يمتلكون السيارات ذات الدفع الرباعي بالتبرع لتقديم خدماتهم لأبناء المجتمع في الظروف الطارئة من سحب سيارات إلى نقل حالات طارئة للمستشفيات أو تقديم مساعدات مختلفة.
ونشر هؤلاء الشباب أسماءهم وهواتفهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنهم المتطوع عصام جنكات الذي يعمل بجهود فردية في العمل التطوعي منذ العام 2002 حيث يقول: في الأعوام السابقة لم يكن عملنا منظما كما نرجو، أما هذا العام فقد تم التنسيق والتعاون من خلال عملنا في نادي الدفع الرباعي مع الدفاع المدني فلدينا مندوب هناك يخبرنا بالحالات الطارئة التي تتطلب المساعدة والعون ونتجه بسياراتنا صوبها، وأيضا بالتنسيق مع أمانة عمان ومجموعة من الشباب الشركس.
ويضيف “لدينا مجموعة (إيد بإيد) يضم مجموعة من الشباب المتطوعين بسياراتهم المجهزة تجهيزا كاملا، نتحرك بسياراتنا لمد يد العون والمساعدة لمن يحتاجها”، متابعا “ تنقلنا في مناطق مختلفة منها منطقة البيادر، خلدا، صويلح، وادي السير، وغيرها العديد وكانت الأولوية للحالات الطارئة مثل؛ حالات مرضى غسيل الكلى، نقل الأدوية، نقل الكاز والغاز، وصادفنا أثناء عملنا نقل سيدة تعرضت للانزلاق أرضا في منزلها وكسرت يدها، وتم نقلها للمستشفى لإجراء اللازم”.
بشار أبو نوار المنسق الإعلامي في نادي الدفع الرباعي عن عملهم في العاصفة (هدى) قائلا، “أنشئ نادي الدفع الرباعي بعد العاصفة الثلجية الماضية أليكسا بتصريح من وزارة الداخلية، بناء على الجهود والأعمال التطوعية التي قمنا بها حينها، لدينا 120 عضوا في الجمعية (70-80 شخصا) لديهم سيارات الدفع الرباعي المجهزة بونشات السحب والإنقاذ بحالات الإنزلاق والغرق.
ويردف أبو نوار “لدينا مندوب في غرف الدفاع المدني يتم التواصل معه من خلال أجهزة لاسلكية نتجه من خلالها للمناطق لتسهيل حركة السير، تركيزنا على الحالات الطارئة، فنقدم يد العون لمرضى غسيل الكلى والولادة وغيرها من الحالات، إلى جانب الحالات التي تستوجب تدخلنا في نقل المركبات العالقة والمعيقة لحركة السير، وهناك حالات إنسانية التي تتطلب نقل الغاز والكاز والدواء، وقد قمنا في اليوم الأول من العاصفة بنقل 83 حالة مرضية للمستشفى، وفي اليوم الثاني 88 حالة.
ومن مبادرات الخير وأعمال التطوع أيضا نشر أصحاب محلات للتدفئة منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” منها في منطقة إربد، مفادها “يمكنك استعارة هذه الصوبة ومن ثم إرجاعها”، وفي منطقة العبدلي نشر صاحب محل آخر (للمحتاجين: صوبات وبطانيات)، ووضع آخرين (بوست) لمد يد العون من بطانيات ومواد تموينية (سكر، رز،...) الاتصال على هواتف نشرت ليتم الوصول لهم وتقديم المساعدة.
وفي هذا الصدد يشير الاختصاصي الاجتماعي د. حسين خزاعي إلى أن العمل التطوعي يعكس شخصية المتطوعين وتنشئتهم الاجتماعية السليمة المنطلقة من القيم الاجتماعية السليمة والتربية الدينية الصحيحة والتي ترسخ قيم التعاون والتكاتف والمساندة الإجتماعية، والتي بدورها تعزز المحبة والتعاون بين أفراد المجتمع.
ويؤكد الخزاعي على ضرورة أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني والهيئات والجمعيات التطوعية بتبني هذه الأعمال التطوعية وتقديم الدعم المعنوي والمادي لهم، مشيرا إلى أن هذه الأعمال تخفف المعاناة عن المحتاجين للخدمات وتوفر لهم الدعم والمساعدة.
ويطالب الخزاعي الأهل بدعم أبنائهم وتشجيعهم وتوجيههم لحب العمل التطوعي والقيام به، مشيرا إلى أن العمل التطوعي يعد فرصة للتعرف على بعض ابناء المجتمع ومعرفة معاناتهم ويمنحهم الفرصة لكسب الخبرات والمهارات الاجتماعية بما توفره من مهارات تواصلية مع الآخرين، ويعمل على توفير أجواء السعادة والفرح على منفذي الأعمال التطوعية، كون العمل التطوعي يحقق من خلاله المتطوع الرضا النفسي والاجتماعي والديني.