تربويون: "التربية" نجحت بضبط "التوجيهي"
تباينت آراء خبراء ومتخصصين حول إجراءات وزارة التربية والتعليم لضبط امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي".
ففيما اعتبر البعض ان وزارة التربية والتعليم نجحت بشكل لافت هذا العام بإعادة المصداقية والهيبة لـ"التوجيهي" بدورته الشتوية الحالية، انتقد آخرون "مبالغة الوزارة بهذا الشأن".
ويرى مراقبون أن الوزارة واجهزة الدولة المختلفة كان لديها نية حقيقية في محاربة وضبط التجاوزات التي حصلت في السابق في امتحان "التوجيهي"، تسريب للأسئلة واقتحام قاعات وتهديد رؤساء قاعات او مراقبين.
وشهدت هذه الدورة، بحسب خبراء تربويين، التزاما واضحا من الاهالي والطلبة والمراقبين بتعليمات امتحان "التوجيهي"، ما كان له دور في تعزيز الثقة لامتحان كمعيار يجسد روح العدالة والمساواة بين الطلبة ويعبّر عن القدرات الحقيقيّة لديهم، دون مؤثّرات أو تدخّلات خاصة وأنه المعيار الوحيد لولوج الجامعات.
وفيما اشاد الخبراء بإجراءات الوزارة كونها ضبطت القاعات وقللت المخالفات، انتقد آخرون تلك الإجراءات باعتبارها "مبالغا فيها".
وتمثلت إجراءات الوزارة باعتمادها نماذج مختلفة للأسئلة، والاستعانة بأجهزة تشويش، والاستعانة بقاعات مركزية، وإلغاء الأسئلة الموضوعية والعلامة الحدية، فضلا عن الاستعانة بكوادر من ديوان المحاسبة للإشراف على متابعة مجريات الامتحان، "ما أسهم بشكل واضح في انخفاض عدد المخالفات مقارنة بالأعوام الماضية"، وفق مراقبين.
واعتبر وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي ان "ارادة الدولة المتمثلة بأجهزتها المختلفة نجحت في ضبط الامتحان، ومنع تجمهر الأهالي في الساحات وأمام المدارس التي يوجد فيها قاعات، من خلال تكاتف جهود وزارة التربية مع وزارة الداخلية وديوان المحاسبة.
وأوضح أن الالتزام الواضح والكبير من الطلبة والمراقبين بتعليمات الامتحان ساهم في ضبط الامتحان وتقليل عدد المخالفات، لكنه اعتبر ان الوزارة "بالغت ببعض الإجراءات التي تخذتها هذا العام" كتوزيع اقلام الحبر، مشيرا الى ان "هذا الاجراء غير مقبول وليس له معنى، فهناك طلبة معتادون على الكتابة بأنواع معينة من الأقلام، وهذا الإجراء لا يلبي رغبة الطلاب".
ومن ضمن الإجراءات غير المقبولة، بحسب السعودي، "إشراك ديوان المحاسبة"، متسائلا، "كيف تثق بمعلم يعطي حصة داخل غرفة صفية ولا تثق بمراقبته"، مبينا أن هذا له تأثير سلبي على المعلم "ويفقده الثقة بنفسه"، فضلا عن إلغاء العلامة الحدية، "وهو جريمة بحق الطلبة"، على حد تعبيره.
واعتبر السعودي، ان فكرة القاعات المركزية التي يوجد فيها عدد كبير من الطلبة، يعد اجراء سلبيا لأنه يؤثر على استرجاع المعلومات لدى الطلبة.
وأضاف، ان جميع الاجراءات التي اتخذتها الوزارة "اجراءات ادارية صارمة تتنافى مع الطبيعية البشرية"، مشيرا الى ان الطالب "قد يتأخر لظرف خارج عن ارادته او ينسى بطاقة جلوسه او الهوية الشخصية، ما يعني أنه بحسب تعليمات الوزارة سيمنع من دخول القاعة".
بدوره، أوضح أمين عام الوزارة الأسبق فواز جرادات، "أن اجراءات الوزارة كانت صحيحة وفي مكانها وساهمت في إنجاح الامتحان، وهذا الامر كان واضحا بصورة كبيرة هذه الدورة مقارنة بالأعوام السابقة.
ورأى "أن هيبة الامتحان كانت وما تزال موجودة"، مشيرا الى أنه لوحظ في هذه الدورة التعاون والتنسيق بين الوزارة والجهات المعنية مثل وزارة الداخلية وديوان المحاسبة والحكام الاداريين، الامر الذي ساهم في ضبط الامتحان بصورة لافتة وتحقيق النتائج المرجوة.
وأضاف، ان التزام الطلبة والمراقبين بتعليمات الامتحان ساهم في ضبطه، لافتا الى أن الطلبة النظاميين هم أقل فئة تخالف تعليمات الامتحان مقارنة بطلبة الدراسة الخاصة، "وإذا استمرت الوزارة على هذا النهج، فإنه لن يتقدم الا الطلبة الجادون الراغبون بالدراسة.
وأشار إلى أن اجراء الوزارة المتمثل بحرمان الطلبة الذين تجاوزا الحد المسموح به من الغياب، وحرمان الطلبة الذين لم ينجحوا في امتحانات المدرسة من التقدم الى "التوجيهي"، هو إجراء صحيح.
وكان وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات قال في تصريحات صحفية سابقة، ان الإجراءات التي اتخذت من قبل الوزارة والأجهزة المساندة حيال امتحانات "التوجيهي"، أسهمت بشكل واضح في انخفاض نسبة التجاوزات وحالات الغش مقارنة مع الدورات الماضية.
وقال إن إجراءات الوزارة، انعكست على مستوى الاستعداد الجيد للطلبة والتزامهم بالتعليمات الناظمة للامتحان، وبالتالي انخفاض عدد المخالفات بشكل ملموس، لافتا إلى دور وسائل الإعلام بالتوعية بتعليمات الامتحان ووعي أولياء الأمور والمجتمع المحلي وجهود المؤسسات الوطنية المساندة للوزارة. وأكد حرص الوزارة على المضي قدما في تعزيز الثقة بـ "التوجيهي" من خلال الالتزام بتنفيذ إجراءاته بما يضمن مأسسة ثقافة راسخة لدى الجميع بمعايير العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة، والشفافية في أداء الوزارة خلال تنفيذ الامتحان.
وسجلت لجان الامتحان بحسب مصدر مطلع في الوزارة، 1543 مخالفة لتعليمات الامتحان في الدورة الشتوية الحالية، في حين بلغت بالدورة الصيفية الماضية 2681 مخالفة، و6000 بالدورة الشتوية للعام الماضي.
من جهته، أكد الناطق الاعلامي لنقابة المعلمين أيمن العكور ان الاجراءات التي اتخذتها الوزارة لضبط "التوجيهي" كانت صحيحة وضرورية وأساسية لعقد الامتحان بأجواء مريحة.
واضاف، ان تقييم هذه الاجراءات ومدى نجاعتها سيكون بعد مؤشرات ستتضح بعد إعلان نتائج التوجيهي، لافتا الى أن الاجراءات التي اتخذتها الوزارة للحد من تجاوزات والغش كانت في مكانها، ولكن الوزارة حتى الآن لم تستطع منع تسريب الامتحان بعد بدايته بوقت قصير، ولكنها نجحت بمنع تسريب الأسئلة قبل بدء الامتحان.
واعتبر العكور أن الوزارة فشلت في بعض القاعات في منع تسريب ورقة الامتحان بعد بداية الامتحان، الأمر الذي ادى الى "تدخل بعض اولياء الامور في تغشيش طلبة"، مشيرا الى ان النقابة طالبت بضرورة تخصيص قاعات لامتحان التوجيهي تكون مجهزة بأجهزة تشويش.
وبين ان اجراء الوزارة المتعلق بإحضار إثبات شخصية في كل امتحان مبالغ فيه، "فهناك الكثير من الطلبة حرموا من التقدم لامتحان بسبب نسيانهم الهوية بالرغم من إحضارهم بطاقة الجلوس".
من ناحيته، رأى الدكتور سهيل عفانة، استاذ اللغة العربية للمرحلة الثانوية العامة، ان اجراءات الوزارة هذا العام افضل من السابقة، وامتحان الدورة الشتوية تميز بالانضباط، نافيا ان تكون الوزارة بالغت بإجراءاتها.
وبين عفانة ان بعض الامتحانات كان مستوى اسئلتها متدن ولا يليق بامتحان وزاري، وهذا ما حصل في امتحان مهارات الاتصال المستوى الثالث الذي تقدم له الطلبة في آخر امتحانات الدورة الشتوية، في حين كان مستوى امتحان مهارات الاتصال المستوى الرابع لطلبة الدراسة الخاصة اصعب من "الثالث"، وبالتالي ليس هناك توازن بين الامتحانين.
الى ذلك، تباينت آراء ذوي الطلبة بين مؤيد ومعارض لإجراءات الوزارة، فمنهم من اعتبر أنها تؤثر سلبا على نفسية الطلبة، فيما أكد آخرون أنها حققت أعلى درجات العدالة والمساواة بين الطلبة.
فقد اعتبرت والدة الطالبة روان امين أن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لضبط الامتحان جيدة، وحققت العدالة وقللت من نسبة الغش وزادت من الانضباط في القاعات.
وأكدت ام فراس أن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة جيدة وجعلت الطالب يبذل جهدا أكبر في الدراسة خوفا من الغش أو الحرمان من المادة أو الفصل.
لكن والدة الطالبة رهف حسام قالت، إن "الإجراءات التي اتخذتها الوزارة مبالغ فيها"، فالامتحانات لا تحتاج الى كل هذه التعليمات والتشديدات "التي أرعبت الطلبة وأثرت على نفسيتهم".
وقالت سناء احمد إن عدد "الدرك" الموجود أمام المدرسة يسبب التوتر للطلبة لحظة دخولهم الامتحان.