"مخاوف من مساءلة الوالدين قانونيا" .. ما السبب
مع بدء المطالبات بإلغاء المادة (62) من قانون العقوبات، والتي تبيح الضرب التأديبي للأطفال من قبل الوالدين، يبدي مراقبون الخشية من مطالبات الإلغاء، التي قد تصل إلى تجريم الوالدين في حال مواجهة الطفل بنوع من أنواع الضرب التأديبي.
وتظهر خشية المراقبين في ظل التباس مفهوم الضرب التأديبي لديهم، مع طرح أسئلة تتعلق بماهية الضرب التأديبي وأسلوبه، وعما إذا كل سلوك يحوي فعل الضرب يعتبر تجريما للوالدين يضعهم تحت بند المساءلة القانونية.
وتكشف منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" عن أن الأردن حل بالمرتبة الرابعة عربياً وعالمياً في ارتفاع نسب الضرب المنزلي، على نحو يبرز تقدم الأردن في تفضيل الأسر لضرب أبنائها لتهذيبهم أو معاقبتهم، لتبلغ النسبة (90%) من الأطفال الأردنيين.
ويلفت التقرير الذي أعلن مؤخرا إلى ميل الأهل للتوبيخ النفسي بنسبة أكبر من الضرب الجسدي؛ إذ بلغت نسبة من تعرض للتوبيخ فقط (22%) مقابل (3%) للتأديب الجسدي، بينما بلغت نسبة الذين تعرضوا لنوعي العقاب معاً (65%) من الأطفال الأردنيين في العمر ما بين 2- 14 عاماً.
بيد أن تربويين ومستشارين مشكلات أسرية يعتقدون بأن الضرب التأديبي مباح في الوقت والحاجة القصوى لاستخدامه بعد استنفاذ الوسائل الأخرى في حل المشكلات مع الطفل، دون أن يبرر هؤلاء التربويون الضرب أو إباحته من الوالدين تجاه أطفالهم في محاولة لتعديل سلوكهم.
ووفق التقرير، بلغت معدلات تعنيف الأطفال فلفئة العمرية (2 –4 أعوام)، 90 بالمائة، وفي الفئة العمرية (5 - 9 أعوام) 93 في المائة، و(88) في المائة للفئة العمرية (10 - 14 عاماً).
وبغض النظر عن نسب الأطفال ممن يتعرضون لعقاب بدني يفضي إلى أذى، فإن نائب أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة محمد مقدادي يقر بوجود مشكلة، لكنه يفرق بين الضرب التأديبي المباح بحق الطفل وبين الضرب الملحق أذى بالطفل.
وبخصوص المسح السكاني الذي أظهر تعرض ما نسبته (89%) من الأطفال لعقاب بدني، يعلق مقدادي بأن النسبة كبيرة، متسائلا إن كانت تلك النسبة جاءت ردا على نتائج أسئلة تتعلق بالضربة الخفيفة أو المؤذية أو العقوبة العنيفة، الأمر الذي يحتاج معه لمعرفة الأسئلة والخيارات التي طرحت في استبانة الدراسة.
وفيما يشير التقرير إلى تعرض ما نسبته (22%) من الأطفال لعنف 'مفرط'، وتعرض 6% فقط لتأديب غير معنف و'منضبط' مقابل (86%) شمل عقابهم التأديب والتعنيف في ذات الآن، يشدد مقدادي على أن المهم في المشكلة المطروحة يتعلق بالسؤال حول: كيف نوصل للأهل أساليب بديلة في التربية غير العقاب البدني.
وإن كانت الشريعة الإسلامية تحرم وتجرم الضرب المتسبب بأذى للطفل يلحق به تعطلا، يشير مقدادي إلى أن القصد من الضرب التأديبي في الشريعة، الذي لا يؤذي ولا يبكي التحذير من سلوك الضرب.
ويفرق المختصون بين الضرب التأديبي والضرب المفضي لأذى، كالعقاب البدني الشديد، والصفع على الوجه والضرب على الرأس والأذنين أو استخدام أداة للضرب، في الوقت الذي تشير نتائج المسح السكاني العام 2012 أن نحو (23 %) من الأهالي فقط يؤمنون بأن العقاب البدني ضرورة.
ورغم أن المادة( 62) من قانون العقوبات تبيح الضرب التأديبي للوالدين تجاه أبنائهم، إلا أنها تشترط ألا ينجم عنه أذى أو ضرر وفق العرف العام، ترى الأخصائية الأسرية فاتن حتاحت أن الضرب ما هو إلا نتيجة لفقدان الأمان في التعامل ما بين الأطفال ووالديهم، معتبرة أن الضرب مرحلة متأخرة ينبغي أن تؤذي، وأن الهدف منها إشعار الطفل بإعانته على النفس السوية.
وتلفت حتاحت على ضرورة التعامل مع الطفل بالحب والود والأمان والتفاهم مع والديه، مشيرة إلى أن الضرب لا يكون على بعد استنفاذ الوسائل والطرق التي تعتمد على التنبيه اللفظي والحرمان من الأمور المحببة للطفل.
ويتأتى رفض العقاب البدني للأطفال وفق مختصين اعتبارا من العنف الذي يولده السلوك العنيف من الأطفال، مشددين على أهمية تغيير مفاهيم وممارسة المجتمعات في التربية.